منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - رواد علم الاجتماع
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-25, 05:37   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse تابع

3. لقد كان لقربه من ذوي السلطان والقوة، واشتغاله بالسياسة دور أساسي في تحديد موقفه من النظام القائم. فأحكامه على سكان الحواضر، وعلى العرب أحكام قيمية. ومع إدراكه لأهمية عوامل الصراع، وفرص الناس من المعاش، في تشكيل المجتمع وتغييره، إنه نظر للسلطة السياسية يوصفها غاية النيات ونهاية المطاف. فقد أشار إلى أنه متى تحققت الضرورة الاجتماعية عند الناس – أي تكون المجتمع – لا بد لهم من وازع تكون له عليهم الغلبة والسلطان واليد القاهرة، وأن هذا الملك ليس لكل عصبية وإنما الملك على الحقيقة لمن يستعد الرعية، ويوصي بالأموال ويبعث البعوث ويحمي الثغور ولا تكون فوق يده يد قاهرة، وهذا معنى الملك وحقيقته في المشهور.(1)
ويكاد يكتشف موقفه التام من النظام المحيط به عندما برر الأوضاع والفوارق الطبقية وعدها أمرا طبيعيا محتوما.
وفي هذا يقول ( إن الجاه متوزع في الناس ومترتب فيهم طبقة بعد طبقة ينتهي في العلو إلى الملوك الذين ليس فوقهم يد عالية، وفي السفل إلى من لا يملك خيرا ولا نفعا بين أبناء جنسه، وبين ذلك طبقات متعددة .. فقد تبين أن الجاه هو القدرة الحاملة للبشر على التصرف فيمن تحت أيديهم من أبناء جنسهم بالإذن والمنع والتسلط بالقهر والغلبة ليحملهم على دفع مضارهم).(2)
وحصاد هذه الآراء والأقوال يوضح أنه كان في بحثه ساعيا إلى تدعيم النظام القائم وتبريره، مؤيدا الفوارق بين الناس، لأمور ليست بأيديهم، ومطالبا الناس بالطاعة ( الناس على دين ملوكهم ) ومبرزا لأهمية القهر والحكم الفردي والطغيان. ولولا وقوعه في هذا المأزق لكان علم الاجتماع لديه أكثر اكتمالا علميا واجتماعيا، لأنه وان كان قد أقر التغير في الاجتماع الإنساني، فقد رفض كل تغير مقصود تاركا إياه فقط لتلقائية وقوعه، ولإرادة الملوك والحكام. وهذا يعني إشارته إلى خضوع المجتمع لقوانين طبيعية تعني في مضمونها الاجتماعي أن البشر مهما حاولوا فلن يغيروا شيئا، وفي ذلك إهدار فاعلية الإدارة الإنسانية عبر التاريخ.



(1)، (2) عبد المعز نصر، (فلسفة السياسة لدى ابن خلدون) ، بحث قدم لمهرجان ابن خلدون، منشورات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، 2 – 6 يناير 1962م، ص318 – 345.