الصليبيون يستهدفون الجميع انطلاقا من ليبيا
بدأت ملامح تصدير الأزمة الليبية إلى بلدان الجوار، تتجسد فعليا على أرض الواقع، حيث أفادت العديد من المصادر الإعلامية والديبلوماسية وحتى العسكرية، أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قد بدأت في إعادة تموقع جماعاتها ومراكزها على الحدود الموريتانية المالية، بعدما تمكنت من الإستيلاء على أسلحة وذخائر حربية من ليبيا، وهذا ما يؤشر على أن الغرب الصليبي الإستعماري، لم تكن عينه على ليبيا فقط، بل على كامل المنطقة بما فيها تونس ومصر.
فالغرب الإستعماري، وبعد فشله الذريع في إسقاط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، باعتماده على القصف الأعمى لمقدرات وإمكانيات الشعب الليبي، ومراهنته على جماعة العُملاء في بنغازي، نراه اليوم يغيّر تكتيكاته العدوانية، بخلق العديد من بؤر التوتر بداخل ليبيا أولا، من خلال مساهمته في تصفية قائد ما يُسمّى بالثوار في بنغازي، اللواء عبد الفتاح يونس، وهو الإغتيال الذي حوّل بنغازي إلى ساحة للإقتتال القبلي، وأضعف إلى حدّ بعيد مركز عملائه في شرق ليبيا وبعض مناطق الغرب، الأمر الذي يُثير العديد من التساؤلات، حول الأهداف الحقيقية للعدوان الصليبي من وراء إضعاف عملائه في ليبيا، وبرأيي أن الأمر لا يعدو أن يكون، سوى حلقة من الإستراتيجية الغربية الصليبية، التي تسعى إلى إيجاد الذرائع والحجج للتدخل البري في ليبيا، لمساعدة من يُسمّونهم بالثوار، لكن الهدف الخفي من وراء ذلك، هو الإشراف المُباشر، على نهب ثروات الشعب الليبي، ومحو سيادته، ولن أستبعد هنا أن تتوالى الإغتيالات في صفوف قادة "المتمرّدين"، لإفراغ وعائهم من أية زعامة، من جهة، ولفرض البديل الذي تمّ طهيه في مخابر الغرب، والذي رأينا نموذجا منه في العراق، عند إسناد إدارته إلى بريمر، الذي فكّك مؤسسات الدولة العراقية، وسهّل عملية استبدالها بالنماذج التي حضّرتها وصنّعتها أمريكا
فبنظري أن قادة من يُسمّون أنفسهم بالثوار، غير واعين لهذه النهايات المُرتّبة، فهم -لا قدّر الله- في حال نجاح الغرب الصليبي في إسقاط النظام في ليبيا، -وهذا أمر مستبعد على الإطلاق- سوف لن يكون لهم أي دور ريادي في ليبيا، بل سيتفاجأون باستقدام عناصر من الخارج، بعد إلباسهم رداء الثورة، لوضعهم في الواجهة لا غير، وفي حال تعذّر إسقاط نظام الزعيم معمر القذافي، -وهو ما بات شبه مؤكد-، فإن إضعاف جبهة ما يُسمّى ب "الثوار" سيُسهل عملية التفاوض مع القذافي، لإيجاد حلّ يحفظ مصالح الغرب الصليبي، ويضمن توقف حالة التمرّد حال حصول هذا الإتفاق، أما بشأن توتير منطقة الساحل، ودول الجوار الليبي، فهدفه إقحام هذه الدُّول في الضغط على ليبيا، لإيجاد حلّ للأزمة، حلّ كما قلنا يضمن مصالح الغرب بالدرجة الأولى، وفي حال العكس، فإن هذا الغرب سيُراهن على خلق القلاقل بالمنطقة، بتسهيل عمليات تهريب السلاح إلى تنظيم القاعدة، بالشكل الذي سيسمح له باللجوء إلى مجلس الأمن، لشرعنة تدخل عسكري غربي بكامل المنطقة، تحت عنوان محاربة الإرهاب، وهو الهدف الذي سبق للولايات المتحدة الأمريكية أن عجزت عن تحقيقه، لمّا أرادت توطين قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا بإحدى دول شمال إفريقيا أو الساحل، ولن أطيل في شرح هذه الأهداف الغربية الصليبية، لأنها تكاد تكون معلنة، لكني بالمقابل أتوجه إلى كل أحرار ليبيا، وأحرار دول الجوار، لأنبّه إلى أن الوقت قد حان للتحرك في شتى الإتجاهات وبكل الوسائل المتاحة، لإحباط هذا المشروع الصليبي، التي يتهدد كلّ دول المنطقة، والذي أريد أن يكون منطلقه من ليبيا ليس إلا