منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - محافظة العشاق
الموضوع: محافظة العشاق
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-09-14, 11:44   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
sollo44
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sollo44
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حل الشتاء سريعا على محافظة العشاق ، و مع قدوم هذا الفصل تململت الأشجار و الأشجان و الأتربة في جو مشحون من الحزن و الصمت ، و لعلعت طقطقات متتالية قادمة من آخر الأرض تشي بشتاء بارد و قاس لأبعد الحدود ، نهض المحافظ صباحا و تثاءب تحت نور الشمس الضعيف حتى خرج بخار شاحب من فمه ، و أدرك أن وقت العمل و الجد قد حان ، تسلح بمعطفه الجلدي و حذائه الإيطالي و ركب سيارته مسرعا نحو مكتبه على أن يكون أول اجتماع له اليوم مع مسستشاره سليمان الورجاني ، بدأ الاجتماع بسرعة في مكتب مغلق ، وكان في وسط غرفة المكتب طاولة زجاجية كبيرة قامت عليها مزهرية ورود نادرة ، و صحاف فواكه به برتقال و تفاح اسباني أحمر ، و في الجهة الأخرى من المكتب سماط ضخم عليه بقايا عشاء البارحة ، جلس الرجلان متقابلين و غارت أجسامهما في الكراسي الجلدية في حين نطق المحافظ قائلا :
- لقد حل الشتاء أيها المستشار ، و معه ستحل علينا مشاكل كبيرة كالجبال
فقال المستشار مطمئنا :
- لا تقلق جنابك ، فقد تحوطنا للكبيرة و الصغيرة و إن ربك لرحيم .
فتنهد المحافظ بمرارة غص بها حلقه و قال مسائلا :
- كيف يعرف الهناء سبيلا لقلبي و محافظتنا تقع وسط مجرى النهر و فوق رؤوسنا هذا الجبل الكبير ؟
سكت قليلا حتى خيم صمت سرعان ما شقه بسؤال أخر فقال حائرا :
- فماذا تقترح أيها المستشار ؟
و في الحين طقطق الآخر أصابعه و قذف بعينيه في اتجاهات مضطربة دلت على خوفه و قال في خفوت :
- الجبل يجلب المطر و النهر يجمع السيول و الأوحال و هما معا قد يغرقان محافظتنا الجميلة . علينا أن نقوم بجلاء كبير لمنطقة نراها آمنة و فيها نعيد تشييد محافظة جديدة ، و هكذا نحفظ العباد و البلاد .
نظر إليه المحافظ و قال ساخرا :
- قد نحتاج لخاتم سليمان و قد نحتاج لألف جن من شياطينه أيضا
- و لكنه الحل الوحيد في أيدينا
و في الحين نهره المحافظ صارخا :
- هل تظن أن سكان المحافظة سيرضون بالرحيل تاركين منازلهم و مقدراتهم و أحلامهم ؟ و هل تظمن لي بقائي محافظا في أعقاب الرحيل ؟
سكت المستشار جراء السؤال و قال في عطف :
- فماذا ترى جنابك ؟
قال المحافظ متحمسا :
- سنتخذ إجراءات حاسمة ، و سنبني المتاريس في أعلى الجبل و بالاسمنت و الحديد سنروض مجرى النهر ، و علينا بتجديد أقنية الصرف و شد المزاريب . و قبل نزول المطر علينا ببث نشرات الطقس على السكان قبل وقوع المحذور .
فقال المتستشار معتذرا :
- و هل فكرت في النفقات يا سيدي ؟
فرد عليه في حذر :
- الخزينة مملوءة فلا تقلق .
........ و مضى أسبوع من الاجتماعات و اللقاءات ، و خلال الاجتماعات المتوالية جادت العقول بأفكار شتى تحول بين المحافظة و الفيضان ، و طبقت تعاليم المحافظ على وجه التمام ، و قال أمين الخزينة ذات مرة :
- سيدي المحافظ لقد أنهكت هذه الاجراءات خزينتنا و نحن الآن بحاجة لحل جدي .
فتذمر الآخر و قال بصوت جهوري :
- فليحفظنا الله .
و في المحافظة تناثرت الأسئلة الطائشة بين السكان ، و استرجعوا اليوم الذي أتى فيه الفيضان على المحافظة بقوة دمرت كل شيئ . و تحدث الجميع في المجالس عن استعدادات المسؤولين فلم يتطمنوا و قال سفيان :
- لا نود أن تؤول بنا الحال جثثا زرقاء بين طيات الأوحال
و في الحين هتف مراد :
- و لا أنا أود .
و عزز رغبتهما رأي أحمد المناعي حين قال :
- ستشهد محافظتنا مرحلة جديدة من التطور أود أن أعيش لأراها .
فقال وحيدا مؤيدا :
- فليكن كذلك .
يتبع










رد مع اقتباس