منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - من الردود أسد السنة حفظه الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-17, 17:07   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
الأثري المسيلي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B9

فصل في العقيدة والمنهج

العقيدة عند أهل السنة مردافة للإيمان، وتشتمل على الأمور العلمية التي يجب على المسلم أن يصدقها تصديقا جازما ويعقد عليها قلبه، وهي أركان الإيمان الستة، وسائر ما ثبت في الكتاب والسنة من الأمور الغيبية، دون الأحكام العملية كالفرائض والحدود والأمر والنهي التي يشملها الدين ([43]).

أما المنْهَج والمِنْهَاج والنَّهْج فمعناه في اللغة: الطريق البين الواضح السهل المستقيم ([44])، وفي الشرع بمعنى الدين والصراط المستقيم، فقد ورد في تفسير قوله تعالى {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} [المائدة: 48]، أن المنهاج هو القرآن، فكل من دخل في دين محمد r، فقد جعل الله له شرعة ومنهاجا، وهو القرآن([45])، وفسر أيضا بمعنى السنة، أي الطريقة، وهو رواية عن ابن عباس، وإحدى الروايات عن مجاهد، ونحوه عن الحسن البصري، وعكرمة، والسدي، والضحاك، وأبي إسحاق الهمداني ([46])، ورجحه ابن كثير، وقال: هو أظهر في المناسبة، وعزاه إلى من تقدم ذكرهم، وزاد عليهم: قتادة ([47])، وفُسر بمعنى السبيل، وهو الرواية الأخرى عن ابن عباس، ومجاهد، ومثله عن عطاء الخرساني([48])، وفسر بمعنى الشِّرْعة، أي الشريعة، وهي الملة والدين، والطريق الواضح ذكرهما ابن الأنباري ([49]).

وهذه النقول عن السلف في تفسير المنهج تدل على أنه أعم من العقيدة، فالمنهج يشمل الدين كله، عقيدة وعبادة وشريعة وأخلاقا، وبهذا يتبين أن العقيدة جزء من المنهج.

لكن الشيخ ربيعا مضطرب في الجمع أو التفريق بين العقيدة والمنهج، واضطرابه في هذه المسألة شديد جداً، إذ يؤكد الفصل والتفريق بينهما في أول المحاضرة ويضرب لذلك الأمثلة، ثم ينقض قوله في آخرها، فيقول إنهما شيء واحد، وأنه لا يجوز التفريق بينهما، ويشنع على من يفرق بينهما، ويتمادى فيصفهم بالاحتيال، وأنه أسلوب لمن عندهم طرق بدعية، وأفكار سياسية! ثم وجدت له قولا ثالثا أن الفرق بينهما على حسب الاصطلاح! ولا أدري أي اصطلاح هذا!

القول الأول: الفصل والتفريق بين العقيدة والمنهج، حيث يرى الشيخ أن العقيدة غير المنهج، ويمثل لذلك بالخوارج فيصف عقيدتهم بأنها سلفية، وأن ضلالهم كان في المنهج في مسألة الحاكمية، وأن هذا الانحراف سياسي! ومفهوم كلامه أن المنهج ليس من العقيدة! بل صرح بالفصل بين العقيدة والمنهج، فقال:

(ثم إن الفصل بين العقيدة والمنهج، أنا أقول غير مرة إن الخوارج الذين أمر رسول الله r بقتلهم وقال: «هم شر الخلق والخليقة وشر من تحت أديم السماء ولو أدركتهم لقتلتهم قتل عاد وإرم»، كان عندهم عقائد سلفية، يعني يؤمنون بتوحيد العبادة وبتوحيد الأسماء والصفات، ما عندهم شرك، ما عندهم قبور، ما عندهم تجهم، كان عندهم فساد في الحاكمية، مثل ما حصل لشبابنا الآن، اعتبرهم الرسول شر الخلق والخليقة وأمر بقتلهم والتشريد بهم، وفعلاً، اتفق الصحابة على قتالهم، اختلفوا في وقعة الجمل، واختلفوا في وقعة صفين، ورأوا ذلك فتنة، ولكن لمّا برز هؤلاء الخوارج الذين تعتبر عقيدتهم سلفية أحسن من عقائد هؤلاء الذين يتبعون سيد قطب ويتبعون الإمام حسن، التبليغيين والإخوانيين، والله عقائدهم أسلم من عقائد هؤلاء، وكان ضلالهم في الحاكمية، لا حكم إلا لله، قال علي t: كلمة حق أريد بها باطل، وسلّ عليهم سيفه وقتلهم كما أمر رسول الله r، فو الله، إن هؤلاء أكذب من الخوارج، وأشد خصومة للعقيدة السلفية ولأهلها من الخوارج والروافض) اهـ ([50]).

