منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بحث
الموضوع: بحث
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-29, 22:03   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
mimer85
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية mimer85
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مقدمة :
ازداد الاهتمام بالشركات متعددة الجنسية لما لها من تأثيرات على الاقتصاد العالمي التي مرت بعدة مراحل، وعرفت عدة تسميات وتعاريف، واكتسابها للكثير من الخصائص التي ميزتها عن غيرها، وجعلتها قوة اقتصادية تساهم بشكل كبير في عملية النمو والتنمية والتطور بجميع أنواعه لذلك تضاربت النظريات المفسرة لدوافع هذه الشركات في الخروج من حدودها والتوجه إلى مختلف دول العالم، وهذا بانتهاجها لعدة استراتيجيات لتحقيق غاياتها وأهدافها، وهذه الشركات تؤثر بشكل كبير على عدة أصعدة اقتصادية.
ومن أجل هذا قمنا بتقسيم هذا الفصل إلى المباحث التالية:
المبحث الأول: عموميات حول الشركات متعددة الجنسية.
المبحث الثاني: إستراتيجيات الشركات متعددة الجنسية وآثارها.


المبحث الأول
ماهية الشركات متعددة الجنسية
لقد أصبح مصطلح الشركات مُتعدِّدة الجنسية كثير التداول في الفترة الأخيرة؛ نظراً لأهميته البالغة وتأثيراته الكبيرة على المستوى الداخلي والخارجي للدول، وفيما يلي يمكن إعطاء نظرةٍ حول مختلف المفاهيم والخصائص المتعلِّقة بها.
المطلب الأول: مفهوم الشركات مُتعدِّدة الجنسية وتصنيفاتها:
في هذا المطلب سنتطرَّق إلى مفهوم الشركات مُتعدِّدة الجنسية وخلفيتها التاريخية، ومختلف تصنيفاتها.
أولاً- الخلفية التاريخية للشركات مُتعدِّدة الجنسية:
ليست الشركات مُتعدِّدة الجنسية ظاهرة برزت فجأةً في فراغ، وإنما لها جذورُها التاريخية ترجع إلى عدة قرونٍ إلى الوراء([1])؛ إذ وُجدت من حوالي ألفي عام (332 ق م، 35 ق م) شركةٌ مُتعدِّدة الجنسية في مصر بمدينة الإسكندرية للقيام بالتجارة العالمية، ووُجد عقدٌ بحري لاستيراد التوابل من شرق إفريقيا عن طريق البحر الأحمر الذي تنتمي أطرافه إلى أكثر من سبعة جنسياتٍ مختلفة منها: روما، قرطانة، اسبرطة، وآخرون يحملون أسماءً إفريقية([2]).
وقد عرف العالم منذ أوائل القرن السابع عشر شركاتٍ احتكارية عملاقة في مجال التجارة الخارجية لبعض المواد الاستهلاكية، وخاصةً الشركات البريطانية([3]).
وجاءت لتظهر شركاتٌ استعمارية([4]) مُدعَّمة بالقوة السياسية والعسكرية للحصول على المواد الأولية والغذاء وإرسالها إلى الدول الأم؛ من أجل التصنيع وإعادة التصدير مرةً أخرى في شكل مُنتَجات([5]).
وبينما كانت الدول الاستعمارية منهمِكةً في هذا الأسلوب، بدأت بعض الدول الأخرى والشركات الأمريكية والمستثمرين الأفراد في البحث عن فرص توظيفٍ استثماري لا يقتصر نشاطها على الغذاء والمواد الأولية، وإنما في توجيه الاهتمام نحو الأسواق والأرباح، بصرف النظر عن وضعية المُنتجات أو السلع، وانفتحت الحدود أمام التكنولوجيا القادمة وتطبيقات الاختراع الجديدة، وتصنيع المُنتجات في المناطق التي تتمتَّع بميزاتٍ نسبية ([6]). وقد تأكَّد هذا الاتِّجاه مع بداية القرن التاسع عشر، ونمو الثورة الصناعية([7])، وتطوُّر النظام النقدي والمالي والدولي، وزيادة التسهيلات الائتمانية، وحركة تنقُّل رأس المال، وهو ما يتَّفق مع أساسيات وأهداف طريقة الإنتاج الرأسمالي([8]).
