منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - صب المنجنيق على من رمى السلفيين بالتفريق
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-27, 23:21   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي صب المنجنيق على من رمى السلفيين بالتفريق

نصب المنجنيق على من رمى السلفيين بالتفريق

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
من التهم الشنيعة التي يروج لها ذوي الأغراض الحزبية أو الأحقاد الصوفية والخرافية أن دعاة السنة والتوحيد السلفيين يفرقون الأمة بدعوتهم وتحذيرهم من الفرق المنحرفة على مختلف نحلها وألوانها فكان مما افتروه بألسنتهم الأفاكة وأقلامهم الفتاكة أن السلفيون يفرقون الأمة وحجتهم في ذلك لا تعدوا عن حجة أجدادهم المفرقين حقيقة ببدعهم المخالفة لما كان عليه سلفنا الصالح وحججهم الواهية على شقين:
الشق الأول:قولهم بأن السلفيون فرقوا الأمة بتحذيرهم من الأحزاب والجماعات الإسلامية.
الشق الثاني:قولهم بأن السلفيون فرقوا الأمة بتسميتهم الجديدة(السلفية) .
وبيانا للبس وكشفا للدس الذي هو دأب أهل الأهواء والتحزب الملبسين على عوام الناس والمفرقين للأمة سأناقش هذه الفرية من شقيها سائلا المولى تعالى التوفيق والسداد.

مناقشة الشق الأول: :قولهم بأن السلفيين فرقوا الأمة بتحذيرهم من الأحزاب والجماعات الإسلامية.

أقول:
إن الذين يرمون أهل السنة(السلفيين) بأنهم يفرقون بين المسلمين ويصدعون الصف من الداخل بحجة أنهم يردون على المخالفين ويبينون أخطائهم يقال لهم:نعم إن أردتم التفريق بين الحق والباطل والهدي والضلال والسنة والبدعة فقد ثبت في البخاري من حديث جابر بن عبد الله في قصة الملائكة الذين جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو نائم وفيه قال بعضهم(( ومحمد فرق بين الناس))(1)
فهذا الحديث يبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم فرق بمجيئه بين الحق والباطل بين التوحيد والشرك وبين السنة والبدعة حيث قال كذلك((وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ))قيل (ومن هي يا رسول الله )قال ((ماكان على مثلي ما أنا عليه اليوم وأصحابي))(2)
فأهل السنة المتمسكين بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بدعوتهم للكتاب والسنة يتميز بذلك السني من البدعي ويظهر صاحب العقيدة الصحيحة من الفاسدة وما هذا إلا تطبيقا منهم لقوله تعالى(كنتم خير أمة خرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهون عن المنكر)
قال ابن تيمية رحمه الله((والأمر بالسنة والنهي عن البدعة هو أمر بمعروف ونهي عن منكر وهو من أفضل الأعمال الصالحة))(3) وهو أيضا من باب قوله تعالى(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا))(آل عمران103)
فإن أمر الناس بالخير ونَهيهم عما يسيرون عليه من طرائق ضالة مُخالفة لِهدي سلف الأمة، ليس تفريقًا، بل هو جمع الناس وردهم لِمَا عليه السلف الصالح، وذلك مثل أن يخرج داعية مصلح فِي أرض تكثر فيها البدعة فيدعوهم إلَى التوحيد والسنة، ويتفرق الناس بعد ذلك إلَى فريقين: فريق مستجيب، وآخر معرض عنيد، فإن هذا الداعية لا يُذم، ويُعاب عليه تفريقه للناس، وإنَّما الذي يُذم ويُعاب من لَمْ يستجب للحق.
وهذا رسولنا قد سمى عمر بن الخطاب بالفاروق لأن الله فرق به بين الحق والباطل فقد جاء في الطبقات لابن سعد أن أبا عمرو ذكوان قال(قلت لعائشة"من سمى عمر بالفاروق؟قالت((النبي صلى الله عليه وسلم))(4). وقد ورد هذا الحديث ولكنه مرسل فعن أيوب بن موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وهو الفاروق فرق به بين الحق والباطل))(5)
و القرآن من أسمائه الفرقان؛ فهو: مفرق بين الحق والباطل، وبين الهدى والضلال، وبين الشرك والتوحيد، وبين الإيمان والكفر.
فهذا التفريق المبني على الحقّ والعدل هو ما يُمارس به تطبيق دين الله، ليس بالمجاملة، والمداهنة ولا المداراة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله» (6).
