السياسة الأمريكية تجاه المملكة العربية السعودية
دراسة في تأثير البعد الديني
تعد علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالمملكة العربية السعودية علاقة إستراتيجية متميزة، تضرب بجذورها إلى تاريخ تأسيس الدولة السعودية، وقد مرت هذه العلاقة بتطورات كثيرة، وهي مرتكزة على أسس سياسية واقتصادية مشتركة.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت ببناء نموذج تعاون اقتصادي واستراتيجي قوي مع المملكة العربية السعودية، إلا أن البعد الإسلامي للسياسة السعودية كان محل اهتمام صانعي القرار الأمريكيين، وهو ما تم التعامل معه عبر عدة مستويات؛ فمن ناحية اعتمدت الولايات المتحدة على هذا البعد في تحريك المملكة ضد النظم السياسية الثورية العربية (البعثية والقومية) في الستينات من القرن العشرين، وضد الثورة الإسلامية الإيرانية (بشعاراتها المضادة للمصالح الأمريكية) في نهاية السبعينات، وفي دعم المجاهدين ضد الغزو السوفيتي لأفغانستان في الثمانينات، وفي التصدي لهؤلاء المجاهدين بعد عودتهم إلي دولهم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي خلال حقبة التسعينات. ومن ناحية أخرى كانت هناك سياسة احترازية تبنتها الولايات المتحدة قامت على قياس مستوى التراكم الكمي للبعد الإسلامي في السياسة السعودية مستقبلا، ومدى قدرتها على تشكيل تأثير على مكانة الولايات المتحدة في الإطارين العربي والإسلامي، ومن هنا بدأت بوضع أسس لمصادر توتر قابلة للتحريك، سواء داخل المملكة نفسها أو داخل إقليمها الجغرافي، يمكن للولايات المتحدة أن تستخدمها عند الضرورة.
ومع اهتزاز التحالف التقليدي بين الولايات المتحدة والمملكة بعد أحداث سبتمبر 2001، بسبب تزايد مؤشرات التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية السعودية -مع تزايد إدراك الولايات المتحدة لما تعتبره تهديدًا لأمنها؛ لاعتبارات نابعة من طبيعة النظام السعودي-؛ وخاصة ما يتعلق منها بالعلاقة بين الدين والدولة، وذلك تحت تأثير رؤية الإدارة الأمريكية للحرب على الإرهاب، وانعكاس هذه الرؤية على توجهات وقضايا وأدوات السياسة الأمريكية تجاه المملكة؛ تحقيقًا للمصالح الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وكذلك على طبيعة العلاقة بين البعد الديني والبعد المصلحي في السياسة الأمريكية بصفة عامة، وتجاه العالم الإسلامي والمملكة بصفة خاصة
يتــــــــــــــبع.