المشكل ليس في ما أوردته في موضوعك أعلاه أخي الكريم
بل في إسقاطه على الثورات مجملا
لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
" أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر"
ومن قبيل هذا الجهاد، دفع ظلم السلطان الجائر بكل طرق شرعية لا تؤدي إلا مفسدة أكثر من مفسدة جوره
وأنظر كيف تفننت البائدة من الأنظمة قبل الثورات الأخيرة في إهلاك الحرث والنسل وإذلال الشعوب وقتل المعارض ورفع الموالي وإفقار الفقير ببيع لحمه وعرضه وعرقه للغني ...، مع إبقاءها على وجوه فاسدة في أماكن ثابتة عشرات السنوات ( وكأن البلاد عدمت الرجال غيرهم )، بعدما اتفق البشر والحجر والشجر من حولها على فسادها وضرورة رحيلها ...!
ثم لو كان حال هذا الحاكم ( أو نظامه من بعده ) ما كان، لن يكون أفضل من الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطب بعد توليه الخلافة وقال
" أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم "
هذا ويجب على المسلم في الوقت الذي يطالب فيه بالحق أن يجنح لتغيير نفسه، مع التركيز أكثر على تغيير النفس من قبيل أن الأمة ما هي في واقع الأمر إلا مجموعة بشر هو أحدهم، وهذا ما يستوجب عدم بحثه عن الخلل في الأسباب الخارجية دونما لوم للنفس ومحاسبتها، فيحتج بظلم السلطان وفساد المجتمع وكيد الكائدين وهكذا أشياء ....، بل نبحث عن الخلاص في داخل ذواتنا وإن كنا من أسباب نكسة هذه الأمة، والله قال وقوله الحق
" وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً "
وإلا فللإسلام قوة ذاتية لا تتوقف على عز العزيز أو ذل الذليل، مادام خالق الكون ضمن نصرة دينه ولو اتفق من في السماوات والأرض على إطفاء قبس نوره، ومن يشك في نصرة الله لعباده في الدنيا والآخرة فليتب إلى ربه وقد أخبرنا جميعا بناموس قرآني فقال
" مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنََ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ "
.................................................. ..........
أما بخصوص عنوان الموضوع بمعزل عن مضمونه
فهو يصدق حتى الان ( وفقا لوجهة نظري القاصرة ) في ما يجري بليبيا الجارة
أكثر من غيرها
لأن القدافي مجرم جاوز إجرامه أعتي المجرمين
لكن المجلس الانتقالي أجرم هو الآخر في حق الشعب الليبي الشقيق
وقد قدم ليبيا في طبق من ذهب إلى عدو يهتم بأنهار النفط
أكثر من اهتمامه بأنهار الدم
إلا إذا كنا نعتقد أن الغرب الرؤوف الرحيم تدخل لحماية الشعب الليبي
دونما مطالبة بتعويض عن كل دولار أولا
ثم المطالبة بمقابل تدخله ثانيا
والله أعلم