منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ما رأيكم في طريقة شرح الحديث
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-08-18, 14:33   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبد الحفيظ بن علي
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية عبد الحفيظ بن علي
 

 

 
إحصائية العضو










B18


2) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله  " إنّ الماء طهور لا ينجسه شيء" أخرجه الثلاثة وصححه أحمد.

تخريج الحديث :الحديث رواه أبو داود و الترمذي وقال: هذا حديث حسن والنسائي وأحمد قال أحمد شاكر رحمه الله نسبه ابن حجر في التلخيص للشافعي وأحمد وأصحاب السنن والدراقطني والحاكم والبيهقي، وقال صححه أحمد ابن حنبل ويحي بن معين وأبو محمد ابن حزم، " وصححه من المتأخرين الشوكاني والعظيم آبادي والمبارك فوري ومن المعاصرين الشيخ المحدث أبو الأشبال أحمد محمّد شاكر وذهبي العصر المعلمي اليمني والشيخ حافظ الوقت ناصر الدين الألباني .
وقال الألباني رحمه الله: الحديث صحيح بلا ريب فإنّ له طرقًا وشواهد يقطع من وقف عليها بصحته .
وقد قامت الحجة بتصحيح من صححه من أولئك الأئمة وله شواهد منها حديث سهل بن سعد عند الدراقطني ومن حديث ابن عبّاس عند أحمد وبن خزيمة وابن حبان ومن حديث عائشة عند الطبراني في الأوسط وأبي يعلى و البزار وابن السكن كلها نحو أبي سعيد .