وقد عرف الثلث الأخير من القرن التاسع عشر ظهور الشركات الوطنية العملاقة والتي تحقَّق معظمُها من دمج عدة شركاتٍ مع شركةٍ أكبر وأكثر نفوذاً ومقدرةً مالية([9]).
وما إن نجحت هذه الشركات في تثبيت أقدامها في الأسواق الوطنية، وخاصةً في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أخذت تتَّجه ببطءٍ نحو الدول والأسواق.
ولكن موجة انتشار الشركات المُتعدِّدة الجنسية في العالم تلاشت بعض الشيء خلال أزمة الكساد الدولية التي بدأت منذ سنة 1929([10])، واستمرَّت حتى الحرب العالمية الثانية؛ نظراً لما رافق هذه الفترة من حروبٍ تجارية، ووضع كثيرٍ من القيود أمام تحرُّك الأفراد ورؤوس الأموال والسلع بين الدول([11]).
وبدأت الموجة الجديدة لانتشار الشركات العملاقة في العالم مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وإن كانت هذه الموجة أخذت تنتقل من ذروةٍ إلى أخرى منذ منتصف الخمسينات، حاصلة استثمار ونشاط هذه الشركات إلى جميع دول العالم([12]).
لقد ركَّزت هذه الشركات على الإستراتيجية الجديدة التي تقوم على انتقال السلعة إلى المستهلك خارج الحدود الوطنية، وتلت هذه المرحلة مرحلة الاستغلال والسيطرة المباشرة عن طريق إقامة المنشآت الإنتاجية والتجارية في الخارج([13]).
والواقع أن ما دفع المشروعات إلى إقامة وحداتٍ إنتاجية وتجارية خارجية يرجع أساسياً إلى الرغبة في التأمين المستمر لمصادر المواد الأولية([14]).
ثانياً- تصنيف الشركات على النطاق الدولي:
يمكن تصنيف الشركات ذات النشاط الدولي على النحو التالي ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التصنيف ما زال معمولاً به حتى الآن، برغم مضي أكثر من عقد ونصف على اقتراحه([15]).
1- الشركة الأجنبية([16]):
هي الشركة التي تمتلك أو تُدير بصورةٍ مباشرة أو تُمارس (بصورةٍ غير مباشرة) نشاطاً استثمارياً، سواءً في مجال الإنتاج أو التسويق، أو الخدمات خارج الدولة الأم، وذلك بغض النظر عن عدد الدول المضيفة التي يقع في إدارتها الأنشطة المذكورة([17]).


2- الشركة الدولية([18]):
لقد عرَّفها العديد من المُفكِّرين نذكر منهم:
- ليفنجستون (Livingstone) حيث قال « أن الشركة الدولية التي تتمتَّع بشخصيةٍ مُستقلة([19])، وتُمارس نشاطها بالاختيار في دولةٍ أجنبية أو أكثر »([20]).
- «جاك بيرمان (Djack Birman) يُؤكِّد أن الخاصية الرئيسية للمنشآت الدولية هي محاولتها النظر للأسواق الوطنية المختلفة كأنها سوقٌ واحد، وذلك للدرجة التي تسمح بها الحكومات؛ فهي تتجاوب مع الفرص التسويقية حول العالم، وتُكافح لكي تضخم مختلف العناصر؛ لتحصُل على أقصى حدٍّ من المزايا التكنولوجية والتسويق والتمويل المُنسَّق تنسيقاً عالياً »([21]).
وبصفةٍ عامة تُعرَّف بأنها:
- « الشركة التي ترتبط بالأسواق الدولية، وبأنشطة التجارة أو الصناعة بصورةٍ مباشرة، عن طريق الاستيراد والتصدير، أو بصورةٍ غير مباشرة من خلال وُسطاء آخرين، ولكن يبقى مجال النشاط الدولي محدوداً في معظم الأحيان »([22]).
- « هي شركةٌ تمتلكُ وتتحكَّم في أنشطةٍ اقتصادية مُوزَّعة في عدة دول، ويفوق ناتجُها إجمالي ما ما يُنتجه الاقتصاد الوطني لبعض الدول »([23]).