وأذكّر -أيضاً- بكلمة يقولها أهل العلم «لولا حملة المحابر وأصحاب الدفاتر لَخَطَبتِ الزنادقة على المنابر»، وهذا -كلّه- مبني على هذا التفريق، ومؤسّس على تلك الردود والتحذيرات من أهل البدع من جماعات محدثة وأحزاب مفرقة للأمة.
أما إن كان قصدكم أنهم فرقوا الناس بمعنى يدعون إلى الفرقة والإختلاف المنهي عنها شرعا فهذا هو الكذب الفادح,ذلك أن دعوتهم بحمد الله تقفوا أثر الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح من الصحابة والتابعين,فإن كان هؤلاء دعاة فرقة واختلاف بالمعنى الذي عينتموه فنحن كذلك والعكس بالعكس.
فهم (السلفيون) ينطلقون من قوله تعالى((( وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ))الأنعام55
ومن قاعدة التصفية والتربية فإنه معلوم لمن له أدنى معرفة أن ليس كل من دعا بدعوة واجتمع حوله من اجتمع من الناس فإن دعوته حينذاك تكون صحيحة لأن الأخذ بالكثرة ليس مبزانا لمعرفة الحق من الباطل قال الله تعالى((وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ))يوسف 103
فالرجال يعرفون بالحق وليس الحق يعرف بالرجال فاعرف الحق تعرف أهله ورضي الله عن عبد الله بن مسعود إذ يقول(الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك))(7)
لهذا فإن السلفيون يطهرون المجتمع من لوثات هؤلاء المندسين على الإسلام والمسلمين ومن تأثر بهم من أبناء المسلمين حتى يصبح دين الله سليما قويا خالصا مما علق به وشوه جماله والله حسيبهم في ذلك.
ولذلك قال ابن تيمية: " وإذا كان أقوام ليسوا منافقين ولكنهم سمّاعون للمنافقين، قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقا، وهو مخالف للكتاب، وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين، كما قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}، فلا بد من بيان حال هؤلاء، بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم، فإن فيهم إيمانا يوجب موالاتهم، وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين، فلا بد من التحذير من تلك البدع، وإن اقتضى ذلك ذِكْرُهم وتعيينُهم، بل ولو لم يكن قد تَلَقَّوْا تلك البدعة عن منافق، لكن قالوها ظانِّين أنها هدى وأنها خير وأنها دين، ولو لم تكن كذلك لوجب بيان حالهم))(8)
فالسلفيون لا يرضون أن ينضم معهم وبينهم الشيعي والصوفي والبعثي والناصري والاشتراكي والحزبي بدون نصيحة لهم بل يناصحون هؤلاء بالكتاب والسنة فمن قبلها فحي هلا ومن لم يقبلها فلا لقاء بيننا وبينه لأنه قد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله(لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة)(9) .
والفرق بين دعاة منهج السلف وغيرهم: أنّ السلفي يُحارب البدعة وأهلها ويرد عليهم، ولكنْ يسعى غيره من أهل الهوى إلى التجميع على غير هدى، قصدهم في ذلك العدد والكثرة، ولا ينظرون إلى الحقيقة التي ينبغي أن يقام عليها التجميع؛ محتجين بأن المطلوب عدم تفريق هذه الأمة! فنظرتُهم هذه عشوائية غثائية، ودعوةُ الحقِّ دعوةُ غربلةٍ وكما قال أحد شيوخنا(«الدَّعوة السَّلفيَّة مصفاة الدعوات»؛ بل إن السَّلفيين يَرُدُّ بعضهم على بعضٍ! بعلم وأدب وألفة، من أجل هذه التصفية.
أرأيتم أيها القراء الكرام لو كان السد الذي يجعل للماء الجاري ركيكا وغير صلب أتراه يثبت لو طم وعم عليه السيل الغزير؟أم أنه سيطغى عليه السيل بخلاف ما إذا كان السد متينا وصلبا?كذلك يقال هنا.إذا كنا جميعا على كلمة سواء من عقيدة ومنهج واحد وتمسكنا بالسنة الغراء واقتفينا أثر سلفنا الصالح فإننا حينئذ نستطيع أن نتغلب على أعدائنا مصداقا لقوله تعالى ((إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ))محمد7
وفي الردّ على المخالف دفاع عن الإسلام من جبهتين:
" الأولى: الخطر الخارجيّ وهو الكافر المتمحِّض، الذي لم يعرِف نور الإسلام، بما يكيده للإسلام والمسلمين من غزو يحطِم في مُقَوِّماتهم العقديّة والسّلوكيّة والسياسية والحكميّة ...
