منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لمــــاذا حسبنا الله و نعم الوكيل
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-15, 12:01   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
glossy
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي


I- طرح المشكلة :هل المفاهيم الرياضية أصلها عقليأم تجريبي ؟
II- محاولة حل المشكلة :
1-أ- عرض الاطروحة :يرى أصار النزعة العقليةالمثالية أن المفاهيم الرياضية ليست مستخلصة من التجربة الحسية ، بل هي مفاهيمعقلية خالصة .
1-ب- الحجة :- لأن المفاهيم الرياضية مفاهيم مجردةأنشأها العقل و استنبطها من مبادئه الاساسية ( الهوية ، عدم التناقض ، الثالثالمرفوع ) من دون الحاجة الى الرجوع الى الواقع الحسي .
- ان التجربة لا تعطينا عدداً خالصاً مجرداً ولا خطاً دون عرض ولاسطحاً دون سمك ، مما يعني ان المفاهيم الرياضية نابعة من العقل وموجودة فيه بصورةقبلية .
- المفاهيم الرياضية هي حقائق معقولة وهيمفاهيم ازلية وثابتة ، والعقل كان يدركها في عالم المثل ، ولكن عند مفارقته لهذاالعالم نسيها ، وما عليه الا تذكرها ( افلاطون ) .
- ان المفاهيم الرياضية هي مفاهيم فطرية تتميز بالبساطة والبداهةواليقين ، وبما ان العقل قاسم مشترك بين جميع الناس ، فإن الناس جميعهم بإمكانهمادراك هذه المفاهيم ( ديكارت ) .
1-جـ- النقد :إن الطفل الصغيريمزج بين العدد والشيئ المعدود . وتاريخ الرياضيات يقدم لنا الشواهد على ان العملالرياضي بدأ حسيا ، وتدرج شيئا فشيئا نحو التجريد بإدخال الصفر والعدد السالبوالعدد الكسري ... ثم لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية لتساوى في العلم بها الجميع، لكنها مفاهيم لا يدركها الا القلة القليلة من المتخصصين .
2-أ- عرض الاطروحة :يؤكد أنصار النزعة الحسية التجريبية ان المفاهيم الرياضية مثل سائرمعارفنا مستمدة من التجربة الحسية .
2-ب- الحجة :مجموعة من الاشجاراوحت بفكرة العدد ، وان بعض الاشياء الطبيعية اوحت بالاشكال الهندسية ، فشكل الشمسمثلا اوحى بفكرة الدائرة ، وان الانسان في اقدم العصور استعان في العدّ بالحصىوالاصابع .. ثم ان تجربة مسح الاراضي عند قدماء المصريين هي التي ادت الى نشوء علمالهندسة . وان الهندسة اسبق ظهورا من الحساب او الجبر لأنها اقرب الى التجربة .
2-جـ- النقد :ان المفاهيم الرياضية ليست كما اعتقدالتجريبيون مستمدة من التجربة الحسية ، فهذه الاخيرة لم تكن الاحافزا للعقل علىتجريد المعاني الرياضية .
3- التركيب :في الحقيقة ان هناك تلازم بينالعقل والتجربة ، فلا وجود لمعرفة عقلية خالصة ولا لمعرفة تجريبية خالصة . وعلى هذاالاساس ، فإنه من المنطق القول ان اصل الرياضيات يعود الى التجربة الحسية ، فهي قبلان تصبح علما عقليا قطعت مرحلة كلها تجريبية ، ولكن العقل جرّد تلك المعاني الحسية، فأصبحت مفاهيم مجردة .
III- حل المشكلة :إن أصل المفاهيم الرياضية هوالتجربة الحسية ، ثم اصبحت مفاهيم مجردة لا علاقة لها بالواقع .

المقالة الثانية عشر:اذا كانت الرياضياتلا تقدم معرفة تجريبية ، ففيم تتمثل قيمتها ؟ اسنقصاء
* تعتبر التجرية مقياس اساسي نحكم به على " علمية " أي معرفة منالمعارف ، ومن المعلوم ان الرياضيات علم عقلي بحت ، مجرد تماما عن ماهو محسوس ،لذلك فهي لا تقدم أي معرفة تجريبية ، والسؤال الذي يطرح هنا ؛ فيم تكمن قيمةالرياضيات اذا كانت لا تقدم أي معرفة تجريبية ؟
1-إن موضوع الرياضيات هو الكمياتالعقلية المجردة ، التي تتميز بالثبات والاستقلالية عن الواقع المحسوس ، ولغتهاالرموز من ثوابت ومتغيرات ، وليست ألفاظ اللغة العادية التي تتصف بالغموض والابهام . ومنهجها الاستدلال العقلي ذو الطبيعة الاستنتاجية – الافتراضية ، يراعي فيهالرياضي عدم تناقض النتائج مع ما يفترضه من قضايا أولية دون الرجوع الى الواقعالحسي . كما توصف الرياضيات بالخصوبة نظرا لتعدد فروعها ( كالجبر ، الهندسة ،الهندسة التحليلية ، نظرية المجموعات ، حساب الاحتمالات .. ) وتعدد انساقها ( كنسقاقليدس ، نسق لوباتشوفسكي ، نسق ريمان .. ) دون ان يكون هناك تناقضا بين هذه الفروعوالانساق . كماتعودخصوبتها الى طبيعة البرهان الرياضي ، فهو – بخلاف القياس الارسطييتميز بخاصيتيه التركيبية والتعميمية ، حيث ننتقل فيه من البسيط الى المركب ومنالخاص الى العام .
