منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الطبقة الحاكمة في أمريكا
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-07-18, 21:18   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
سبيعي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية سبيعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سلطة الرقيق في الولايات المتحدة (1783ـ1865)


آدم روثمن

(1)

(كيف يمكن لأقلية من المواطنين نيل ما يريدونه مرةً بعد مرة في ظل نظام حكم يزعم اعتماد الديمقراطية؟) فقد أصبحت هذه المسألة أساسية لاكتشاف (سلطة رقيق) في الولايات المتحدة منذ أواسط الثلاثينات من القرن التاسع عشر.

هكذا بدأ الكاتب تساؤله، ولم يكن يقصد أن الرقيق هم من يحكمون، بل أن مالكي الرقيق وبفعل الثروات التي يجنونها من وراء امتلاكهم للرقيق. وقد كتب (جون غورهام بالفري) عام 1846، بأن غالبية كبيرة من مناصب الدولة العليا، بما فيها ثلاثة أرباع المناصب في الجيش والأسطول البحري، كان يشغلها مالكو الرقيق... وأن الاسترقاق هو الديكتاتور الأكبر، فبالرغم من أن عدد المقترعين (1846) كانوا ثلاثة ملايين، من بينهم مئة ألف فقط ممن يملك الرقيق، فإن السلطة الفعلية في الولايات المتحدة لهؤلاء.

توسعت سلطات مالكي الرقيق كثيراً، وزادت أملاكهم، وتطاولوا على الأراضي المجاورة لهم وقلصوا مساحات السكان الأصليين لدرجة العدم، ولم يعيروا اهتماما للانتقادات التي كانت تظهر بالكتابات والخطابات التي تغمز في جانبهم. حتى لو كلفهم ذلك ابتعادهم عن الشأن السياسي والمواقع السلطوية، فالاقتصاد بيدهم والرقيق في المزارع والمناجم والمصانع والصادرات التي تعزز رأسمال البلاد هي بفعلهم، وبقي وضعهم المتعجرف هكذا حتى انتخاب (ابراهام لنكولن) عام 1860.

بعد انتخاب لنكولن انسحبت 11 ولاية جنوبية من الولايات المتحدة وشكلت اتحاداً جديداً، قاد الى الحرب الأهلية التي استمرت خمس سنوات، منذ 1860ـ 1865، انتهت بهزيمة الولايات الجنوبية ومقتل لنكولن، وهزيمة أنصار الاسترقاق.

(2)


تشكلت الطبقة المالكة للرقيق في الولايات المتحدة انطلاقاً من علاقاتها التطورية مع أشخاص آخرين في المجتمع الأمريكي والعالم الأطلسي الأوسع. وهي لم تكن مجمدة في التاريخ بل كانت ناشطة ومتغيرة باستمرار. وكان في عام 1790 حوالي 8 آلاف أسرة تملك رقيقاً، رغم هروب الكثير من الرقيق في حرب الاستقلال (الثورة) فقد بقي حوالي 700 ألف من الرقيق وهو عدد يساوي 18% من سكان الولايات المتحدة آنذاك.

كان الاسترقاق متفشياً في كل مناحي المجتمع الأمريكي، وكان له فلاسفته المدافعين عنه. وكان سبعة من الرؤساء الأحد عشر الأولين، يملكون رقيقاً ومن بينهم (جورج واشنطن) نفسه. وكان واشنطن أحد كبار مزارعي التبغ في فرجينيا، وكان متأرجحاً في مسألة امتلاك كائنات بشرية، وقد عبر عن ذلك بقوله إنه يرغب بإعتاق ما يملك من رقيق.

كانت صادرات القطن واحدة من أسباب موجبات الاسترقاق، فقد زاد انتاج القطن الأمريكي من 23 ألف طن عام 1800، الى حوالي 750 ألف طن عام 1860، وهو يشكل ثلثي إنتاج العالم من القطن، وكان يشكل نصف صادرات الولايات المتحدة الإجمالية. ويذهب ثلثا هذا المحصول الى بريطانيا، التي كانت تجيد تصنيعه وتسويقه لكل أنحاء العالم.

وقد أعلن عضو مجلس الشيوخ (جيمس هنري هاموند) عام 1858، مستشعراً الهجمات التي كانت توجه لمالكي الرقيق، ورابطاً إياها بإنتاج القطن وصادرات الولايات المتحدة منه (لا، إنكم لا تجرؤون على شن الحرب على القطن... القطن هو ملك)*1

وإذا كان القطن ملكاً، فإن قطاعات التبغ والسكر والرز تشكل الحاشية لهذا الملك.

