* الخَياَل الذيِّ عَبَر..
..كاَنَ اللَّيلُ وردَةً سَوداَءَ باَرِدَةْ، وَكَانَ يَرنُّ في وَجهِهاَ نَشيجٌ مَكتُومْ ،
وَ يَملأُ عَينَيْهاَ صَمتٌ عَميق.. وَ دَمعٌ هُو أبداً في جُحر بُؤبُؤِهاَ الأسوَد ..
.. تَسلَّلَت مَناَر اِلى الخاَرج ، تَذرَعُ الحُقُولَ بخُطىً قَصيرَةٍ مُهتاَجَة..
تُنصِتُ اِلىَ مُوسيقىَ سِحريَّةٍ تَنتَحبُ وَ تتَفجَّرُ ثَجَّاجَةً في أعَماَقِهاَ.. مِثلَ يُنبوُعٍ تحوَّل مَطرًا
هاطلاً فوقَ زُجاجٍ طَريّ .. ثُمَّ توقَّفَت، وَ ألقَتْ بِجسَدِهاَ بَينَ كَفَّي الحَقل ، مُسَلّمةً رَأسَهاَ
لِلعُشبِ الأخضَر.. مُصغيَةً اِلىَ الصَّوتِ الملائِكيِّ المُتَهدِّج ، يُناَدِي بِكثِيرٍ مِنَ الحَناَن..
يَتَوسَّلُ وَ يهتِف : ( لَيتَ الجرح لاَ يَئِن ) ..
.. عضَّتْ مناَر شَفتَيهاَ الياَبِسَتَينْ.. وَ رَفعَتْ عَيْنَيهاَ الدَّامِعَتَينِ نَحوَ السَّماَء..
فلَم يَتَجسَّد في مُخيِّلَتِهاَ غيرَ أرصفةٍ مُمتَدَّةٍ مِن الاِنتِظاَرِ الطَّويل.. وَ قَلبٌ يَطرُقُ أبواباً
مُوصَدَة.. وَ مَوْتٌ مُتنكِّرٌ في ثِياَبِ مَلَكٍ أبيَض، يَبحَثُ عَنْ جُثَّةِ عَاشِقٍ بَائِسٍ يَحتَضِنُهاَ بِرَأفَة ،
وَ نُجُومٌ باهِتَةٌ تَرسُمُ مَا ظَلَّ مِن ذِكرىَ في خَدِّ السَّماَء ، لِيذرِفَهاَ الليَّلُ معَ آخِرِ صَباَحٍ
تَتَنَفَّسُهُ أيَّامُ الرَّبِيع الجَميلَة.. كَماَ لَوْ كاَنَت رَسائِلَ حُبٍّ مَنسيَّة..
طُوِيَت مَعَ آخِرِ قُبلَة..
.. زَفَرَ الفَضاَءُ نسمَةً باَرِدَةً اِرتَجَفَ لهاَ ثَوبُ مَناَر ،
وَ خَفَقَ لإثرِهاَ زَهرُ الياَسَمين الطَّيِّب، مِثلَ أغنِيَةِ شَوقٍ لاَ تَستَوعِبُ إيقاعَ الرِّياَح..
وَفي غمرَةِ رَتاَبَةِ الدَّهشَة، مَدَّت الفَتاَةُ يَدَهاَ لِتَقتَطِفَ أمنيَةً مِن سِجِلاَّتِ الأفُق..
ثُمَّ أطبَقَتْ جَفنَيهاَ، وَ اِستَسلَمَت لِسُباَتٍ عَميقٍ، مُتوَسِّدَةً كَفَّهاَ.. وَ بَقاَياَ حُلمٍ عَذبَة..
.. اِنجلىَ الصُّبحُ عَن بُرقُعِ الظَّلاَم..
وَ اِستَيقَظَت مَناَر علىَ وَقع هَدِيلٍ ضاَرعٍ.. كأنَّماَ يُناَشِدُ مَخلُوقاً ماَ بِالعَودَة..
لِتَجِدَ مِنديلاً حَريرِيًّا مُخبَّأ ًفي صَدرِهاَ..
وَ سرًّا في القَلبِ غيرَ مُستَباَح..
..
( حقوق الدمع...محفوظة.
* أبجدياَّت..ماَلحَة..