سؤال:
ما حكم الإسراف والتبذير في رمضان وغيره؟
جواب:نحن في شهر عظيم ،شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النّار،شهر القرآن،شهر فيه ليلة خير من ألف شهر،فينبغي أن نرحب بهذا الضيف العزيز ونتشوق لقدومه لما فيه من البركة والفضل وأن نحضر أنفسنا بعقد العزم على اغتنامه وصومه وقيام ليله إيمانا واحتسابا،ومن المؤسف أن يجتهد بعض النّاس في تحضير أنفسهم بشراء أنواع وأصناف وأشكال من الأطعمة والمأكولات اعتقادا منهم أن رمضان مجرد امتناع عن الأكل والشرب من طلوع الشمس إلى غروب الشمس وكفى،فيعوضون ما لم يأكلوه طول النهار بكثرة الأكل والشرب بعد المغرب وينبغي على المؤمن أن لا يفرط في الأكل حتى لا يكون كمن إذا حضر وقت صلاة العشاء وصلاة التراويح راح يغط في نوم عميق فمن كانت هذه حالته فليس له من صومه إلا الجوع والعطش.
والإفراط في الأكل والطبخ أيام رمضان هو تبذير وإسراف محرم في الإسلام،قال تعالى:" وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفين" سورة الأعراف الأية31.
وقال :" وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ "الإسراء26-27.
فالتبذير و الإسراف عملان من أعمال الشياطين الكفرة بربهم وكيف للمؤمن أن يحط نفسه إلى أسفل الدّركات ؟!!.
إنّما أحكام الإسلام تدعو إلى الاعتدال والوسطية في كل شيء،قال تعالى:" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا" البقرة الأية143
وليعلم العبد ،الذي لم يشكر نعمة الله عليه،حيث رزقه الطعام والشراب ولم يحسن استعماله كوسيلة تقربه إلى عبادة ربه جل وعلا أن إخوانه الفقراء لا يجدون ما يبلون به رمقهم عند الإفطار،ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة،حيث كان أجود النّاس وأجود ما يكون في رمضان،كان فيه أجود من الريح المرسلة كما ثبت في الحديث،الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس.
وعن عائشة –رضي الله عنها- قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل".(1)
وعن أنس-رضي الله عنه مرفوعا:"أفضل الصدقة صدقة رمضان"(2)،والله يضاعف أجور الصائمين على أعمالهم،التي يبتغون بها وجهه سبحانه وتعالى.قال صلى الله عليه وسلم "من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبعمائة ضغف" (3)
وقال صلى الله عليه وسلم:" صدقة السر تطفئ غضب الرّب وصلة الرحم تزيد في العمر وفعل المعروف يقي مصارع السوء"(4).
فصوم رمضان إيمانا واحتسابا يصرف اهتمامنا عن الأكل والشرب عند الإفطار وعن التفنن في الأطباق وأصناف الطعام إلى أعمال البر وإلى عبادة رب العباد بتلاوة القرآن والتصدق على الفقراء والمساكين وذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه والحفاظ على الصلاة في وقتها حتى ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" (5).
وفي هذا تذكير للمرأة ،التي ربما مرت عليها رمضانات ورمضانات ولم تحقق فيها العبودية الحقة لله عزوجل ولم تغتنم فرص الخير الكثيرة،التي جعلها الله فيها،وذلك كلّه بسب انشغالها في المطبخ بطبخ أصناف من الحلويات والمأكولات والمشروبات،فمن كانت هذه حالتها منذ أعوام فلتفق من سباتها ولتغتنم ر مضان هذه السنة فربما لن تعيش إلى رمضان القادم،قال تعالى:" وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ" سورة لقمان الأية 34
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت" آل عمران الأية185"
وعليها أن تنظم وقتها وأن لا تسرف في المطبخ وأن تغفل عن ذكر الله والدعاء وعن تلاوة القرآن حتى داخل المطبخ وسيثيبها الله سبحانه تعالى على ذكرها وعلى أشغالها المنزلية إن نوت بها خدمة زوجها ورعاية أبنائها وأهل زوجها قياما بالمسؤولية،التي كلفها الله بها عبادة له سبحانه وتعالى وابتغاء لمرضاته،فقد قال صلى الله عليه وسلم:" والمرأة في بيت زوجها راعية..."(6).
1:ضعيف جدا.أخرجه البيهقي،والبزّار968الكشف)و أبي سعد في "الطبقات"أنظر" الضعيفة"(3015).
(2):رواه الترمذي وهو ضعيف" الإرواء"
(3):أخرجه الترمذي(1625) وغيره وهو صحيح أنظر"صحيح الجامع"(6110).
(4):أخرجه الطبراني في المعجم الصغير(ص214)وغيره وهو صحيح أنظر "صحيح الجامع" (3760).
(5):سبق تخريجه.
(6):أخرجه البخاري(2554) ومسلم(1829).