تابع .........................
كلنا ندرك أن منْ أكل الربا فقد آذنه الله بالحرب، إن لم ينته ويتبْ عن ذلك الجرم العظيم ، كلنا يدرك هذا ؛ ولكن هل نحن ندرك – أيضاً – أن من آذى أولياء الله فقد حارب الله –جل وعلا - كما تبين من الحديث السابق !؟ هل نحن نستحضر هذا الوعيد الشديد ، عندما نهم بالحديث في عالم من العلماء ؟!
روى الخطيب البغدادي عن أبي حنيفة والشافعي - رحمهما الله - أنهما قالا: ( إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي ). قال الشافعي: ( الفقهاء العاملون ). أي أن المراد : هم العلماء العاملون .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ( من آذى فقيها فقد آذى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ومن آذى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد آذى الله -عز وجل- ) .
لعل في هذه النصوص تبييناً لفضل العلماء ، وتذكيراً ببعض ما يجب لهم علينا من الحقوق .
مكانة اللسان وخطورته
ولْنقِفْ وقفة ً لا بد منها في هذا المقام ، للتنبيه إلى خطورة اللسان ؛ لأننا قد تمادينا في التساهل بأمره ، والغفلةِ
عن صونه من الزّلل . وَلْنُوطَّئ لذلك بإشارة إلى فضل نعمة اللسان ، تلك الجارحة التي امتنَّ الله بها علينا ، وإنّ
مما يدل على عِظم شأنها ما حكاه الله - تعالى- عن موسى - عليه السلام-: من قوله : { واحْـلُلْ عقدة من لساني يفقهوا قولي } . [ سورة طه ، الآية : 27]
ويقول { ولا ينطلق لساني }، [سورة الشعراء ، الآية : 13]
وقوله عن أخيه هارون: { هو أفصح مني لسانا } .[ سورة القصص ، الآية: 34 ]
ويقول- سبحانه - ممتنا على عبده: { ألم نجعل له عينين ، ولسانا وشفتين } . [سورة البلد ، الآية : 8 ]
وعندما نتأمل – مثلاً – حال المحروم من هذه النعمة ألا وهو ( الأبكم ) ؛ فإننا ندرك – عقلياً – عِظَمَ هذه المنة الإلهية : هل يستطيع الأبكم أن يُعبر عما في نفسه ؟!
إنه عندما يُريد التعبير عن شيء فإنه يستخدم كثيراً من أعضائه ، ومع ذلك لا يشفي نفسه، ولا يبلغ مراده ، وإنْ بلغه فبشق الأنفس .
إذن ، فنعمة اللسان من أجلَّ النعم،ومن أكبر المنن الإلهية علينا.
فهل حافظنا عليها ؟هل استخدمناها في الخير وجنبناها الزور والواقعية في أعراض العلماء وغير العلماء ؟
إن النصوص تدل على خطورة أمر هذه الجارحة ، وفداحة الخسارة الناجمة عن التهاون في حفظها ، قال الله
– تعالى – في شأن الإفك : { إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم } .[ سورة النور ، الآية :15 ]
وقال – تعالى – في المنافقين : {فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد } .[سورة الأحزاب ، الآية : 19 ]
وقال– تعالى - :{ يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وتصِفُ ألْسِنَتُهم الكذب أنَّ لهم الحسنى } . [ سورة الفتح ،الآية :11]