الثانية: مواجهة التّصدُّع الدّاخليّ في الأمة بفشُوِّ فِرق ونحل طاف طائفها في أفئدة شباب الأمّة ... إذ التّصدُّع الدّاخليّ تحت لباس الدين يمثِّل انكسارا في رأس المال : المسلمين، وقد كان للسّالكين في ضوء الكتاب والسنّة
ـ الطّائفة المنصورة ـ الحظّ الوافر والمقام العظيم في جبر كسر المسلمين بردّهم إلى الكتاب والسنّة، وذلك بتحطيم ما قامت عليه تلك الفرق المفرّقة من مآخذ باطلة في ميزان الشرع "(10).
أما أننا نهتم باللفلفة والتجميع من غير نظر إلى عقائد القوم ولا التصفية لهم ونريد أن نواجه ونهزم الأعداء فهذا لا ولن يكون أبدا والواقع أكبر برهان على ذلك وهو من التشبه باليهود(تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) }، وكان من أسباب لعنتهم ما ذكره الله بقوله :{كانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ}"( ).
فالتجميع والوحدة أنما تكون على أساس الكتاب والسنة عقيدة وعبادة وسياسة وأخلاقاًِ هذا هو الأساس الذي يتعطش إليه السلفيون ويدعون إليه يا من رميتموهم بالتفرقة وهو أمر واجب لا عذر للمسلمين في التقصير فيه والتباطؤ والتقاعس عنه ، ونصوص القرآن والسنة الداعية إليه والحاثة بشدة عليه كثيرة منها قول الله تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ( ، وقال سبحانه : ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) ففي هذين النصين أمر للأمة جميعها أن تعتصم بحبل الله وهو الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
واتباع الصراط المستقيم هو اتباع الكتاب والسنة والاعتصام بهما وفيهما نهي عن التفرق في العقائد والعبادات والمناهج والسياسات وغيرها ونهيٍ عن اتباع السبل التي على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ,ومن هذه السبل المضلة الطرق الصوفية والرافضية والسياسية بما حوتها من عقائد ومناهج .
أما التجميع على الطريقة الأروبية في التجمعات والتحالفات على الضلال والجهل والخرافات فإنها والله لا تزيد المسلمين إلا خذلاناً وذلاً وهواناً ,فليس هذا هو العلاج أبداً ، إنما العلاج هو العودة الجادة إلى الكتاب والسنة وذلك هو الدِّين الصَّحيح الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالرجوع إليه إذا هي عاشت في الهوان وعانت من الذل فقال صلى الله عليه وسلم : " إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع واتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينـزعه عنكم حتى ترجعوا على دينكم " (11).
أي الدِّين الحق الذي تضمنته النصوص القرآنية والنبوية,لا دين الجهمية ولا المعتزلة ولا الأشاعرة ولا دين الحلاج وابن عربي وابن سبعين وابن الفارض ولا دين النقشبندية والسهروردية والتيجانية والمرغنية ونحوها من الطرق القائمة على الحلول ووحدة الوجود وعبادة القبور والخرافات فإن هذه هي السبب الرئيس في إضلال كثير أو أكثر المسلمين ورميهم في هوة الجهل بحقيقة الإسلام والتوحيد الذي جاءت به كل الرسالات ,والسبب الرئيس في ذلهم وجعلهم غثاء تتداعى عليهم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها .
ولذلك كان أئمتنا أفقه من أن يداهنوا المنحرفين عن منهج السلف، بل رأوا جهادهم أكبر الجهادين، كما قال يحيى بن يحيى شيخ البخاري ومسلم: " الذبّ عن السنة أفضل من الجهاد "(12)، رواه الهرويُّ بسنده إلى نصر بن زكريا قال سمعتُ محمد بن يحيى الذهلي يقول سمعتُ يحيى بن يحيى يقول: " الذّبُّ عن السُّنّة أفضلُ من الجهاد في سبيل الله، قال محمد: قلتُ ليحيى: الرجلُ ينفِقُ مالَه ويُتْعِبُ نفسَه ويجاهد، فهذا أفضلُ منه؟! قال: نعم بكثير! "(13).
وقال الحميدي شيخ البخاري : " والله! لأن أغزو هؤلاء الذين يَرُدُّون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إلي من أن أغزو عِدَّتهم من الأتراك "(14)، يعني بالأتراك: الكفار. وقد وجدتُ مثل هذا عند من هو أعلى طبقةً من الحميدي؛ قال عاصم بن شُمَيْخ: فرأيتُ أبا سعيد ـ يعني الخدري ـ بعد ما كبِر ويداه ترتعش يقول: " قتالهم ـ أي الخوارج ـ أجلّ عندي من قتال عِدَّتهم من
الترك "(
15
).