لقد زاد عدد الرقيق خمس مرات، فأصبح عددهم 4 ملايين، من أصل 30 مليون عدد سكان الولايات المتحدة عام 1860.

كان حوالي 70% من مالكي الرقيق، يملكون أقل من عشرة من الرقيق، و3% فقط يملكون خمسة عشر رقيقاً فأكثر. وكان أكثر مالك للرقيق في عام 1850 (ناتانييل هيوارد) إذ كان يملك (1834) رقيقاً.

(3)


في الوقت الذي كان أعداء الاسترقاق يهاجمون أنصاره، ويصفونهم بالجشع وحب جمع المال على حساب الأخلاق. كان أنصار الاسترقاق يعددون مزاياه، فيذكرون الإنتاج المتزايد وأثره على اقتصاد البلاد، ويذكرون المزايا التي يتمتع بها مالكو الرقيق من حيث حياتهم الأرستقراطية، وتشجيعهم للفن والأدب وغيره، كما أن الرقيق أنفسهم كانوا يعيشون في أجواء إنسانية ترعاهم وتصون حقوقهم!

كما أن أنصار الاسترقاق اكتشفوا الفائدة التي يجنيها أبناء الولايات الشمالية الذين يتظاهروا بأنهم ضد الاسترقاق، فقد كانت معظم الصادرات الآتية من الجنوب (المناصر للاسترقاق)، تمر عبر وسطاء ومصدرين من الولايات الشمالية، وهم يستفيدون من هوامش إنتاج الرقيق!، كما أن بريطانيا أو غيرها من الدول الأوروبية تستفيد هي الأخرى من تلك المنتجات التي يصدرها مالكو الرقيق. وقد دعوا السكوت عن تلك المسألة بالعبارة (خيط القطن يُبقي على الاتحاد متماسكا).

كان الأدباء يبينون وجهات نظر مالكي الرقيق، والكيفية التي يتعاملون بها معهم، ويكفي قراءة رواية (كوخ العم توم) لمؤلفها (هارييت بيشر ستوو) للتدليل على ذلك.

(4)


هل كان للرقيق وجهات نظر أو نشاطات مُضادة؟

لم يصل الى صفحات الكتب الوثائقية شيءٌ يُذكر عن ثورة العبيد التي قامت في سنة 1811 إلا تاريخها. وهذا سهل الفهم لمن أراد البحث عن أسباب حجب مثل تلك المعلومات، فقد يكون هناك من حاول أن يؤرخ لها، ولكن لم يُسمح بنشره، وهذا جليٌ أيضاً في تراث المجتمع الأمريكي في ما يخص حروب البيض مع الهنود الحمر، السكان الأصليين للبلاد، فلم تعرف البشرية عن تلك الحروب سوى الصور التي كانت تُقدم بأفلام (الكاوبوي) لتبين مهارات الأبيض بالقتل!

كان مالك الرقيق يمر على أكواخ الرقيق مرتين في اليوم، في الصباح وقبل النوم. وكان يمر مرة بشكل مفاجئ أسبوعياً. وكانت العقوبات تتدرج من حرمان من الطعام والاستراحة الى الجلد أو البيع. وقد كتب أحد الرقيق (إن لم تكن في مكانك الخاص عندما يصل قاشرو الأرز (البيض) فهم سيجلدونك حتى تصبح أسود وأزرق)*2

لكن المطالبة بإنهاء الاسترقاق، توحي بأنه كان هناك نشاطات واسعة يقوم بها الرقيق ومن يناصرهم من غير الرقيق. وقد عبر الشاعر (هنري تيمرود) من تشارلستون عام 1861، (أي إبان الحرب الأهلية التي خاضها لينكولن لتحرير العبيد) في قصيدة ((نشوء العِرْق)):

... في النهاية، نحن
أمةٌ بين الأمم؛ والعالم
سيرى قريباً مرفأً بعيداً
وعلما آخر.. مرفرفاً*3





هوامش من تهميش المؤلف
*1ـ Congressional Globe, Senate, 35th Cong., appendix (1858), 70.
*2ـ Sally Hadden, Slave Patrols: Low and Violence in Virginia and the Carolinas (Cambridge, Mass,: Harvard University Press, 2001) 71
*3ـ The Poems of Henry Timrod (New York: E. J. Hale& Sons, 1872), 100
رد مع اقتباس










رد مع اقتباس