منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - رد علي من يري حرمة الخروج علي الحاكم الظالم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-08-28, 02:02   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا : الأحاديث الدالة على أن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر :

فقد قال r: « إن الله يؤيد هذا اليدين بالرجل الفاجر » ([1]) . وفي رواية « ... بأقوام لا خلاق لهم » ([2]) .
فإذا كان الدين قد يؤيد وينصر بسبب رجل فاجر ، ولا يضر الدين فجوره فلا يجوز الخروج على الأئمة الفجرة لمجرد فجورهم ، لأن فجور الفاجر منهم لا يضر هذا الدين وإنما ضرره على نفسه ، وقد يجر هذا الخروج إلى فتن وويلات لا تحمد عقباها .

رابعاً : ومن الأدلة على عدم الخروج أيضًا موقف الصحابة الذين توقفوا عن القتال في الفتنة ، وموقف علماء السلف أيام حكم بني أمية وبني العباس وكان في بعضهم فسوق وظلم ، ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كفره بعضهم ، وكان الحسن البصري يقول : ( إن الحجاج عذاب الله فلا تدافعوا عذاب الله بأيديكم ولكن عليكم الإستكانة والتضرع
فإن الله تعالى يقول : ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ([3]) ) ([4]) .
وقيل للشعبي في فتنة ابن الأشعث ([5]) : أين كنت يا عامر ؟ قال : ( كنت حيث يقول الشاعر :

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوت إنسان فكدت أطير ([6])
أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء ) ([7])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ولهذا استقر رأي أهل السنة على ترك القتال في الفتنة ، للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي rوصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم ([8]) .

قلت : ولا يكاد أحد من علماء السلف يذكر عقيدته إلا وينص على هذه المسألة ذاتها ، ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره الإمام أحمد في عقيدته في أكثر من رواية حيث قال :
( ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق ([9])
وسيأتي تقرير مذهب الإمام أحمد قريبًا إن شاء الله . وبنحو كلام الإمام أحمد هذا . نص على ذلك أبو زرعة ، وابن أبي حاتم الرازيان ([10]) ، وعلي بن المديني ([11]) ، وغيرهم كثير : كالطحاوي ([12]) ، وأبي عثمان الصابوني ([13]) وغيرهم .


خامسًا : ومن الأدلة على النهي عن الخروج على الأئمة صلاة الصحابة رضوان الله عليهم خلف أئمة الجور والمبتدعة ،
وهذا يقتضي الإقرار بإمامتهم .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( إذا ظهر من المصلي بدعة أو فجور وأمكن الصلاة خلف من يعلم أنه مبتدع أو فاسق مع إمكان الصلاة خلف غيره ، فأكثر أهل العلم يصححون صلاة المأموم ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وهو : أحد القولين في مذهب مالك وأحمد ، وأما إذا لم يمكن الصلاة إلا خلف المبتدع أو الفاجر كالجمعة التي إمامها مبتدع أو فاجر وليس هناك جمعة أخرى فهذه تصلى خلف المبتدع والفاجر عند عامة أهل السنة والجماعة ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة السنة بلا خلاف عندهم ) ([14]) .

والذي يدل على ذلك الجواز فعل الصحابة رضوان الله عليهم حيث كانوا يصلون خلف من يعرفون فجوره ، كما صلى عبد الله بن مسعود وغيره من الصحابة خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وقد كان يشرب الخمر ، وصلى مرة الصبح أربعًا ، وجلده عثمان رضي الله عنه على ذلك ، وكان عبد الله بن عمر وغيره من الصحابة يصلون خلف الحجاج بن يوسف ([15]) ، وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف ابن أبي عبيد وكان متهمًا بالإلحاد ([16]) ، وأخرج ابن سعد عن زيد بن أسلم : ( أن ابن عمر كان في زمان الفتنة لا يأتي أميرًا إلا صلى خلفه وأدى إليه زكاة ماله ) ([17]) .


([1]) سنن الدارمي (2/241)
([2]) متفق عليه . رواه البخاري في ك : الجهاد . ب : 182 ، إن الله ليؤيد هذا الدين ... فتح الباري (6/179) ، ومسلم في : الإيمان . ب : غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه ، ح178 (1/105) . وذلك في قصة الرجل الذي قاتل مع النبيrوقال عنه إنه من أهل النار ، وظهر بعد ذلك أنه قتل نفسه .
([3]) سورة المؤمنون آية 76 .
([4]) منهاج السنة (1/241) .
([5]) كانت سنة إحدى وثمانين حينما بعث الحجاج ابن الأشعث قائدًا على الجيش لمحاربة رتبيل ملك الترك ، وكان كل منهما يكره الآخر ، فمضى ابن الأشعث ، وفتح كثيرًا من البلاد ، ورأى التوقف في فصل الشتاء حتى يذهب البرد ، ويتقوى المسلمون ، فعاتبه الحجاج ، وكتب إليه بكلام بذيء ، فلم يحتمله ابن الأشعث فشاور أصحابه في خلعه ، فوافقوه ، وجعل الناس يلتفون حوله ، فسير إليه الخليفة عبد الملك بن مروان جيشًا بقيادة الحجاج ، فهزمهم ابن الأشعث ودخل البصرة ، ثم رأى أن يخلع الخليفة أيضًا ، فوافقه جميع من في البصرة من الفقهاء والقراء والشيوخ والشباب ، ثم أخذت تدور بينهم المعارك ، منها معركة (دير الجماجم ) المشهورة ، وراح ضحية لهذه الفتنة خلق كثير من الصالحين . انظر بتوسع : البداية والنهاية (9/35) فما بعدها .
([6]) هذا البيت في غريب الحديث للحربي (ص 732) تحقيق سليمان العايد رسالة دكتوراه من جامعة أم القرى 1402 هـ . ورواه ابن قتيبة في الشعر والشعراء (787) ، وعزاه للأحيمر السعدي ، وانظر كتاب : العزلة للخطابي (ص 56) فقد رواه بسنده إلى الشافعي وعزاه إلى تأبط شرًا .
([7]) منهاج السنة (2/241) .
([8]) منهاج السنة (2/241) .
([9]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي تحقيق أحمد سعد حمدان : رسالة دكتوراه عام 1401 هـ . جامعة أم القرى (ص 158) .
([10]) نفس المرجع (ص 167) و(ص 179) .
([11]) نفس المرجع (ص 164) .
([12]) شرح العقيدة الطحاوية (ص 366) ط . 3 .
([13]) رسالة عقيدة السلف وأصحاب الحديث لأبي عثمان ضمن مجموعة الرسائل المنيرية (1/129) .
([14]) مجموعة الرسائل والمسائل الرسالة الأخيرة (5/198) تعليق محمد رشيد رضا . ن . لجنة التراث العربي .
([15]) حديث كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج ذكره ابن أبي شيبة في المصنف . وقال عنه الألباني : سنده صحيح على شرط الستة . انظر : إرواء الغليل (2/303) .
([16]) انظر : مجموعة الرسائل والمسائل (5/199) .
([17]) قال الألباني : سنده صحيح . انظر : إرواء الغليل (2/204) .