سورية هي التي حمت الثورة..؟
الضجيج الإعلامي الذي افتعلته بعض الجهات الفلسطينية معروفة التاريخ والتوجه، بعد دخول قوات حفظ النظام والجيش السوري إلى مخيم الرمل الجنوبي للقبض على فلول الجماعات الإرهابية المسلحة، أثار تساؤلاً كبيراً عن الغاية من تضخيم الحادثة وتصويرها على أنها هجوم يستهدف مخيماً للاجئين الفلسطينيين.
إذ بدا مستغرباً أن تتبنى هذه الجهات المنطق ووجهة النظر الأمريكية، دون أن تقف على حقيقة ما جرى، بل وتتمادى في توصيف الشأن الداخلي السوري ومحاولة التدخل فيه والحكم عليه وفق الأجندة المدفوعة الأجر من الرياض والدوحة، وتبرير ما فعله اللصوص والمجرمين والقتلة وتصويره على أنه ثورة شعبية أو مطالب سلمية، يقف الجيش السوري وقوات حفظ النظام دون تحقيقها.
كنا نتمنى ممن ظهر على شاشات التلفزة ليتشدّق ويتباكى على الفلسطينيين ومخيماتهم المدمّرة، من أمثال ياسر عبد ربه وغيره، أن يدين أولاً عمليات القتل المنظّم وتهويد الأراضي المقدّسة والمضي قدماً في بناء المستوطنات وتقطيع ما تبقى من أرضٍ فلسطينية، وأن تعلو أصواتهم أمام تعنت نتنياهو وقادة العدو الصهيوني ورفضهم مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، وضربهم عرض الحائط حتى بالمبادرة العربية للسلام، وحشد الرأي العام العالمي للحؤول دون إعلان أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
لقد أطنب الذين تخلو عن أبناء شعبهم يوماً في عدوان غزة 2009 في اتهاماتهم وكذبهم، وتناسوا أن سورية تملك الحق الطبيعي في ملاحقة الإرهابيين أينما هربوا، وهي لا تنتظر الإذن من أحد للدفاع عن مواطنيها ضد كل أشكال العدوان والإرهاب.
وإذا سألنا عن الغاية من هذا الضجيج سيتضح أن مخطّط وسيناريو الأجندة المصوّبة باتجاه سورية، تقضي بضرب العلاقة بين سورية وحركات المقاومة الفلسطينية عبر إفهام الناس أن سورية بهجومها على مخيم الرمل الجنوبي تستعدي الفلسطينيين ضدها، تماماً كما فعل أولئك بادعائهم أن عناصر من الحرس الثوري الإيراني ومجموعات من حزب الله تساعد في قمع
التظاهرات في سورية، وبالطبع الغاية تتضح أكثر حين نعلم أن هدف هؤلاء إنما هو ضرب مكونات هذا التحالف بعضها ببعض، وخلط الأوراق لدرجة تشكيك شعوب تلك الدول بجدوى هذا التحالف وإسباغ الصفة الطائفية عليه.. وفي ظننا أن هذا هو آخر أشكال الإفلاس التي وصل إليها الأعداء والمتآمرون على سورية.
على أن المؤلم أكثر أن يتنكر البعض لتضحيات سورية وموقفها الصلب والمبدئي مع المقاومة والثورة الفلسطينية، ويتناسى أن أغلبية الحكام والحكومات العربية تخاذلوا وأحجموا عن دعم الفلسطينيين، في حين كانوا في سورية وكأنهم في بيوتهم وبين أهليهم، وخاض الجيش العربي السوري مع الفدائيين الفلسطينيين وفي خندق واحد معارك عدة ضد العدو الصهيوني في الجولان وجنوب لبنان.
إن الواجب القومي يستدعي أن يحمي العرب جميعهم ثورة الشعب الفلسطيني ليستعيد وطنه وأراضيه المحتلة، لكن ما الذي حدث في الواقع؟!.. ما إن وقع عرفات وقبله السادات اتفاقات سلام مع إسرائيل حتى تسابق بقية الحكام العرب لإقامة علاقات سرية وعلنية وتحت يافطات مختلفة كما المكتب الاقتصادي في قطر، فيما ظلت سورية الدولة العربية الوحيدة المتمسكة بالحقوق العربية وبالقضية الفلسطينية، واليوم تدفع ثمن هذا الموقف.
فهل يحق لمن باع فلسطين وفرّط بأراضيها وخان شعبها أن يتهم سورية بأنها تقتل الفلسطينيين؟.. هل يحق لبعض العرب أن يتهموا سورية باضطهاد الفلسطينيين، فيما هم قتلوهم وطردوهم ونكلوا بهم، كما حدث بعد غزو الكويت.. ومن باب التذكير لبعض خونة الخبز والملح لابد من القول: الفلسطيني في سورية يتمتع بحقوق المواطن السوري ذاتها، حين طرد الفلسطينيون من الخليج العربي استقبلتهم سورية، وحين طردوا من العراق وليبيا ومصر بذرائع مختلفة أيضاً فتحت لهم سورية أبوابها.. فهل فهم أولئك المارقين ماذا يعني الدور القومي لسورية؟.. باختصار شديد نقول لهم: سورية حمت الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني وستبقى على عهدها ما بقي الليل والنهار.
https://www.jpnews-sy.com/ar/news.php?id=29981