جزاك الله خيرا أختي الفاضلة على هذه القصة البليغة ، التي تدل على عناية الله بعبده وحلمه ورفقه به فليت الناس يعقلون ما للحلم من فوائد ، وذكرتني قصتكي بقصة نبينا يونس صاحب الحوت ، الذي ذهب مغاضبا دون أن يؤذن له الله هجر قومه ، فأوجب عليه عقاب الله ، اذ فاجئت السفينة التي كانت تقله عاصفة هوجاء فهم منها بحارتها أن العاصفة جاءت عقابا من عند الله على أحد من ركابها يكون قد اقترف اثما عظيما ، فاقترعوا بينهم ، فأصابت قرعتهم نبينا يونس عليه السلام ، وكرروا قرعتهم ثلاث مرات فكانت في كل مرة تصيب نبي الله ، فاتفقوا على رميه في البحر حتى يتخلصوا من ذنبه الذي أوجب عليهم غضب الله ، وعند القاءه في البحر الهائج تحرك نحوه حوت عظيم بأمر من الله والتقم نبي الله يونس ، ولبث في بطنه دون أن يهضمه الحوت ، الى أن رفع صوته الى الله يوما وهو في غاية الندم والاكتئاب ناجيا "لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين"، فسمعته ملائكة السماء وقال بعضهم لبعض ان هذا الصوت ليس بغريب هذا صوت نبي الله يونس ، وكانوا من قبل قد ألفوا صوته من كثرة تسبيحه ، واستجاب له الله تعالى ، وقال في القرآن أنه لولا تسبيحه للبث في بطن الحوت الى يوم يبعثون ، ولفظه الحوت بأمر الله في جزيرة مهجورة ، وخرج من بطنها سقما عليلا ، فأنبت عليه ربه سبحانه نبات اليقطين وهو نبات طارد للذباب ، وذلك حتى يحفضه من تكاثر الذباب عليه الى أن يستردّ عافيته ، وبدأ نبي الله يتعافى شيئا فشيئا وهو على ظل هذه اليقطينة ، وفي خلال ذلك كان كثيرا ما يحدثها ويخاطبها كالآدمي ، وذلك من فرط وحشة المكان وخلوه من الكائنات ، وفي يوم من الأيام جاءت عاصفة بحرية ، فغمرت الأمواج العاتية اليقطينة واقتلعتها ، وبعد هدوءها حضر نبي اله الى المكان باحثا عن اليقطينة التي فتح عينه عليها وألفها ، فلم يجدها ، فأسف عليها وصار يبكي على فقدانها ..وسأله ربه عن سبب بكائه ، فأخبره النبي يونس عن اليقطينة فقال الله ــ يا يونس أتحزن لضياعها ، فكيف بعبادي الذين أرسلتك اليهم لم تصبر عليهم وهم أعز علي من اليقطين .
فهم يونس الدرس ، وعزم بجد على الرجوع الى قومه والصبر على دعوتهم حتى يسلموا لله تعالى ، فلما حضرهم وجدهم جميعا مؤمنين وقد تهللوا لمجيئه ، اندهش نبي الله يونس لاسلامهم بعد غيابهم عنهم وهم الذين عاندوه ورفضوا رسالته ، فسألهم عن سبب دخولهم في دين الله ، فأخبروه أنه حينما غاضبهم وهجرهم رجعوا الى بعضهم البعض وقالوا ، والله اننا نخاف أن يمسنا من الله عذاب بعد أن عاندنا نبيه وأغضبناه ، فآمنوا جميعا خوفا من الله .