سبب ورود الحديث :
والحديث له سبب وهو أنّه قيل لرسول الله  أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن فقال: " الماء طهور لا ينجسه شيء " .
التعريف بالصحابي راوي الحديث :
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، هو سعيد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي المدني، كان من علماء الصحابة وممن شهد بيعة الشجرة وروى حديثا كثيرًا وأفتى مدّة وأبوه من شهداء أحد، عاش أبو سعيد ستًا وثمانين سنة، حدّث عنه ابن عمر وجابر بن عبد الله وغيرهما من الصحابة .
شرح بعض كلمات الحديث :
بئر: البئر جمعها في القلّة ( أبؤر ) كأفلس، و ( أبآر ) كأحجار ومن العرب من يقلب الهمزة فيقول
( آبار ) كآثار فإذا كثرت فهي ( البئار ) كالديار و( بأَر ) بئرًا بهمزة بعدها باء حفرها ، وجمع الكثرة بئار مثل كتاب وتصغيرها ( بؤيره ) بالهاء وتضاف بئر إلى ما يخصصها فمنه ( بئر معونة ) ومنه بئر بضاعة بالمدينة والبئر كلمة مؤنثة .
بضاعة: هي دار بني ساعدة بالمدينة وهم بطن من الخزرج. وأهل اللغة يضمون الباء ويكسرونها والمحفوظ في الحديث الضم، كذا في المفاتيح، وقال في البدر المنير: بضاعة قيل هو اسم لصاحب البئر وقيل هو اسم لموضعها .
يطرح فيها: الطرح، إلقاء الشيء وإبعاده، والمطروح المرمي لقلّة الاعتداد به وطرحته طرحًا أي رميت به .
الحيض: بكسر الحاء جمع حيضة، بكسر الحاء مثل سدر وسدرة والمراد بها خرقة الحيض الذي تمسحه المرأة بها وقيل الحيضة الخرقة التي تستثفر المرأة بها .
النتن: بنون مفتوحة وتاء مثناة من فوق ساكنة ثم نون، قال ابن رسلان في شرح السنن: وينبغي أن يضبط بفتح النون وكسر التاء وهو الشيء الذي له رائحة كريهة من قولهم: نتِن الشيء بكسر التاء ينتَن بفتحها فهو نتن .
طهور: يذكر ويراد به المطهّر لغيره .
لا ينجسه شيء: لكثرته، فإنّ بئر بضاعة كان بئر كثير الماء يكون ماؤها أضعف قلتين لا يتغير بوقوع هذه الأشياء، والماء الكثير لا ينجسه شيء ما لم يتغير .والنجاسة هي كلّ شيء يستقذره أهل الطبائع السليمة ويتحفظون عنه ويغسلون الثياب إذا أصابها .والنجاسة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول : مغلظة
الثاني: متوسطة
الثالث: مخففة
وهذه النجاسة إمّا حكمية وإمّا عينية :
والمراد بالنجاسة الحكمية هي التي تقع على شيء طاهر فينجس بها، و أمّا العينية فإنّه لا يمكن تطهيرها أبدًا. فلو أتيت بماء البحر لتطهر روثة حمار ما طهرت أبدًا لأنّ عينها نجسة إلاّ إذا استحالت على رأي بعض العلماء .
" فإذا استحال ما هو محكوم بنجاسته إلى شيء غير الشيء الذي كان محكومًا عليه بالنجاسة كالعذرة تستحيل ترابًا أو الخمر يستحيل خلاًّ فقد ذهب ما كان محكومًا عليه بنجاسته ولا الصفة التي وقع الحكم لأجلها وصار كأنّه شيء آخر وله حكم آخر.
وبهذا تعرف أنّ الحق قول من قال بأنّ الاستحالة مطهرة " .
والحديث بظاهره " يدل على أنّ الماء لا يتنجس بوقوع شيء فيه سواء كان قليلاً أو كثيرًا ولو تغيرت أوصافه أو بعضها لكنه قام الإجماع على أنّ الماء إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة خرج عن الطهورية " . فقيد حديث " الماء طهور لا ينجسه شيء " بتلك الزيادة التي وقع الإجماع عليها .
وسيأتي تفصيل ذلك في مكانه.
وبئر بضاعة كثيرة الماء واسعة كان يطرح فيها من الأنجاس ما لا يغير لها لونًا ولا طعمًا ولا يظهر له فيها ريح .
وأمّا إذا تغير ماء البئر بالنجاسة فطريقة تطهيره بأحد ثلاثة أشياء :
- إمّا بزوال تغيره بنفسه،
- أو بنزح ويبقى بعده ماء غير متغير،
- وإمّا بإضافة ماء إليه ويزول معه التغير .
