موقف القذافي من السنة النبوية
لم يكن غريباً على القذافي الذي تطاول على كتاب الله وأنكر المعلوم منه بالضرورة أن يمد عدوانه على السنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام. وقد سبق القذافي أقوام من الزنادقة ومن غلاة أتباع الفرق الخارجة عن الملة وبعض المستشرقين في محاولة النيل من السنة بشتى انواع الكيد، ولكن عدوان القذافي على السنة بدون شك قد فاقهم مكاء وتصدية، وجراءة آثمة منكرة على الحرمات. فهو قد أنكر علانية حجية السنة ودورها في الدين عقيدة وشريعة ومعاملات وعبادات، وشكك في صحة الحديث النبوي طاعنا في ما وصلنا من صحيحه، ولم يسلم من هذا التطاول لا رسول الله و لا صحابته الكرام رضوان الله عليهم. بل إن القذافي قد نصب نفسه، وهو من هو من عدم دراية وقلة معرفة، ليقرر لنا ليس فقط ما يجوز وما لا يجوز أن يعتد به من احاديث، بل ويضع تصنيفات فاسدة للحديث ضارباً بعرض الحائط كل ما وضعه العلماء من أسس انبنت عليها علوم الحديث ومصطلحه.
ولسنا في مجال تعقب أقوال القذافي ومواقفه العدائية تجاه السنة فهي كثيرة، لكننا نشير إلى بعضها حتى يتبين الدرك السحيق الذي بلغه القذافي.
ففي مجال إنكاره لأن تكون السنة مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي، يقول: "نحن لا نعتد إلا بالقرآن فقط، مهمة النبي أن يوصل لنا القرآن، وبمجرد ما تم القرآن مات النبي، هذا الدين كله في القرآن وبالتالي يأتي إليك واحد باسم الدين أقطع رقبته على طول" ويدعي القذافي بكل صفاقة واجتراء بأن القرآن "ما قال له (أي للنبي) اجتهد، قل لهم أي شيء، أبداً كان يقول له بلغ الرسالة، احذر أن تخرج عن القرآن، احذر أن تزيد قولاً آخر عن القرآن" ثم يعود القذافي في مناسبة أخرى ليدعي: "الرسالة هي القرآن فقط لا غيرها. النبي لم يكن يبلغنا بشيء إلا عن القرآن، وعندما انتهى القرآن مات النبي لأن مهمته انتهت" ثم يجادل متبعاً أهواءه ومخططاته "هل فيه نص في القرآن كله على أن النبي قال: الكلام الذي أنا قلته لازم تتبعوه" ثم يعلن بكل صفاقة بأن تطبيق السنة واتباع حديث الرسول شرك: "من الذي أتى وقال حديث النبي هذا لابد نمشوا به ونقدسوه مثل القرآن، هذا شرك طبعاً".
فالأمر ليس اجتراء على السنة فحسب بل هو كذب متعمد على رسول الله وعلى القرآن الذي أنزله عليه رب العالمين. ولكن لا يبقي القذافي أدنى شك في أبعاد نواياه نراه قد اختلق تعريفاً للسنة: "السنة ليست الحديث .... فسنة الرسول في الفقه الإسلامي ليست أحاديث الرسول على الإطلاق، والذي يعرفها بأنها الحديث فهو جاهل ولا يعرف معنى اللغة". ولم يقل لنا القذافي ما هي الوسيلة إذن التي تمكنا بها من معرفة سنة الرسول r ؟.
ولا يكتفي القذافي بذلك بل يشن حملة شعواء مشككاً في الحديث النبوي فيقول: "الحديث موجود الآن في كتب، وهو تراث إسلامي، وتراث ديني أيضاً، كل واحد منا حر في تطبيق الحديث، وكل واحد يحكم عقله فيما يستحسنه من هذه الأحاديث يأخذ بها، والتي يراها ضعيفة مكذوبة، لا لزوم لها يتركها". إذن هو تغليب الهوى والحكم بالرأي بدلاً من المنهج والموازين والمعايير التي وضعها العلماء. ليس هذا فقط بل إنه يحذر من الحديث: "مسألة الحديث عليها علامة استفهام كبيرة" أما مصدر الأحاديث – دون تحديد – فيوعزها القذافي إلى صراع بين أحزاب سياسية: "يعني الفاسق لا يتورع أن يؤلف حديثاً وينسبه إلى الرسول ليدلل على أن موقف قائد هذا الحزب أو الفرقة صحيح. وهكذا ظهرت الأحاديث". هذه بعض مواقف القذافي وأقواله من السنة، وهي تكشف ما يعتمل في نفسه من جهالة ومن تصميم على محاربة السنة وما حوته من منهج يحفظ على المسلمين دينهم ويوجههم نحو سعادة الدارين: الدنيا والآخرة.
منقول