قلت: ولذلك قال ابن هبيرة في حديث أبي سعيد في قتال الخوارج: " وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين؛ والحكمة فيه أن قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح؛ وحفظ رأس المال أولى "(16).
وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم: " المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله "(17).
وقال ابن القيم: " والجهاد بالحجة واللسان مقدَّم على الجهاد بالسيف والسنان "(18).
وبهذا أصبح أهل السنة السلفيين غرباء بين الناس فهم بين الفرق الإسلامية كالإسلام بين بقية الأديان في الغربة والله المستعان بينما أهل البدع والأهواء خصوصا الإخوان المسلمون همهم الأكبر اللفلفة والتجميع على غير صفاء على قاعدة حسن البنا((نعمل فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه))(19).
وما قاله أيضا((وتستطيع أن تقول –ولا حرج عليك-إن الإخوان المسلمين دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية ثقافية وشركة إقتصادية وفكرة إجتماعية))(20).
قال الشيخ بكر أبو زيد عن قاعدة حسن البنا((نعمل فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه)) ((هذا تقعيد حادث فاسد إذ لا عذر لمن خالف في قواطع الأحكام في الإسلام فإنه بإجماع المسلمين لا يسوغ العذر ولا التنازل عن مسلمات الإعتقاد))(21).
لذا فإننا نرى التنازلات تلو التنازلات من قيادات هذه الأحزاب’كل ذلك لأجل الإسلام ونصرته-زعموا-وهل ينصر الإسلام بضده وبما يخدشه؟!
والأمر العجيب الغريب أن هؤلاء الخصوم مـن الحزبيين، والبدعيين، والمخرّفين- يعادون السَّلفيين والسَّلفيَّة، ويبغضونهم أشد ما يكون البغض، بل ويضخمون أخطاءهم -عياذاً بالله-، بينما -وفي الوقت نفسه- نراهم يداهنون أهل البدع، كالشيعة! بل يداهنون اليهود والنصارى!! وتراهم في عدائهم للسلفيين مظهرين أشدّ ما يكون من العداء!!! -عياذاً بالله-.
وهذه مواقف كثيرة يظهر فيها عداؤهم للسلفيين، وما ذلك إلا لأنهم يأخذون بعزائم الأمور، ويحيون المهجور من السنن، فهل في هذا عيب يُعابون به؟!!
كلا والله… إنَّما العيب فيمن خالف السنّة، واستهزأ بأهلها، وتساهل في أمور الدين، وارتكب المحظور، وترك الواجب، ثمّ تراه حالقاً لحيته، ثم إذا به يغمز بصاحب اللحية نابزاً إياه بقوله: «منظر غير حضاري»! وكأنه غفل أو تغافل عن قول ربنا حكاية عن هارون: (( قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي )) [طه:94] الآية، وفيها دليل واضح -وفي غيرها- على أنَّ الأنبياء هذه كانت سنّتهم.
ثم؛ هل في تقصير الثوب حتى منتصف الساقين إلى أعلى الكعبين -كما هي السنّة- تشدد، وتفريق لوحدة الأمّة؟!!
وهل تحريم مصافحة النساء الأجنبيات تفريق لكلمة المسلمين؟!!
أم هل تحريم سماع الأغاني والمعازف تشدد وتنطع؟!!
وإننا لنعلم أنَّ جماهير العلماء قد أفتوا بحرمة ذلك -سلفاً وخلفاً-.
إنها افتراءات -أيها الأخوة- واتهاماتٌ؛ يُراد منها التنفير عن دعاة الكتاب والسُّنَّة وأتباع سلف الأمَّة؛ ولمزهم بأمثال هذه الافتراءات، وقد وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم و أصحابه، وخلفاءَه باتباع السنّة، وأمر من بعدهم بأن يعضّوا عليها -أي السُّنَّة- بالنواجذ.
فطوبى لكم -أيها السَّلفيُّون- بتمسككم بالسنة، وطوبى لكم أنكم حقّقتم حديث الغربة: «طوبى للغرباء» قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: «أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يُطيعهم»(22).