وأما الذي لم يتغير بوقوع النجاسة فيه فهو طاهر لا يحتاج إلى نزح أصلاً، وإن كان قد تغير لبعض أوصافه أو كلها فالواجب النزح حتى يزول تغييره سواء كان حصول زوال التغير بنزح القليل أو الكثير بل لو زال التغير بغير نزح لكان ذلك موجبًا لطهارته لأنّه عند ذلك يصير طهوراً ويعود عليه الحكم الذي كان له قبل تغيره وسواء كان الماء الذي في البئر قليلاً أو كثيراً فإنّه إذا زال تغيره صار طاهراً وأمّا الحكم ينزح القليل والملتبس إلى القرار أو إلى أن يغلب الماء النازح فليس ذلك إلاّ مجرد رأي ليس عليه أثارة من علم" فالماء الطهور إذا كان كثيراً ولم يتغير بالنجاسة فهو طهور ولو مع بقائها فيه لحديث بئر بضاعة ومسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار دون القياس .
هذا وقد اعترض الحنفية على هذا الحديث، بسؤالين:
أحدهما: أنّ بئر بضاعة عين جارية إلى بساتين يشرب منها والماء الجاري لا تثبت فيه النجاسة.
والجواب عنه أنّ بئر بضاعة أشهر حالاً من أن يتعرض عليها بهذا السؤال وهي بئر في بني ساعدة، قال أبو داود في سننه: قدرت بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضه ستة أذرع وسألت الذي فتح لي البستان فأدخلني إليها هل غير بناؤها عمّا كانت عليه فقال لا، ورأيت فيها ماءًا متغير اللون . ومعلوم أنّ الماء الجاري لا يبقى متغير اللون .
وذهب صاحب كتاب الهداية إلى أنّ ماءها كان جاريًّا فتعقبه الزيلعي رحمه الله بقوله: " وقول صاحب الكتاب إنّ ماءها كان جاريًّا بين البساتين هذا رواه الطحاوي في شرح الآثار عن الواقدي، فقال أبو جعفر أحمد بن أبي عمران عن أبي عبد الله محمّد بن شجاع الثلجي عن الواقدي قال: " كانت بئر بضاعة طريقا للماء إلى البساتين " اهـ ، وهذا سند ضعيف مرسل ومدلوله على جريانها غير ظاهر، قال البيهقي في المعرفة: وزعم الطحاوي أنّ بئر بضاعة كان ماؤها جاريًّا لا يستقر وأنّها كانت طريقًا إلى البساتين ونُقل ذلك عن الواقدي، والواقدي لا يحتج بما يسنده فضلاً عمّا يرسله وحال بئر بضاعة مشهور بين أهل الحجاز بخلاف ما حكاه .
وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: " وبئر بضاعة واقعة معروفة في شرق المدينة، باقية إلى اليوم، ومن قال إنّها كانت جارية فقد أخطأ، فإنّه لم يكن على عهد رسول الله  بالمدينة عين جارية بل الزرقاء وعيون حمزة حدثتا بعد موته إذ " لم يكن على عهد رسول الله  عين جارية أصلاً ولم يكن بها إلاّ الآبار منها يتوضؤن ويغتسلون ويشربون مثل بئر أريس التي بقباء، أ والبئر التي ببئر رحاء ( حديقة أبي طلحة ) والبئر التي اشتراها عثمان وحبسها على المسلمين وغير هذه الآبار وكان سقيهم للنخل والزرع من الآبار بالنواضح والسواني ونحو ذلك، أو بماء السماء أو ما يأتي من السيول، أمّا عين جارية فلم تكن موجودة وهذه العيون التي تسمى عيون حمزة إنما أحدثها معاوية في خلافته" .
وقال أيضًا رحمه الله:" بئر بضاعة باتفاق العلماء وأهل العلم بها هي بئر ليست جارية وما يذكر عن الواقدي من أنّها جارية أمر باطل، فإنّ الواقدي لا يحتج به باتفاق أهل العلم، ولا ريب أنّه لم يكن بالمدينة على عهد رسول الله  ماء جارٍ وعين الزرقاء وعيون حمزة محدثة بعد النبي  وبئر بضاعة باقية إلى اليوم في شرق المدينة وهي معروفة" .
وقال الحافظ بن حجر رحمه الله في الدراية: " أمّا قول إنّ ماء بئر بضاعة كان جاريًا بين البساتين فهو كلام مردود على من قاله، وقد سبق إلى دعوى ذلك وجزم به الطحاوي، فأخرج عن أبي جعفر بن أبي عمران عن محمّد بن شجاع الثلجي عن الواقدي قال:" كانت بئر بضاعة طريقًا للماء إلى البساتين " وهذا إسناد واه جدًّا، ولو صح لم يثبت به المراد لاحتمال أن يكون المراد أنّ الماء كان ينقل منها بالسانية إلى البساتين ولو كانت سيحًا جاريًا لم يسمى بئرًا " .
والسؤال الثاني: الذي اعترض به الحنفية على هذا الحديث هو قولهم: " لا يجوز أن يضاف إلى الصحابة أن يلقوا في بئر ماء يتوضأ فيه رسول الله  المحائض ولحوم الكلاب بل ذلك مستحيل عليهم وذلك بصيانة وضوء رسول الله  أولى فدلّ على ضعف هذا الحديث ووهائه"،
والجواب عنه أنّ الصحابة لا يصح إضافة ذلك إليهم ولا روينا أنهم فعلوا وإنما كانت بئر بضاعة