ويؤكد التفريق بين العقيدة والمنهج في محاضرة أخرى، فيقول: (الخوارج كانت عقيدتهم سلفية في العبادة وفي الأسماء والصفات وكان عندهم انحراف في المنهج.) اهـ ([51]).

وسئل في لقاء له في جدة عن الحداديين؟ فأجاب: (الذين قاتلهم عليّ [أي: الخوارج] كانوا -والله- عقائدهم سلفية ([52])، يا إخوتاه، ما كان عندهم عبادة قبور، ولا كان عندهم تعطيل جهمية، كان عندهم انحراف سياسي في الحاكمية... فالعقيدة ما تكفي... لابد عقيدة، عمل، التزام كتاب الله وسنة رسوله r) اهـ ([53]).

القول الثاني: العقيدة والمنهج شيء واحد ولا يجوز التفريق بينهما، فقد سئل الشيخ في آخر ذلك اللقاء في جدة: ما الفرق بين العقيدة والمنهج؟ فأجاب: (لا يجوز التفريق بين العقيدة والمنهج، هذا أسلوب سياسي ابتكره أناس، يعني في هذا البلد أكثر من غيره، لأن الغالب على أهل هذا البلد المنهج السلفي، فيأتي ناس لهم أفكار سياسية، أو لهم طرق بدعية، أو شيء من هذا فيحتالون على السذج...) اهـ ([54]).

قلت: اضطرابه واضح في لقاء جدة، ففي أوله يقول العقيدة ما تكفي، يعني لابد منها مع المنهج، ثم يقول في آخر اللقاء لا يجوز التفريق بين العقيدة والمنهج!

القول الثالث: التفريق بينهما على حسب الاصطلاح! فقد سئل الشيخ: هل هناك فرق بين العقيدة والمنهج؟ لأننا نسمع مثلاً عقيدته سلفية ومنهجه إخواني مثلاً؟ فأجاب: (هذا على حسب الاصطلاح بارك الله فيك، لكن المنهج انا أرى أنه يراد من المنهج ما هو أهم من العقيدة فمنهج الاخوان المسلمين عندهم منهج، من مناهجهم محاربة السلفية محاربة العقيدة البعد بأتباعهم عن العقيدة الصحيحة من منهجهم جمع الناس على مختلف البدع والضلالات هذا منهجهم أو من منهجهم الفاسد.) اهـ ([55]).

كذا قال! ولم يبين مراده بالاصطلاح، ولعله اصطلاح خاص به! وإذا كان الشيخ يرى نفسه أنه يتكلم في هذه المسألة عن بصيرة ويقين فلماذا لا يتقيد باصطلاح الشرع، بدلا من أن يبتدع اصطلاحا بلا دليل؟ ولكن العجيب أنه ذكر أن من المنهج ما هو أهم من العقيدة! ولا أدري ما الشيء الذي هو أهم من العقيدة؟ وهل يجهل الشيخ أن أهم شيء في دين الإسلام هو العقيدة، التي هي عقيدة التوحيد؟ وأنها أول ما يبدأ به في الدعوة؟ وأن محاربتها هي عين الكفر؟ وإذا كان الشيخ يرى أن من المنهج ما هو أهم من العقيدة فلماذا لا يجعله العقيدة نفسها؟

والنتيجة التي ينتهي بها هذا الفصل أن الشيخ مضطرب ومتناقض في هذه المسألة، مما أثار التساؤلات حولها في لقاء جدة، ومخيم الربيع بالكويت، وقد سرى هذا الاضطراب في أتباعه، الذين يرددون بدعته هذه كالببغاوات، ويتطاولون على أهل العلم وطلابه في التجريح والتصنيف: "فلان العقيدة سلفي والمنهج خلفي"! و " فلان خذوا من علمه واتركوا منهجه"! و "فلان منهجه كذا وفي عقيدته كذا"! إلخ...

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالا من قول إلى قول، وجزما بالقول في موضع، وجزما بنقيضه وتكفير قائله في موضع آخر، وهذا دليل عدم اليقين) اهـ ([56]).









رد مع اقتباس