إنه قرار ملغوم مدروس بكيفية خبيثة جدا . حيث أن واقع الجزائر الحالي وطبيعة نظام حكمه لا يوحي أبدا أنه ستكون هناك وسائل إعلام حرة .لأن القابضين على زمام الامور في بلادنا ليس في صالحهم ذلك أبدا.
سوف يعملون مثلما عمل النظام المصري المنهار في قضية حرية الإعلام .أنا أرى أنهم سيستنسخون تلك التجربة التي كانت قائمة على مسخ الوزراء وانتقادهم و نشر غسيلهم للرأي العام المصري بدءا برئيسهم و انتهاء لأصغر وزبر.وفي نفس الوقت تبجيل و توقير و تعظيم فخامته رئيس الجمهورية الذي لا تمسه أي كلمة أو إشارة أوحتى إيماء يدل على انتقاده وعدم الرضا عنه . فكما يقال عندنا في الجزائر "يمسحو الموس" في الوزير . ولنا مثال واضح في هذا المجال أو في هذه التجربة عندما انتقدت إحدى"الجرائد" التي لا أتشرف بذكراسمها , السياسات الخارجية للجزائر بعد فضيحة الدبلوماسية الجزائر في قضية الثورة الليبية المباركة والدور السلبي الذي لعبته الجزائر في هذا المجال .فراحت هذه "الجريدة" تتحدث على تراجع دور الدبلوماسية الجزائرية منذ سنوات في قضايا عديدة وآخرها قضية الثورة الليبية و وضعت بجانب ذلك المقال صورة جميلة متوسطة الحجم لوزير الخارجية مدلسي وكأن هذا الأخير كان أيضا وزيرا للخارجية في السنوات الماضية , وكأن لسان حال كاتب المقال يقول : أن الذي يظهر في الصورة هو المسؤول عن مهازل الدبلوماسية الجزائرية ومتجاهلا بذلك أن السياسة الخارجية للبلاد يرسمها رئيس الجمهورية و يوجهها وهو المسؤول الأول والأخير عن فشلها أو نجاحها وما الوزير إلا معاونا ومنفذا فقط . فالمقال برمته لم يشر ولم يتطرق إلى رئيس الجمهورية ولو بحرف .
هذه هي حرية الإعلام التي تحدث عنها فخامته وأعطى الضوء لفتحها.