قرب مواضع الجيف والأنجاس وكانت تحت الريح وكانت الريح تلقي ذلك فيها" .
قال الطيبي رحمه الله: معنى يلقى فيها: أنّ البئر كانت بمسيل من بعض الأودية والتي يحتمل أن ينزل فيها أهل البادية فتلقى فيها تلك القاذورات بأفنية منازلهم فيكسحها السيل فيلقيها في البئر فعبّر عنه القائل بوجه يوهم أنّ الإلقاء من الناس لقلّة تدينهم وهذا ممّا لا يجوزه مسلم، فأنّى يظن ذلك بالذين هم أفضل القرون وأزكاهم .
وقال الخطابي رحمه الله تعالى: " قد يتوهم كثير من النّاس إذا سمع هذا الحديث أنّ هذا كان منهم عادة وأنّهم كانوا يأتون هذا الفعل قصدًا وتعمدًا وهذا لا يجوز أن يظن بذمي بل وثني فضلاً عن مسلم ولم يزل من عادة النّاس قديمًا وحديثًا مسلمهم وكافرهم تنزيه المياه وصونها عن النجاسات فكيف يظن بأهل ذلك الزمان وهم أعلى طبقات أهل الدين وأفضل جماعة المسلمين والماء في بلادهم أعز والحاجة إليه أمس، أن يكون هذا صنيعهم بالماء وامتهانهم له، وقد لعن رسول الله  من تغوّط في موارد المياه ومشارعه فكيف من اتخذ عيون الماء ومنابعه رصدًا للأنجاس ومطرحًا للأقذار، هذا ما لا يليق بحالهم، وإنّما كان هذا من أجل أنّ هذه البئر في حدود من الأرض وأنّ السيول كانت تكسح هذه الأقذار من الطرق والأفنية، وتحملها وتلقيها فيها، وكان الماء لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء ولا يغيره، فسألوا رسول الله  عن شأنها ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة فكان من جوابه لهم، أنّ الماء لا ينجسه شيء، يريد الكثير منه، الذي صفته صفة ماء هذه البئر في غزارته وكثرة جمامه، لأنّ السؤال إنّما وقع عنها بعينها، فخرج الجواب عليها" .
وقال شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله:" يعني أنّ النّاس يلقون الحيض ولحوم الكلاب والنتن في الصحاري خلف بيوتهم فيجري عليها المطر ويلقيها الماء إلى تلك البئر لأنّها في ممّر الماء وليس معناه أنّ النّاس يلقونها فيها لأنّ هذا ممّا لا يجوّزه كافر فكيف يحوز الصحابة رضي الله عنهم" .
وقال وليّ الله الدهلوي رحمه الله:" وهل يمكن أنّ يظن ببئر بضاعة أنّها كانت تستقر فيها النجاسات، فكيف وقد جرت عادة بني آدم بالاجتناب عمّا هذا هو شأنه، فكيف يستقي بها رسول
الله  ، بل كانت تقع فيها النجاسات من غير أن يقصد إلقاؤها كما تشاهد من آبار زماننا ثم تخرج تلك النجاسات، فلمّا جاء الإسلام سألوا عن الطهارة الشرعية الزائدة على ما عندهم فقال
رسول الله  : " الماء طهور لا ينجسه شيء " " .
وقال أبو الحسن السندي رحمه الله:" قيل عادة النّاس دائمًا في الإسلام والجاهلية تنزيه المياه وصونها عن النجاسات فلا يتوهم أنّ الصحابة وهم أطهر النّاس وأنزههم كانوا يفعلون ذلك عمدًا مع عزة الماء فيهم، وإنّما كان ذلك من أجل أنّ هذه البئر كانت في الأرض المنخفضة و كانت السيول تحمل الأقذار من الطرق وتلقيها فيها وقيل كانت الريح تلقي ذلك ويجوز أن يكون السيل والريح تلقيان جميعًا وقيل يجوز أنّ النافقين كانوا يفعلون ذلك" .
قال المبارك فوري رحمه الله:" كذلك قال غير واحد من أهل العلم وهو الظاهر المتعين" .
الخـلاصـة :
هذا … والخلاصة أنّ بئر بضاعة بئر واقعة في شرق المدينة وهي غير جارية باتفاق العلماء و أهل العلم بها وما زعمه الطحاوي من أنّ بئر بضاعة كان ماؤها جاريًّا لا يستقر وأنّها كانت طريقًا إلى البساتين ونقل ذلك عن الواقدي فهو أمر باطل وإسناد هذه الرواية قال عنه الحافظ: : هذا إسناد " واه جدًّا " وقال الزيلعي: " هذا سند ضعيف مرسل " وماء بئر بضاعة كان كثيرًا حيث أنّه كان يُطرح فيها من الأنجاس ما لا يغير لها لونًا ولا طعمًا ولا يظهر له فيها ريح وأمّا ما وصفها به أبو داود رحمه الله من أنّه رآها متغير اللون فقد قال النووي: " يعني بطول المكث وأصل المنبع لا بوقوع شيء أجنبي فيه " وهذه البئر كانت بمسيل من بعض الأودية في ممر الماء في حدود من الأرض المنخفضة .










رد مع اقتباس