وحينَ نظرَتْ لتك المرآةْ،
تنهّدَتْ أنفاسَ المعاناة
فارتوت شفتاها
من مرارة العبرات
قالَت بئس حال امرأةٍ
رمتها بالغدرِ سهامُ الحياة
لو أنّ العُـمر يتجدّد
لطمحت فيما قد يُشفِ ويُسعِد
لو أنّ الصّبر يُزهِرُ الأمنيات
لشققتُ الحزنَ
وأقبرتُ شبحَ الذّكريات
وأنشدتُ للعفّةِ أكواما
من حروفٍ تُبهِجُها ألوانُ النّجاة
فطرقَ البابَ طارِق
وأطلَّ بوجهٍ باسمٍ مُشرق
قالت من أنتَ؟
أعابِرٌ هزمته الدّروب
أم عابثٌ أتى يجوب
وقد شدّه صخبُ الشّتات
فسلّمَ الطّارِقُ وابتسَمْ
ولم تُثني من عزمه قسوةُ الكلَمْ
وقـال:
يا بذرة اكتوتْ من حرِّ السقَم
ها قد أتيتُكِ بما أعلَمْ
ومن أوْجدنا لَمُحيطٌ وأعْلَم
فأذيبي جليدَ الألَم
بكسْرِ مرآةٍ تقبرُكِ بِثنايا العَدَمْ
هو ذا نورُ الأملِ قدِمْ
واليأسُ ضياعٌ يَطمسُ، لا يُفهَمْ
فقالت أفصِحْ،
فحالي لا يُفرِحْ
رجاءً أتسمحْ بِرسمٍ قد يُنجِحْ
فالقلبُ ترنّحْ
وما ارتشفَ جارِح
والعقلُ لا يُفصِحْ
ومُذْ قُهِرَ تأرجَح
فمن أنتْ؟ ولِم أتيتْ!
وأيُّ السّبُلِ إليّ انتهَجت؟
فقــال:
أنا الضّمير،
والقولُ لو تعلمين كثير،
ضميرُكِ حيٌّ
والقولُ نديٌّ
أوا لستِ من قلت:
"لو أنَّ...لشققتُ الحُزنَ"
قالت بلى،
لكنَّ ستار الصّبرِ تدلّى
واليأسُ بالنّفسِ قد أيْنعَ فاستولى
فقــال:
شعلةُ الطيبة فيكِ ما خمدت
ولم تأسرك مخالب الفِتَنْ
وصفوةُ النّوايا لِنفسك
أثمنُ معدن
فاركبي أمواجَ الصّبرِ
بأملِ مؤمن
واذكُري الله فهو رؤوفٌ مُمتحِنْ
ناجيهِ والعفوَ سليه
فهو المُنجي إن شاءَ وأذِن
وهذا شهرُ الرّحمةِ والتّوبة
لمنْ أدركه فأمِنْ
فابتهجتِ الفتاة،
واستعادتْ قوّة الذّاتْ
وقــالت:
أضميري
عطّرتَ بالوعْيِِ تفكيري
سحبتني من بؤسٍ كان بأوردتي يسري
وأنرتَ دربي بِنُصحي وتبصيري
فأنت الصّديقُ الرّفيق
وبلسَمٌ يُشفِ أسقامي وضيري
فالحمدُ للخالق،
يا من جئت تطرَق
فجددت ثقتي بمسيّرِ أقداري
ــــــ
ولمن قرأ كلماتي شُكري وتقديري
بِقــلَمي