منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-01-06, 21:04   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
المهذب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية المهذب
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخوك المهذب يحييك
ويقدم لك التفسير لهذه الاية الموجودة بسورة فاطر وهو للقرطبي
رقم 28بعد بسم الله الرحمن الرحيم(" وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ")صدق الله العظيم
التفسير " ومن الناس والدواب " وقرئ : (( والدواب )) مخففا . ونظير هذا التخفيف قراءة من قرأ : (( ولا الضالين )) لأن كل واحد منهما فر من التقاء الساكنين ، فحرك ذلك أولهما ، وحذف هذا آخرهما ، قاله الزمخشري . " والأنعام مختلف ألوانه " أي فيهم الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك ، وكل ذلك دليل على صانع مختار . وقال : (( مختلف ألوانه )) فذكر الضمير مراعاة لـ (( من )) ، قاله المؤرج . وقال أبو بكر بن عياش : إنما ذكر الكناية لأجل أنها مردودة إلى (( ما )) مضمرة ، مجازه : ومن الناس ومن الدواب ومن الأنعام ما هو مختلف ألوانه ، أي أبيض وأحمر وأسود . " وغرابيب سود " قال أبو عبيدة : الغربيب الشديد السواد ، ففي الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى : ومن الجبال سود غرابيب . والعرب تقول للشديد السواد الذي لونه كلون الغراب : أسود غربيب . قال الجوهري : وتقول هذا أسود غربيب ، أي شديد السواد . وإذا قلت : غرابيب سود ، تجعل السود بدلا من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدم . وفي الحديث " عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يبغض الشيخ الغربيب )) " يعني الذي يخضب بالسواد0 . قال امرؤ القيس :
العين طامحة واليد سابحة***** والرجل لافحة والوجه غربيب
وقال آخر يصف كرما :
ومن تعاجيب خلق الله غاطية**** يعصر منها ملاحي وغربيب
" كذلك " هنا تمام الكلام ، أي كذلك تختلف أحوال العباد في الخشية ، ثم استأنف فقال : " إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور " يعني بالعلماء الذين يخافون قدرته ، فمن علم أنه عز وجل قدير أيقن بمعاقبته على المعصية كما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) قال : الذين علموا أن الله على كل شيء قدير . وقال الربيع بن أنس : من لم يخش الله تعالى فليس بعالم . وقال مجاهد : إنما العالم من خشي الله عز وجل . وعن ابن مسعود : كفى بخشية الله تعالى علما وبالاغترار جهلا . وقيل لـ سعد بن إبراهيم : من أفقه أهل المدينة ؟ قال أتقاهم لربه عز وجل . وعن مجاهد قال : إنما الفقيه من يخاف اله عز وجل . وعن علي رضي الله عنه قال : إن الفقيه حق الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يرصخ لهم في معاصي الله تعالى ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره ، إنه لا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا علم لا فقه فيه ، ولا قراءة لا تدبر فيها . وأسند الدارمي أبو محمد عن مكحول قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم - ثم تلا هذه الآية - " إنما يخشى الله من عباده العلماء " . إن الله وملائكته وأهل سمواته وأهل أرضيه والنون في البحر يصلون على الذين يعلمون الناس الخير )) " الخبر مرسل . قال الدارمي : وحدثني أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن يزيد بن حازم قال حدثني عمي جرير بن زيد أنه سمع تبيعا يحدث عن كعب قال : إني لأجد نعت قوم يتعلمون لغير العمل ، ويتفقهون لغير العبادة ، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة ، ويلبسون جلود الضأن ، قلوبهم أمر من الصبر ، فبي يغترون ، وإياي يخادعون ، فبي حلفت لأتيحن لهم فتنة تذر الحليم فيهم حيران . خرجه الترمذي مرفوعا من حديث أبي الدرداء وقد كتبناه في مقدمة الكتاب . الزمخشري : فإن قلت : فما وجه قراءة من قرأ (( إنما يخشى الله )) بالرفع (( من عباده العلماء )) بالنصب ، وهو عمر بن عبد العزيز ، وتحكى عن أبي حنيفة . قلت : الخشية في هذه القراءة استعارة ، والمعنى : إنما يجلهم ويعظمهم كما يجل المهيب المخشي من الرجال بين الناس من بين جميع عباده . " إن الله عزيز غفور " تعليل لوجوب الخشية ، لدلالته على عقوبة العصاة وقهرهم ، وإثابة أهل الطاعة والعفو عنهم . والمعاقب والمثيب حقه أن يخشى .