وصفت مصادر دبلوماسية عربية الأوضاع في سورية بأنها تقترب من نهايتها، خصوصاً بعد أن قرّرت الدولة السورية مواجهة الفئات والتنظيمات التخريبية، وهي في الوقت نفسه حريصة على كل نقطة دم تراق من أي مواطن سوري، باستثناء تلك القوى التي رهنت نفسها للخارج وتنفذ أجندة خارجية ولا سيما بعد سلسلة من الأحداث أظهرت أن هذه الفئات التكفيرية والإرهابية تقوم بمثل هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية ضد الجيش العربي السوري وقوى الأمن والشرطة، والتعدّي على الممتلكات العامة والخاصة، في سعي منها الى إرباك الحكم خدمة لأهداف خارجية معادية تريد إضعاف القيادة الحالية في سورية وممارسة كل أنواع الضغوط الاقتصادية والمالية والأمنية لهدف أساسي، وهو إشغال سورية عن أهدافها القومية، بوصفها الدولة الوحيدة الممانعة المتبقية في المنطقة، والتي تدعم حركات المقاومة في كل من لبنان وفلسطين والعراق.
وتضيف المصادر الدبلوماسية، أنه مع مواكبة المخطط الذي يستهدف سورية، فإن القيادة ماضية في عملية الإصلاحات على كل المستويات وهي لن تتردد لحظة في تطبيقها في مواعيد محددة، وهذا ما يفسر الفعاليات الشعبية الكبيرة التي تشهدها كل المحافظات بصورة شبه يومية دعماً لعملية الإصلاح وللرئيس بشار الأسد، الذي يقود هذه العملية بكل جدية وشفافية، ليس إرضاء للخارج، ولكن لقناعة راسخة عنده، بضرورة إجراء إصلاحات تتلاءم وطموحات الشعب السوري.
وترى المصادر الدبلوماسية العربية، أن الإدارة الأميركية تعيش حال إرباك واضحة حول ما يجري في سورية، فهذه الإدارة تصعّد من لهجتها ضد سورية، عندما ترى أن الأوضاع على الأرض تميل إلى الهدوء، وعندما تجد هذه الإدارة نفسها ضعيفة ومشلولة أمام نجاح القيادة في سورية نتيجة المعالجات التي تقوم بها، نرى الإرباك الأميركي يظهر من خلال التصريحات والمواقف المتناقضة التي تصدر حيناً عن البيت الأبيض، وأحياناً عن الخارجية الأميركية، والإدارة الأميركية في هذه المرحلة تراهن على عامل الوقت، فهي من جهة تفقد البديل الذي يمكن حسب أوهامها أن يتولى السلطة في سورية، حتى أن موضوع الإخوان المسلمين، الذين هم موضع الرهان الأميركي، لا يملكون القوة التي تسمح لهم بأداء أي دور على هذا الصعيد، ناهيك أن الشعب السوري لا يميل إلى الشعارات الدينية، وإن كان "للإخوان" حضور، ولكن ليس لهم تاثير ديني كبير في شرائح المجتمع السوري.
وأشارت المصادر الدبلوماسية العربية إلى أن الإدارة الأميركية مأزومة في العراق وأفغانستان، ولديها إحراج كبير في موضوع قيام الدولة الفلسطينية، من خلال الأمم المتحدة، وهي بذلك تحاول جاهدة أن تستفيد من شهري آب وأيلول باعتبارهما سيكونان مفصليين بالنسبة إلى الإدارة الأميركية وإلى الوضع في المنطقة ومن ضمنها سورية بالطبع، مع الإشارة إلى أن الحكم في سورية أثبت قوته على الأرض. والأميركيون ومعهم الأوروبيون والعرب يقيّمون الفعاليات الشعبية الكبيرة التي تدعم الرئيس بشار الأسد، والإصلاحات التي يقودها، وهم على ثقة وإن ضمناً بأن الحكم قوي ولا يمكن إسقاطه حتى من خلال العمليات الإرهابية التخريبية في هذه المحافظة أو تلك. وعلى الرغم من كل هذه الرهانات، فإن الحكم أصبح في وضع أفضل وأقوى من المرحلة التي بدأت فيها خيوط المؤامرة بالتنفيذ.
وكشفت المصادر الدبلوماسية أن اللافت في الساحة العراقية هو تجدد العمليات ضد القوات الأميركية، وهذه المرة من قبل التيار الصدري وحزب الله العراقي، وهذه إشارة واضحة إلى أن اليد الطولى هي لإيران في العراق، ولهذه المعطيات فقد أكدت المصادر الدبلوماسية العربية، أن هناك مفاوضات بين الإدارة الأميركية وكل من إيران وسورية من تحت الطاولة، لأنها على يقين بأهمية تأثير الدور الإيراني والسوري في العراق، مع التأكيد أيضاً بأن الأتراك هم في حيرة من أمرهم حيال ما يجري في سورية، بعد الضغوط الإيرانية والرسائل الواضحة من إيران إلى القيادة التركية.
وتقول المصادر الدبلوماسية، إن الألمان وبالطبع بطلب من الإدارة الأميركية يحاولون أداء دور على صعيد المعارضة السورية لناحية تشجيعها على الدخول في حوار مع الدولة السورية، ولهذه الغاية، فإن مساعد وزير الخارجية الألماني زار دمشق للمرة الثانية لهذه الغاية، والتقى بعض قيادات المعارضة في الداخل، كما التقى وزير الخارجية وليد المعلم وبعض المسؤولين في وزارة الخارجية.
وكشفت المصادر عن أنه في الحوار القائم بين أميركا وإيران، ومن تحت الطاولة، هذا الأمر ترك علامة استفهام كبيرة عند المسؤولين في المملكة العربية السعودية، لأنهم يعرفون أن أي تسوية أميركية ـ إيرانية، ستكون على حسابهم، ولذلك فإن فريقاً مهماً في المملكة وتحديداً الملك عبدالله وجماعته، يفضلون أن تعود شبكة التواصل بين المملكة وإيران على قاعدة تطوير العلاقات بما يخدم مصالح البلدين أولاً، ومن ثم مصلحة منطقة الخليج، مع الإشارة هنا وكما تقول المصادر الدبلوماسية إلى أن الملك عبدالله والفريق العامل معه يدعمان الرئيس الأسد وعملية الإصلاح التي يقودها وهذا الموقف مقدر عند القيادة السورية، وفي حال ترجمت هذه المواقف علنياً فسيكون لها تأثير في مجريات الأمور في كل المنطقة ولا سيما بعدما استعادت الدولة السورية زمام المبادرة.