إليكم وحدكم.. في وحدتكم
يا أطفال غزّة... يا مرايا الصبّر والمحنة... يا شظايا الحقيقة المهشّمة في كتب التاريخ.. يا بقايا نخوة بعناها للوهم... يا أحفاد "أيّوب" الصبر و"يوسف" الابتلاء... يا بقايا النّفس منّا قبل الشّهقة الأخيرة... مهما عصروا خمر أفراحهم من كَرْم أحزانكم ومآسيكم... مهما عجنوا خبزهم الطريّ بقمح صبركم وعظامكم المفتّتة في أزقّة غزّة وشوارعها...
مهما أشعلوا شموع حقدهم من أجسادكم المحترقة... مهما طحنوا، من دموع أحزانكم وترمّل أمّهاتكم، قمح الكذب والأساطير... مهما تباكى القتلة- عُرْبا وغُرْبا- حزنا على قبوركم... ومهما عزّ النّاصر والنّصير... ومهما شحّ المدد… فأنتم نخل العزّة يموت واقفا بلا أحزان... زيتها المضيء الذي يبدّد ظلم الأكاذيب والشهوة المحمومة للقتل... ترياق سموم كلّ باحث عن حاضر واهم ومزيّف.
بالّله- إذا أردتم خلاصا- اكفروا بنا... القوا بنا في مزابل النسيان.. وأسقطونا من حساباتكم حاضرا ومستقبلا.. نحن من "بارك" قتلكم ونحن من "بشّر" به.. نحن لم نُعْل صوتا لإنقاذكم ولم نكن في يوم من الأيّام صالحين لإنقاذكم... نحن جرب الحاضر وسرطان المستقبل...
باللّه عليكم اكفروا بنا وألقوا بنا في جحيم النّسيان... إذا شرّقنا غرّبوا.. وإذا نصحناكم- كما طعنّاكم- قاطعونا واحتموا بصدوركم العارية وبقايا أشلائكم تحفظون بها ماء الوجه بعيدا عن أدران ضعفنا وصمتنا... كلّما اقتربنا منكم حملنا إليكم "فواكه" الهزيمة مغلّفة في ورق "السّيلوفان"... اكفروا بخطبنا وضعونا على لائحة الأعداء..
لا تستمعوا إلى مبادراتنا المسمومة التّي تغرّر بكم.. ولا تأكلوا خبزنا الذي عجنّاه من ملح دموعكم وخمائر الذّلّ والهوان... اتركونا نَهيم على وجوهنا، ونسبح في محيطات "الشرعيّة الدوليّة"، ونعوي في "صحراء ضبط النّفس" نعامة تائهة عن قطيعها... دعونا نغرق في "واقعيتنا" ونخطّط لخارطة تجفيف النّخوة والرجولة، وارسموا بدمائكم وأشلائكم طريق الوطن السجين بين حقد الأعداء وظلم ذوي القربى..
اختاروا موتكم- لا خيار- من العدوّ رصاصة الحقد و"الشوفينيّة" ومنّا رصاصة "الرّحمة" والغدر... ووحدكم تختارون نعش البداية والنّهاية..