فظهر مما تقدم ذكره أن أهل السنة السلفيين دعاة إئتلاف وإجتماع على الحق والهدى والأصل ويحاربون الدخيل والحادث المفرق لجماعة المسملين أما المخالفين فهم بحد ذاتهم مفرقون بأحزابهم الجديدة الحادثة التي خرجوا بها عن جماعة المسلمين فتفرقت الأمة بسببهم إلى شيعا وأحزابا.

مناقشة الشق الثاني:قولهم بأن السلفيين فرقوا الأمة بتسميتهم الجديدة(السلفية).

والجواب على هذا الشق كسابقه فيقال: إن التسمي بالسلفية غرضه التمييز بين الحق والباطل وبين أتباع السلف السائرون على طريقة محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام وبين غيرهم ممن خالفوا هذا النهج الأصيل وبهذا التمييز يحدث التجميع على الحق والهدى ويتحقق قوله تعالى(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) فمن الواجب أن نبين للناس حبل الله حتى يعتصموا به ويجتمعوا عليه لقوله تعالى(لميز الله الخبيث من الطيب) وقوله تعالى (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) .
إذ من المعلوم أن المسلمون الأوائل كانوا على الإسلام الصافي قبل أن تدخله التشويهات والتبديلات فلم يكن المسلمون آنذاك بحاجة لإسم يتميزون به عن غيرهم فلما ظهرت الطوائف المنحرفة عن الطريق السوي الذي كان عليه السلف الصالح مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم((وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)) قيل(ومن هي يارسول الله) قال ((ما كان على مثلي ما أنا عليه اليوم وأصحابي))(23) احتاج المسلمون الذي كانوا على الحق سائرون وبه متمسكون وعن سواه يتبرؤون أن يتميزوا ويميزوا غيرهم بأسماء شرعية فلقبوا أنفسهم بتسميات منهاأهل الحديث-السلفيون-أهل السنة-أهل السنة والجماعة- أهل الأثر-الأثريون-الجماعة-الغرباء-الفرقة الناجية-الطائفة المنصورة) كما لقبوا غيرهم نسبة لبدعهم فالرافضة نسبة لرفضهم خلافة أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم والجهمية نسبة لرأي جهم ابن صفوان والأشاعرة نسبة لأبي الحسن الأشعري وهكذا كما قال اللالكائي المتوفى سنة 418هـ -رحمه الله- في كتابه الفذ: «شرح أصولاعتقاد أهل السنة والجماعة» (1/32- 25):
«ثم كل من اعتقد مذهباً فإلى صاحب مقالته التي أحدثها ينتسب، وإلى رأيه يستند إلا أصحاب الحديث فإن صاحب مقالتهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهم إليه ينتسبون، وإلى علمه يستندون، وبه يستدلون، وإليه يفزعون، وبرأيه يقتدون، وبذلك يفتخرون، وعلى أعداء سنته بقربهم منه يصولون، فمن يوازيهم في شرف الذكر، ويباهيهمفي ساحة الفخر، وعلو الاسم؟!))
24)ولذلك؛ فإن الجمع بين الفرقة الناجية والفرق الهالكة تحت كلمة المسلمين -بمعناها الآن- لا يميز أهل الحقِّ عن أهل الباطلِ؛ مع أن تمييز أهل الحقِّ مراد شرعي؛ جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسماهم الجماعة، وسماهم الغرباء، وجعل منهجهم هو أمارتهم، فقال: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي» (25)؛ فالإصرار على التسمية العامة يعدّ تعطيلاً لمراد الله ورسوله، وتعطيل مراد الله ورسوله ضلال.
فتعريف الفرقة الناجية والطائفة المنصورة باسم شرعي أمرٌ شرعي، وكل فِرَقِ الأمَّة تدعي أنها على الكتاب والسُّنَّة؛ ولكن الذي يميز المحق من المبطل هو منهج فهم الكتاب والسُّنَّة؛ فهو عند الفرقة الناجية اتّباع فهم الصحابة، وعند غيرهم اتباع (بُنيّات الطريق) أي: الانحراف عن هذا المنهج
-منهج الصحابة في فهم نصوص الكتاب والسنّة-.
فلا يمكن أن يفهم السامع من رجل يقول عن نفسه: أنا مسلم، أنه على الكتاب والسُّنَّة بفهم سلف الأمَّة؛ بل سترد على باله جميع فرق الأمَّة، ولما كان «ما قلَّ وكفى خير مما كثر وألهى» (26)، فإن المسلم الذي على الكتاب والسُّنَّة -بفهم سلف الأمَّة والصحابة ومن تبعهم- هو السلفي؛ فقد قال الذهبي في ترجمة الدارقطني: «ولم يدخل في شيء من علم الكلام، بل كان سلفياً»(27).
