من علمك هذا البهتان ؟
شدني عنوان الموضوع هذا " الولاية السادسة تسبح في بحر من الألغاز والاستفسارات" فقلت في نفسي لعل في طياته ما يفيد المرأ فرحت أتصفحه لأقف في النهاية على حقيقة واحدة لاغير وهي أن صاحب الموضوع هو الذي يسبح في بحر من الزيف والأوهام معتقدا أن غرباله هذا سيحجب الشمس ويخفي الحقائق الدامغة ويمكنه من خلط الأمور على مواطني ومناضلي ومجاهدي الولاية الساسة.
أبشره بخيبة أمله، واطمئن هذا النبيل أن تاريخ الولاية السادسة كتب بدم آلاف الشهداء من أبناء هذه المنطقة الممتدة من جبال احمر خدو بالأوراس شرقا إلى المدية وقصر الشلالة غربا وتمنراست جنوبا وموقع بمئات المعارك المسجلة في كل وثائق ثورة التحرير ولاشئ يحير في هذه الولاية غير غبنك في امتلاك المعلومات الدقيقة وحقدك الواضح على الولاية والذي سنكشفه فيما يلي:
1 - تشويه سمعة الولاية: وهذا بوصف مواطنيها بالمتذبذبين الذين توزع جهدهم بين الجبهة والحركة الوطنية وفرنسا. وفي هذا خاب علمك فالولاية كانت جبهوية من يوم اندلاع ثورة التحرير إلى يوم الاستقلال، وحكاية الحركة الوطنية أنت أكثر الناس معرفة بأهلها وطريقة مقدمها إلى الولاية ومن جاء بها وكيف انتهى الأمر بصاحبها.
2 - الترويج لمنطقة معينة بعد التقليل من شأن مناطق أخري: ( الثورة المجيدة لم تصل إلى الصحراء ولا إلى بوابتها إلا بعد مؤتمر الصوماو) وكأنك تقول أن فضل الولاية الثالثة على الولاية السادسة لايعد ولا يحصى. - أخرس الله لسانك - لقد روت دماء المئات من الشهداى ربوع الصحراء قبل مؤامرة الصومام هذه، فعد إلى سجل الشهداء ليتضح لك غيك.
3 - زرع بذور التفرقة والشقاق بين المناطق المختلفة في هذه الولاية: ( لكن ماسيظل حقيقة....أن سكان الصحراء...رفعوا السلاح ضد الاستعمار قبل وصول جبهة التحرير...) فمن أين لك بهذا العلم، لن أزيد على هذا وأحيلك على التاريخ لعلك تتعلم .
(في ليلة أول نوفمبر 1954 وبأمر من القائد مصطفى بن بولعيد انطلقت من جبال "حمر خدو" بالأوراس مجموعة من أفواج المجاهدين قاصدة بسكرة لتنفيذ عمليات عسكرية إيذانا باندلاع الثورة، فسار كل من:
- الحسين برحايل والحسين عبد السلام رفقة فوجهما إلى الثكنة العسكرية ببسكرة.
- عبد القادر عبد السلام بفوجه إلى مركز الشرطة.
- أحمد قادة ومعه فوجه نحو محطة القطار.
- عبد الرحمان عبد السلام إلى بريد المدينة.
- عقوني عبد الله، وجيماوي إبراهيم قصدا بفوجهما المولد الكهربائي.
وبعد تنفيذ كل العمليات بنجاح انسحبت هذه الأفواج إلى جبال فوشي وشيشة بالأوراس.
في هذه الليلة تحددت معالم ناحية عسكرية مهمة في منطقة الأوراس إنها ناحية " حمر خدو" أو الناحية الأولى في المنطقة الثالثة آنذاك.
وفي هذه الليلة كذلك سجل التاريخ على صفحاته النيرة أسماء رجال يحق للجزائر التي ولدوا من رحمها أن تفتخر بهم.
وفي هذا الأثناء بالذات كان هناك في الضفة الأخرى من البحر رجل يحزم حقائبه ويردد كلمة في رسالة مستعجلة وردت إليه من الوطن تقول ( التمر قد نضج في مشونش).
إنه بلقاسمي محمد بن المسعود رفيق بن بولعيد و مسؤول جهة غسيرة في النضال السياسي، أوجدته الظروف النضالية في فرنسا فقرر العودة بسرعة حيث حط بالعاصمة يوم الثالث من نوفمبر ليجد نفسه وسط المجاهدين في الخامس من نفس الشهر جنب الحسين برحايل مسؤول الناحية.
