منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - سلسة الرد على شبهات دعاة التكفير
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-27, 22:58   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الواحدة و العشرون :إستدلالهم بقوله تعالى(أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون)

ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن من حكم بغير ما أنْزل اللهُ فقد ابتغى حكم الجاهلية ، والله يقول: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}([1]) والجاهليون كفار ، فمن فعل مثلهم فهو كافر.

والجواب على هذه الشبهة من:
إضافةُ الشيء إلى الجاهلية أو وصفه به لا يدل على الكفر فمن ثم لا يكون كفراً إلا بدليلٍ خارجي دالٍ على الكفر ويوضح ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لأبي ذر " إنك امرؤٌ فيك جاهلية " متفق عليه وقال في حديث أبي مالك الأشعري عند مسلم( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن ...)
قوله: ((ثلاثة من أمر الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة والأنواء))(104).
ومثله الحديث الذي يُرْوَى عن جرير وأبي البختري الطائي: ((ثلاثة من سنة الجاهلية النياحة وصنعة الطعام، وأن تبيت المرأة في أهل الميت من غيرهم))(105) وكذلك الحديث " آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا أوعد أخلف وإذا ائتمن خان " (106) وقول عبد الله " الغناء ينبت النفاق في القلب "(107)
ليس وجوه هذه الآثار كلها من الذنوب أن راكبها يكون جاهلاً، ولا كافراً، ولا منافقاً، وهو مؤمن بالله وما جاء من عنده، ومؤد لفرائضه، ولكن معناها أنها تتبين من أفعال الكفار، مُحَرَّمَةٌ مَنْهِيٌّ(108) عنها في الكتاب وفي السنة ليتحاماها المسلمون ويتجنبوها، فلا يتشبهوا بشيء من أخلاقهم ولا شرائعهم.
ولقد روي في بعض الحديث: ((إنَّ السواد خضاب الكفار))(109) فهل يكون لأحد أن يقول: إنَّه يكفر من أجل الخضاب ؟!
وكذلك حديثه في المرأة إذا استعطرت ثم مرت بقوم يوجد ريحها: ((أنها زانية))(110) فهل يكون هذا على الزنا الذي تجب فيه الحدود؟
ومثله قوله: ((المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان))(111). أفيتهم عليه أنه أراد الشيطانين الذين هم أولاد إبليس ؟!
إنما هذا كله على ما أعلمتك من الأفعال والأخلاق والسنن.
وكذلك كل ما كان فيه ذكر كفر أو شرك لأهل القبلة فهو عندنا على هذا، ولا يجب اسم الكفر والشرك الذي تزول به أحكام الإسلام ويلحق صاحبه للردة إلا بكلمة الكفر خاصة دون غيرها وبذلك جاءت الآثار مفسرة"([2]) .
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمهُ اللهُ- : " فقد أخبرك أن في الذنوب أنواعاً كثيرة تسمى بهذا الاسم، وهي غير الإشراك التي يتخذ لها (100) مع الله إله غيره، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فليس لهذه الأبواب عندنا وجوه إلا أنها(101) أخلاق المشركين وتسميتهم وسننهم وألفاظهم وأحكامهم ونحو ذلك من أمورهم.
وأما الفرقان الشاهد عليه في التَّنْزيل فقول الله جل وعز: ]وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُون[ ( المائدة /44) وقال ابن عباس: " ليس بكفر ينقل عن الملة " (102) وقال عطاء بن أبي رباح: " كفر دون كفر "
فقد تبين لنا أنه (103) كان ليس بناقل عن ملة الإسلام أن الدين باق على حاله وإن خالطه ذنوب، فلا معنى له إلا خلاف الكفار وسنتهم، على ما أعلمتك من الشرك سواء، لأن من سنن الكفار الحكم بغير ما أنزل الله.
ألا تسمع قوله ] أفحكم الجاهية يبغون[ ( المائدة /50). تأويله عند أهل التفسير أن من حكم بغير ما أنزل الله وهو على ملة الإسلام كان بذلك الحكم كأهل الجاهلية إنما هو أن أهل الجاهلية كذلك كانوا يحكمون.)) الإيمان ص 45 .

--------------------------------------------------------------------------------
([1]) سورة المائدة(آية/50).
(104) حديث صحيح، رواه البخاري في " التاريخ " والطبراني في " الكبير " (1/105/2) عن جنادة بن مالك، والبزار عن عمرو بن عوف، وابن جرير عن أبي هريرة وعن أنس بن مالك، وعنه أبو يعلي أيضا باختصار بإسناد قوي كما في " الفتح " (37/12) وهو في البخاري عن ابن عباس موقوفا عليه.
(105) أما حديث جرير وهو ابن عبد الله البجلي، فقد أخرجه ابن ماجه (1612) عن إ سماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير قال: " كنا نرى الاجتماع الى أهل الميت، وصنعة الطعام من النياحة " وإسناده صحيح وأما حديث أبي البحتري واسمه سعيد بن فيروز تابعي ثقة – فلم أره.
(106) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
(107) رواه أبو داود (4927) عن عبد الله وهو ابن مسعود مرفوعا، وإسناده ضعيف. يقول أبو عمر العتيبي: وصح موقوفاً على ابن مسعود -رضي الله عنه-. رواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة(2/629) ، والبيهقي في السنن الكبرى(10/223) ، وفي شعب الإيمان(4/278) وسنده حسن.
(108) كذا الأصل، ولا يخلو من شيء
(109) حديث ضعيف أخرجه الطبراني والحاكم وقال الذهبي وغيره: " حديث منكر ".
(110) حديث صحيح، أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في " صحاحهم " عن أبي موسى الأشعري مرفوعا بلفظ: " أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية " وأخرجه بنحوه أبو داود والترمذي وصححه.

([2]) كتاب الإيمان ومعالمه وسننه واستكماله ودرجاته لأبي عبيد(ص/44-46) ، والتعليقات لمحققه الشيخ الألباني -رحمهُ اللهُ- .
(100) كذا الأصل ولعل الصواب (فيها )
(101) الأصل (أنا ) ولعل الصواب ما أثبتنا
(102) الأصل (ملة ) والتصويب من ( مستدرك الحاكم )، وقد أخرجه (2/313) من طريق طاوس عن ابن عباس وصححه هو والذهبي
(103) كذا الأصل، ولعل الصواب (إذ)