تمثيل رسول الله وتمثيل آل بيته وأصحابه رضوان الله عليهم
لفضيلة الشيخ محمد المنتصر الكتاني
المستشار العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة
تمثيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرام لا يجوز، بنصوص القرآن والسنة النبوية وإجماع المسلمين وقد يكون ذلك كفرا وزندقة.
وكما لا يجوز تمثيله صلوات الله عليه، لا يجوز حضور تمثيله، ولا الموافقة عليه، ولا مساعدة مرتكب ذلك بأي نوع من أنواع المساعدة إذناًله، أو تصوير الكعبة المشرفة، أومكة المكرمة، والضريح النبوي، والمدينة المنورة، أو أي شيء في معناها ليظهر حاكيه عليه الصلاة والسلام في منزل الوحي، ودار ولادته، ومرتع صباه، ودار هجرته ومدفنه صلوات الله وسلامه عليه.
ومرتكب ذلك بالتمثيل نفسه، أو الحضور فيه، أو معاونته، أو الموافقة عليه بفتوى، أو جاه، أو نفوذ أو أي شيء يكون منه لعمل ذلك التمثيل, فاعل ذلك بنفسه، أو بتأييده، ولو باللسان، فضلا عن المشاركة ملعون بلعنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ومع اللعنة يعاقب أيضا بالطرد من بلده والنفي من بين قومه وعشيرته.
وكذلك لا يجوز ويحرم تمثيل آل بيت النبوة، وأصحاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ويجب احترامهم بأمر الله تعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والممثلون أهل لعب ومجون، وأهل كذب واستخفاف، وقد يصل بهم اللعب في التمثيل والكذب إلى الاستخفاف بمن يجعلونه غرضا لذلك التمثيل وهدفاً، وإذ ذاك يصبح التمثيل كفرا وزندقة، عقوبته القتل بلا استتابة، ولا يبقى حكمه عدم الجواز والحرمة فقط، ولا يكفي في عقوبته اللعنة لمرتكبه والساعي فيه والنفي من البلاد فقط.
ونص التحريم من القرآن الكريم قوله تعالى لمن جعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هدفا للعبهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}.
قال ابن العربي المعارفي: "لا يخلوا أن يكون ما قالوه من ذلك جدا أو هزلا، وهو كيفما كان كفر، فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمة".
ونص التحريم من السنة النبوية، قصة الحكم بن أبي العاص الأموي، ومحاكاته للنبي صلوات الله وسلامه عليه، قال ابن عبد البر الأندلسي: "كان الحكَم يحاكي النبي صلى عليه وسلم في مشيته وبعض حركاته، أي كان الحكم يمثل النبي صلوات الله عليه، وكان الحكم من مسلمة الفتح ومطلقيهم.
ذكروا أن النبي صلوات الله وسلامه عليه كان إذا مشى يتكفأ، وكان الحكم بن أبي العاص يحكيه – يمثله-، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فرآه يفعل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: "فكذلك فلتكن"، فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ.
وأخرج البيهقي في دلائل النبوة عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق : "كان الحكم يجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، فبصر به عليه الصلاة والسلام، فقال: "كن كذلك"، فما زال يختلج حتى مات".
وروى الفاكهي: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه وهو يلعن الحكم بن أبي العاص ونفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة المنورة إلى الطائف.
وروى ابن أبي خيثمة وغيره بعدة أسانيد عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت لمروان: "فاشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه"، ورواه النسائي والحاكم وابن مردويه وغيرهم، ورواه الإسماعيلي وسكت عنه الحافظ، وهو بسكوته عنه يعتبر صحيحا حسب قاعدته، وكذلك قال له أخوها عبد الرحمن: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك" رواه البزار وحسنه الهيثمي.
وورد ذلك عن الحسن والحسين ابني علي عند أبي يعلى في مسنده.
وورد أيضا عن ابن الزبير عند أحمد والبزار في مسنديهما، والطبراني في معجمه، وصححه الهيثمي, وعن عمرو بن مرة الجهني رفعه: فعلى -الحكم- لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, ورواه الطبراني ووثقه الهيثمي، وورد لعنه عن عبد الرحمن بن عوف عند الحاكم، وعن عبد الله بن عمر عند الطبراني، وعن عطاء الخراساني مرسلا عند الفاكهي، فهو برواته العشر متواتر، وصححه الحاكم والحافظ والهيثمي.
وأخرج ابن عبد البر في الاستيعاب بسنده إلى قاسم بن أصبغ في سننه، عن عبد الله بن عمر وابن العاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل عليكم رجل لعين، قال: فدخل الحكم ابن أبي العاص" ورواه احمد والبزار في مسنديهما والطبراني في معجمه، وصححه الهيثمي.
وهجا عبد الرحمن بن حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مروان ولد الحكم فقال:
-يتبع-