وبعد معارك طاحنه مع المحتل رغم عدته وعدده تمكن مجاهدو الناحية من فرض سيطرتهم على المنطقة، فكثرت غنائمهم من الأسلحة، وتسابق الشباب للتجنيد في صفوف الجيش ، فارتفعت المعنويات ، وأصبح الطموح لا حدود له.
في شهر ماي 1955، وفي اجتماع لأفواج الناحية بمركز برقوق حضره قادة الأوراس آنذاك تم تعين بلقاسمي محمد بن المسعود قائدا ومسؤولا للناحية الأولى خلفا للمجاهد حسين برحايل الذي عين بإحدى نواحي خنشلة.
وهكذا، وبمجرد تسلم مهامه على رأس الناحية ،أفصح الرجل عن طموحاته الرامية إلى تنظيم الناحية وتوسيع رقعتها نحو الصحراء فتكون:
- فرع بلعى وغسيرة بقيادة بن جديدي علي وكاتبه مزيان عماري.
- فرع سيدي عقبة وسريانة وقارضة ومشونش بقيادة رمضان حسوني ومعه عبد الكريم سلاطنية وأحمد قادة.
- فرع بسكرة وجمورة ولبرانس بقيادة الحاج اعمر عساسي.
- فرع الجبل الأزرق بقيادة عقوني عبد الله وعمار كردود وعيساوي السعيد.
- فرع بني فرح والقنطرة بقيادة المجاهد محمد بن بولعيد.
- فرع قديلة وضواحيها بقيادة منفوخ البشير
وخلال هذا التنظيم تم إنشاء فرع خاص بالصحراء والزاب حتى بوسعادة وأسندت قيادة أفواجه لمحمد بن أحمد عبداللي وعبد السلام الحسين بن عبد الباقي والصادق جغروري،( وأحمد بن عبد الرزاق، وإبراهيم جيماوي كلفا بناحية بسكرة).
سارت هذه الأفواج نحو أولاد جلال، ، أولاد سليمان، لحملات، أولاد زيان، أولاد خالد، أولاد فرج، إلى غاية أولاد نايل شرقا وبوكحيل غربا.
كما توجه محمد بن أحمد عبد اللي إلى نواحي بوسعادة وجال في مناطقها لمدة شهر قصد الاتصال بالمواطنين هناك، ثم قفل راجعا إلى الأوراس ليقود رحلة استكشافية أخرى من أجل التوعية والتجنيد إلى نواحي وادي ريغ، فاتجه إلى أم الطيور بينما توجه أحسوني رمضان إلى لمغير.
وبهذا دخلت المنطقة في أتون الثورة التي توسعت رقعتها وكثر جندها ومناضلوها ففرضت نفسها كولاية سادسة بعد ما كانت ناحية من نواحي الأوراس.
4 - مغالطة التاريخ: (اخفاء استشهاد بن بولعيد وقدوم عميروش للولاية الأولى للقيام بالتحقيق...)
فيما يتعلق باستشهاد القائد مصطفى بن بولعيد فالبحث جاري في أمر الضابط في الجيش الفرنس والمسمى "إيدير" والذي حول إلى قرية " منعة " لمتابعة تحركات القائد ليحول إلى باريس بعد تنفيذ المكيدة ثم يلتخق بتونس ليصبح مستشارا ومقربا من كريم بلقاسم، فلا تقلق نحن نتتبع أثار الجريمة.
أما مايتعلق باتهام عجول وبلقاسمي فلا أظن أنك تعرفهما ولا قرأت عنهما شيئا فاتق الله في من عاهدو الله وقائدهم على النصر أو الاستشهاد، ويكفي أن نذكرك أن بلقاسمي قدم 32 شهيدا من ناحيته في معركة إفري اللبلح كي يخرج القائد مصطفى بن بولعيد من طوق كان المستعمر يعتقد أن لانجاة له منه، وقعت هذه المعركة قبل استشهاد البطل بأيام، ولا نظن أن الذي يقوم بهذه التضحيات يلجأ إل الغدر والمكيدة. إنما الغدر والمكيدة يمكن قراءتهما بوضوح في مسعى عميروش الذي جاء إلى الأوراس لزعزعة تماسكه فبث الفتنة بهجومه الغادر على عجول وقتله لبلقاسمي وكل ذلك ليمهد لتقبل قرارات الصومام التي ما كانت لتمر لو بقي هؤلاء في عرينهم