حليب الإبل :
أما لبن الإبل فهو أعجوبة من الأعاجيب التي خصها الله سبحانه للإبل حيث تحلب الناقة لمدة عام كامل في المتوسط بمعدل مرتين يومياً ، ويبلغ متوسط الإنتاج اليومي لها من 5 ـ 10 كجم من اللبن ، بينما يبلغ متوسط الإنتاج السنوي لها حوالي 230 ـ 260 كجم .
و يختلف تركيب لبن الناقة بحسب سلالة الإبل التي تنتمي إليها كما يختلف من ناقة لأخرى ، وكذلك تبعاً لنوعية الأعلاف التي تتناولها الناقة والنباتات الرعوية التي تقتاتها والمياه التي تشربها وكمياتها ، ووفقا لفصول السنة التي تربى بها ودرجة حرارة الجو أو البيئة التي تعيش فيها والعمر الذي وصلت إليه هذه الناقة وفترة الإدرار وعدد المواليد والقدرات الوراثية التي يمتلكها الحيوان ذاته ، وطرائق التحليل المستخدمة في ذلك .
و على الرغم من أن معرفة العناصر التي يتكون منها لبن الناقة على جانب كبير من الأهمية ، سواء لصغر الناقة أو للإنسان الذي يتناول هذا اللبن ، فإنها من جانب آخر تشير وتدل دلالة واضحة على أهمية مثل هذا اللبن في تغذية الإنسان وصغار الإبل وبشكل عام يكون لبن الناقة أبيض مائلاً للحمرة ، وهو عادة حلو المذاق لاذع ، إلا أنه يكون في بعض الأحيان مالحاً ، كما يكون مذاقه في بعض الأوقات مثل مذاق المياه ، وترجع التغيرات في مذاق اللبن إلى نوع الأعلاف والنبات التي تأكلها الناقة والمياه التي تشربها .
كذلك ترتفع قيمة الأس الهيدروجيني ph( وهو مقياس الحموضة ) في لبن الناقة الطازج ، وعندما يترك لبعض الوقت تزداد درجة الحموضة فيه بسرعة .
و يصل محتوى الماء في لبن الناقة بين 84 % و90% ولهذا أهمية كبيرة في الحفاظ على حياة صغرى الإبل والسكان الذين يقطنون المناطق القاحلة ( مناطق الجفاف ) .
وقد تبين أن الناقة الحلوب تفقد أثناء فترة الإدرار ماءها في اللبن الذي يحلب في أوقات الجفاف ، وهذا الأمر يمكن أن يكون تكيفاً طبيعياً ، وذلك لكي توفر هذه النوق وتمد صغارها والناس الذين يشربون من حليبها ـ في الأوقات التي لا تجد فيها المياه ـ ليس فقط بالمواد الغذائية ، ولكن أيضا بالسوائل الضرورية لمعيشتهم وبقائها على قيد الحياة ، وهذا لطف وتدبير من الله سبحانه وتعالى .
و كذلك فإنه مع زيادة محتوى الماء في اللبن الذي تنتجه الناقة العطشى ينخفض محتوى الدهون من 4،3 % إلى 1،1 %، وعموماً يتراوح متوسط النسبة المئوية للدهون في لبن الناقة بين 2،6 إلى 5،5%، ويرتبط دهن اللبن بالبروتين الموجود فيه .
و بمقارنة دهون لبن الناقة مع دهون ألبان الأبقار والجاموس والغنم لوحظ أنها تحتوي على حموض دهنية قليلة ، كما أنها تحتوي على حموض دهنية قصيرة التسلسل ويرى الباحثون أن قيمة لبن الناقة تكمن في التراكيز العالية للحموض الطيارة التي تعتبر من أهم العوامل المغذية للإنسان ، وخصوصاً الأشخاص المصابين بأمراض القلب .
ومن عجائب لبن الإبل أن محتوى اللاكتوز في لبن الناقة يظل دون تغيير منذ الشهر الأول لفترة الإدرار وحتى في كل من الناقة العطشى والنوق المرتوية من الماء .
وهذا لطف من العلي القدير فيه رحمة وحفظ للإنسان والحيوان ، إذ إن اللاكتوز ( سكر اللبن ) سكر هام يستخدم كمليّن وكمدّر للبول ، وهو من السكاكر الضرورية التي تدخل في تركيب أغذية الرضع .
و فضلاً عن القيمة الغذائية العالية لألبان الإبل ، فإن لها استخدامات وفوائد طبية عديدة تجعله جديراً بأن يكون الغذاء الوحيد الذي يعيش عليه الرعاة في بعض المناطق ، وهذا من فضل الله العظيم وفيضه العميم .