3- الشركة عبر الوطنية([24]):
هي في حقيقة الأمر بالتقريب شركةٌ مُتعدِّدة الجنسية، غير أن هيئة الأمم المتحدة تُفضِّل استخدام الاصطلاح الأول كبديلٍ للثاني؛ بهدف التقليل من الآثار النفسية السياسية لدى الدول النامية، من جراء استخدام اصطلاح شركة مُتعدِّدة الجنسية([25]).
4- الشركة الكونية:
تتميَّز هذه الشركة بنظرتها الإستراتيجية إلى العالم كسوقٍ واحدة، والمستوى الرفيع من التكنولوجيا والنوعية لمُنتجاتها الكونية، المُوجَّهة إلى المستهلك أو المستفيد الكوني في أي بقعةٍ أو سوقٍ من العالم([26]).
ثالثاً – تعريف الشركات مُتعدِّدة الجنسية([27]):
يُستعمل مصطلح الشركات مُتعدِّدة الجنسية بكثرةٍ من طرف الأكاديميين على الرغم من وجود أسماءٍ أخرى، مثل الشركات الدولية، الشركات عبر الوطنية، الشركات الأجنبية، وقد اخترنا في موضوعنا هذا مصطلح الشركات مُتعدِّدة الجنسية والتي عرَّفها الكُتَّاب كما يلي:
يُطلِق جون فيرويذر (Fayerweather) تعبير شركات مُتعدِّدة الجنسية، وهي مجموعةٌ من الشركات التي لديها أنشطة أعمالٍ بشكلٍ مباشر في دولتين أو أكثر([28]).
ويستخدم روبك (Robok) و سيموندس (Simonds) مصطلح شركة مُتعدِّدة الجنسية، وهي مجموعةٌ من الشركات يُسيطر عليها مركزٌ رئيسي واحد، وتنتشر عملياتها في أقطارٍ مُتعدِّدة([29]).
ويُعرِّف فرنون (Vernon) الشركة مُتعدِّدة الجنسية على أنها المنظمة التي يزيد رقم أعمالها أو مبيعاتها عن 100 مليون دولار، والتي تمتلك تسهيلاتٍ أو فروعاً إنتاجية في ستة دول أجنبية أو أكثر([30]).
ويبيِّن ديمزا (Demza) أنها تُعتبر شركة دولية، لكن متطوِّرة جداً، أو لديها عملياتٌ متَّسِعة الأرجاء عالمياً، ولها نظرةٌ عالمية عميقة في إدارتها، وفي عملية اتخاذ القرارات بها؛ وهكذا فإن الشركات مُتعدِّدة الجنسية بتحديدٍ أكثر تشترك في مختلف الأنشطة الدولية، وتقوم بالتصنيع في العديد من الأقطار، وفي مختلف البيئات الثقافية والاقتصادية والسياسية، ولديها ارتباطاتٌ وتعهُّداتٌ عالمية واسعة، وتحصُل على جزءٍ هام من إيراداتها الكلية من عملياتها الدولية([31]).
كما تُعرَّف من طرف الأمم المتحدة بأنها الشركة التي تمتلك أو تُسيطر على الإنتاج أو تسهيلات الخدمات خارج حدود الدولة التي قامت بها([32])
وهناك من يُعرِّفها بأنها مؤسسةٌ اقتصادية ضخمة، تمتلك أعمالاً ووسائل إنتاج في أكثر من دولة، ويُدير نشاطها على المستوى الدولي مجلس إدارة يتَّخذ من الوطن الأم مركزاً رئيسياً لها([33]).
ويُستعمل مصطلح مُتعدِّدة الجنسية على المؤسسات التي تقوم بأعمالها بشكلٍ مباشر في أكثر من بلدين، واشتراك المؤسسات في عملياتٍ دولية معينة، كالتصدير، تقديم براءات الاختراع([34])، والإشراف على نشاط الشركات في الخارج يُعتبر المقياس الوحيد من حيث الجوهر([35]).
وكتعريف خاص بالطالبات هي كل شركة تحقق معايير تصنفها كشركة تقوم بأعمال دولية، كأن تتعامل مع دولتين أو أكثر من الدول الأخرى، وأن تبلغ مبيعاتها الخارجية نسبة 30% من إجمالي مبيعاتها السنوية، وأن تحقق أرباحا بنسبة لا تقل عن 10 % -20% من رأس مالها على مدى ثلاثة سنوات على الأقل وأن تتصف أعمالها بالديمومة وليس بصورة متقطعة.