المقدمة
الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدَّر فهدى.
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور.
الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا
أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ الله على
كل شيء قدير.
والصلاة والسلام على رسول الله الذي جاءنا من أنفسنا
عزيز عليه ما عنتنا، حريص علينا، بالمؤمنين رؤوف رحيم، قائم
بحقوق خالقه أتمَّ قيام، غير مضيِّع لحقوق المخلوقين؛ لأنّ من
لازم القيام بحقوق الله تعالى القيام بحقوق المخلوقين، مرتِّب
لجميع أموره، قد أعطى ك ذّ لي حق حقَّه مع مراعاته لشؤون
أهله أتمَّ مراعاة وأكملها، ولم يهمل حقوق نفسه فقد أعطى لبدنه
حقه ولجميع جوارحه حقوقها، وبعد:
فهذه رسالة عن الترتيب في حياة طالب العلم وآثاره
الحميدة، والفوضوية وعواقبها الوخيمة... كتبتُها طمعًا في الأجر
والثواب، ونُصحًا لكاتبها وسامعها ومَن بَلَغ، وفيها بتوفيق الله
تعالى إجابات على أعذار يتشبَّث بها بعضهم ليرقع نقصه وتقصيره:
أحدهم يقول: أشغالي أكثر من أوقاتي...
وثانٍ يقول: لي زمن طويل أطلب العلم ولم أحصِّل شيئاً!
وثالث يقول: لا يمكن الجمع بين طلب العلم وبين أشغال
البيت...
ورابع يقول: هذا الوقت كثرت فيه متطلبات الحياة، من ضروريات وكماليات، وبين ذلك قوامًا، فلا نستطيع القيام
بمسؤولياتنا..
وخامس يقول: المسافات في مدينتي طويلة وزحمة الطرقات
مستديمة..
وسادس يقول: لا تتخيَّل كم أقضي الساعات في مشاغلي
الخاصة، ناهيك عن العامَّة...
وسابع يقول: زماننا هذا نُزِعت منه البركة..
وبكلِّ حال:
نعيبُ زمانَنا والعيبُ فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا
إذا قلّبت النظر في حياة هؤلاء... وجدت الفوضوية قد
ضربت أطنابها.. فوضى في صلة أرحامهم، فوضى في مواعيدهم،
فوضى في بيوتهم، فوضى في زياراتهم، فوضى في أسفارهم،
فوضى في حضور الدروس، فوضى في ترتيب مكتباتهم، فوضى
في وقوف سياراتهم...
ولمثل هؤلاء يقال:جاهدوا تلك الهمم الضعيفة والعزائم
العليلة، فالخير موجود، والبركة لا تنقطع.
واجعلوا في سويداء قلوبكم ونصب أعينُكم {الله لطيفٌ بعباده}
وفي الحديث القدسي « أنا عند حُسن ظنّ عبدي بي ».
ثمَّ أيضًا:
أين أنتم من:{ولا تيأسوا من روحِ الله } ؟
أين أنتم من:{لا تقنطوا من رحمةِ الله}؟
أين أنتم من قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : « إنما العلم بالتعلُّم »ومن قوله صلى الله عليه وسلم : « ومن يتصَّبر يُصِّبره الله »؟
واعلموا رعاكم الله تعالى أنّ من استعان بربِّه ثمَّ جاهد
نفسَه ورتّب أمورَه سيرى ما تقَرُّ به عينهُ وينشرح به صدرُه؛ من
بركة في الوقت، وتيسير في الأمر.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
الرياض صباح الأربعاء
١٤٢٨ هــــ