فإحقاق الحق وردّ الباطل واجب شرعي، قال الله عز وجل: (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)
فقد جاء في كلامي عن شيخ الإسلام قوله -في نفس المقال!!- : (وذلك أن المظلوم، وإن كان مأذوناً له في دفعِ الظلمِ عنه، بقوله تعالى: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِن سَبِيل) سورة الشورى 41
فذلك مشروط بشرطين:
أحدهما: القدرة على ذلك.
والثاني: ألا يَعتْدِى.
فإذا كان عاجزاً أو كان الانتصارُ يُفضى إلى عدوان زائد، لم يَجزْ.
وهذا هو أصل النهى عن الفتنة؛ فكان إذا كان المنتصر عاجزاً وانتصاره فيه عدوان، فهذا هذا.
ومع ذلك فيجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بحسب إظهار السنة والشريعة، والنهي عن البدعة والضلالة بحسب الإمكان، كما دل على وجوب ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وكثيرٌ من الناس قد يرى تعارضَ الشريعة في ذلك، فيرى أن الأمرَ والنهيَ لا يقوم إلا بفتنةٍِ، فإمَّا أن يؤمر بهما جميعاً، أو ينهى عنهما جميعاً. وليس كذلك، بل يؤمر وينهى ويصبر عن الفتنة، كما قال تعالى: (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ) سورة لقمان 17
وقال عبادة: (بايعنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في عُسْرنا ويُسْرنا ومَنْشطنا ومكرهنا وأَثَرة علينا، وألاَّ ننازع الأمر أهلَه، وأن نقوم أو نقول بالحق حيث ما كُنَّا، لا نخافُ في الله لَوْمَة لائِمٍ) ، فأمرهم بالطاعة ونهاهم عن منازعة الأمر أهلَه، وأمرهم بالقيام بالحق.
ولأجل ما يظن من تعارض هذين تعرض الحيرة في ذلك لطوائف من الناس، والحائر الذي لا يدري -لعدم ظهور الحق وتميز المفعول من المتروك- ما يفعل؛ إما لخفاء الحق عليه، أو لخفاء ما يناسب هواه عليه). انتهى
يا أخي لا نقولُ ذلكَ لكي نجرِّىءَ الشبابَ على الولوجِ في الفتنِ، وإنما لكلِّ مقامٍ أهلُهُ،
فالفتنةُ لا بدَّ أن تُجتثَ من جذورِها، لأنها تحولُ دونَ أن يكونَ الدينُ كله لله، قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ)..
فالواجبُ ردُّ الباطلِ ولكن بالكتابِ والسنةِ وبما عليه سلفُ الأمَّةِ، وأن يكونَ بالشروطِ التي ذكرَها شيخُ الإسلامِ -رحمه الله- ، فتنبه أخي الكريم،
قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً) .
وفقنا الله وإياكم وإخواننا للعلم النافع والعمل الصالح..