ونحن دائما نشبه هذا الأمر بما يلي: أن الإسلام الحقّ: هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ محجة بيضاء -كالورقة البيضاء- جاء الخوارج قطعوا قطعة ولوّنوها، وجاء الروافض، وقطعوا قطعة ولونوها بلون آخر، وجاء الصوفية ولوّنوها بلون ثالث . . . و . . . وهكذا، فبقيت في الوسط دائرة بيضاء؛ فمن ينظر إلى هذه الدائرة البيضاء فإنه يقول: هذه فرقة مثل الفرق؛ لأنه لا يعرف حقائق الأشياء، وأما الذي ينفذ نظره إلى ما بعد الألوان، فإنه يعرف أن الأصل هو البياض؛ وأنّ ما حوله منحرف عنه!
فنقول: إنَّ جميع الفرق انحرفت، وبقيت هذه الجماعة على الأصل، وهو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ فهل السَّلفيَّة عندئذٍ تفرق الأمَّة؟!
أم أنها هي الباقية على المحجة البيضاء؛ ليلها كنهارها، لا يزيغُ عنها إلا هالك، ولا يتنكبها إلا ضال؟!
ولذلك؛ فعندما يعود المسلمون إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أمةً واحدةً، وجماعةً واحدةً، فعندها تتساقط جميع التسميات تلقائياً، ومن أصر على شيء: فعندها يقال له: تريد تفريق جماعة المسلمين.
والأمر الآخر أن يُقال: هل إذا تركنا هذه التسمية (السلفية) سيترك الحزبيون أسماءَهم؟! أم هل سيعلنون البراءة منها؟!
الجواب لا؛ إذا فكيف يطلبون منا أن نترك اسماً شرعياً وهم يتمسكون بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان؟!!.

وبهذا يتبين مدى تهافت هذه الشبهة المتناقلة بين عوام الناس وغيرهم والله ناصر دينه ومكبت خصومه إنه ولي ذلك و القادر عليه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وكتبه جمال البليدي ستر الله عيوبه.



----------------------
الهامش:
(1)رواه البخاري كما تقدم
(2) أخرجه الترمذي، 41 -كتاب الإيمان، حديث (2641) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(3)منهاج السنة النبوية(2/253).
(4)الطبقات لابن سعد(3/271).
(5)المصدر السابق(3/270) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع(ص228) ولكن العبارة الأولى وهي(إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه)) صحيحة أخرجها أبوداود في سننه كتاب الخراج,باب: في تدوين العطاء(3/365) وصححها الألباني في صحيح الجامع(1/358) وانظر المشكاة(3/1704).
(6) صححه الألباني في «صحيحته» (1728)
(7)الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة(ص92).
(8) » مجموع الفتاوى « (28/233).
(9حسنه الشيخ الألباني رحمه الله انظر السلسلة الصحيحة - مختصرة - (ج 3 / ص 319)
(10)إختصار لما كتبه الشيخ بكر أبو زيد في كتابه » حكم الانتماء إلى الأحزاب « ص (53ـ54).
(11) أخرجه أبو داود 17- كتاب البيوع 56- باب في النهي عن العينة حديث (3462) وأحمد (2/84) والبيهقي في الكبرى (5/316).
(12) » مجموع الفتاوى « (4/13).
(13) (( ذمّ الكلام )) ق ( 111ـ أ ).
(14) رواه الهرويُّ بسنده في » ذمّ الكلام « (228 ـ الشبل).
(15) ( ) رواه ابن أبي شيبة (15/303) وأحمد (3/33)
(16) » فتح الباري « لابن حجر (12/301).
(17) » تاريخ بغداد « (12/410).
(18) شرح القصيدة النونية « للشيخ محمد خليل هراس (1/12)، وانظر: » الجواب
الصحيح « لابن تيمية (1/237).
(19مجموعة الرسائل لحسن البنا(ص23-24).
(20)مجموع رسائل الحسن البنا(ص156).
(21)حكم الإنتماء (ص149).
(22) صححه الألباني، انظر «الصحيحة» (1619)، «صحيح الجامع» (3921).
(23)تقدم تخريجه.
(24)«شرح أصولاعتقاد أهل السنة والجماعة» (1/32- 25).
(25)تقدم تخريجه.
(26)السلسلة «الصحيحة» (443،947).
(27) «السير» (16/457) ترجمة رقم (332).