2-ان الرياضيات وان كانت منالعلوم التجريدية فهي لغة العلوم التجريبية ، وتكمن قيمتها في استعانة العلومالتجريبية بها في صياغة نتائجها . حيث ان العلوم على اختلافها – سواء الطبيعية منهاالتي تدرس المادة الجامدة او الحية ، أو الانسانية التي تدرس الانسان ومختلف مواقفهتسعى الى استخدام الرياضيات في مباحثها ومناهجها وصياغة نتائجها ..
ولقد كانت الرياضيات حتى القرن 17 م منفصلة عنالعلوم ، وحينئذ تبيّن – كما قال " غاليلي " – أن : « الطبيعة مكتوبة بلغة رياضية » ، ومادامت الطبيعة – التي هي موضوع العلم – مكتوبة كذلك – فإنه لا يصلح لفهمالعلاقات التي تربط بين ظواهرها الا استعمال لغة الرياضيات ، التي هي – حسب " بوانكاري " – « اللغة الوحيدة التي يستطيع العاِلم أن يتكلم بها » .. وهكذا بدأتالرياضيات تغزو العلوم .
فلقد صاغ " غاليلي " قانونسقوط الاجسام صياغة رياضية ( ع = ½ جxز2 ) ، وكذلكفعل " نيوتن في قانون الجاذبية ، لتعرف الفيزياء بعدها استعمالا واسعا للرياضيات ،كما هو الحال في قوانين السرعة والتسارع و حركة الاجسام .
هذا ، وقد حسب " كبلر " حركة كوكب المريخ حسابا رياضيا ، ليعرف علمالفلك – هو الاخر – استعمال لغة الرياضيات ، كحساب حركة الكواكب والظواهر مثلالكسوف والخسوف والمواقيت ..
إضافة الى ذلك ، فإنالكمياء إبتداءً من " لافوازييه " أصبحت تعبر عن تفاعل العناصر و عمليات الاكسدةوالارجاع في شكل معادلات رياضية ، كما أصبح العنصر الكميائي يعرف بوزنه الذري ..
والامر نفسه في البيولوجيا ، لاسيما استخدامالاحصاء الرياضي مثلما فعل " مندل " في قوانين الوراثة . والواقع اليومي يكشف عناستعمال واسع للرياضيات في البيولوجيا ، وتحديدا في ميدان الطب ، حيث تكمم دقاتالقلب وعدد كريات الدم ونسبة السكر ومعدل الضغط ...
ولم يقتصر استعمال الرياضيات على العلوم الطبيعية المادية فحسب ، بلتعداه الى العلوم الانسانية ؛ فلقد تمكن علماء النفس الالمان " فيبر " و " فيخنر " من صياغة قانون رياضي للاحساس هو قانون العتبة المطلقة والعتبة الفارقة . كما وضعالفرنسي " بيني " مقياسا رياضيا عاما لدرجة الذكاء ونسبته ، هو العمر العقلي مقسوماعلى العمر الزمني مضروبا في 100 . و ذات الامر في الاقتصاد والجغرافيا البشرية ؛حيث يستعمل الاحصاء وحساب الاحتمالات والتعبير عن النتائج في شكل معادلات رياضيةومنحنيات بيانية ودوائر نسبية .
3-و تكمن قيمة الرياضيات في كونهاساهمت في تطور العلوم ، من مجرد وصف كيفي للظواهر يعتد على اللغة العادية المبهمةالى تحديد كم دقيق لها ؛ فالعلوم لم تبلغ الدقة في فهم ظواهرها ومن ثــمّ التنبؤبها ، الا بعدما صارت تصوغ نتائجها صياغة رياضية .
هذا من جهة ، ومن جهة فإن الرياضيات تهيئ للعلم المفاهيم التي يقومعليها، مثال ذلك ان " نيوتن " اقتبس مفهوم المكان من المكان الحسي عند " إقليدس " ،ولولا هندسة " ريمان " لما كانت نسبية " إنشتاين " .
ومن جهة ثالثة ، فإن الرياضيات تسمح باكتشاف القوانين العلمية دونالحاجة الى المرور بالملاحظة والتجربة ، مثال ذلك أن حساب العالم " لوفيريي " لكوكب " أورانيوس " أدى الى اكتشاف كوكب " نيبتون " ، كما وصل العالم " ماكسويل " الىاكتشاف الموجات الكهرومغناطيسية ووضع لها أربع معادلات رياضية أحاطت بخواصها منحسابات رياضية خالصة ، ولم يتحقق منها العلماء تجريبيا الا بعد مرور ثمانين – 80سنة .
* وهكذا يتضح ، أن للرياضيات قيمة كبرىباعتبارها لغة العلوم الحديثة ، فهي وإن كانت لا تقدم أي معرفة تجريبية ، فإنهااللغة التي تستخدمها هذه العلوم في التعبير عن نتائجها . فالرياضيات تمثل نموذجاللوضوح ومعيارا للدقة واليقين وطريقا للابداع ، وهو ما يهدف كل علم الى بلوغه .