و الله لأتعجب شديد العجب عندما يتكلم الخليجيون ويروجون لديكتاتورية جمال عبد الناصر و الرئيس اليمني أو الليبي أو السوري أو غيره و كأنهم يعيشون في دول الحرية ... صحيح أن الجمهوريات العربية تعاني من التسلط و الإستبداد و الأحادية في الفكر و الرأي و الطرح مثل كثير من الجمهوريات المستبدة في العالم بدءا بروسيا والصين و جمهوريات أوروبا الشرقية سابقا و جمهوريات أمريكا اللاتينية قبل عشر أو عشرين سنة و كثيرا من الدول الإفريقية و الدول الآسيوية ..... و تشهد الدول العربية تفاوتا من حيث درجة الإستبداد من دولة لأخرى فالإستبداد في سوريا الأسد مثلا لا يقارن بمصر مبارك مهما قيل فيه ... و لكن الدول الخليجية تنفرد عن بقية دول العالم أنها آخر الملكيات المطلقة في العالم التي نجحت في أن تحافظ على النظام الملكي المطلق القرن أوسطي و هي تمثل بإمتياز صورة ماقبل الدولة الحديثة و التي قضت عليها كل شعوب العالم ولا يزال هذا النموذج سائدا إلا في هته المنطقة المستغرقة في البداوة و يرجع سبب نجاح هته الأنظمة في المحافظة على عروشها وعلى أسلوبها في الحكم البدائي إلى عاملين أولها الثروة البترولية الضخمة التي تساهم في تقزيم جبهة الرفض الداخلية أم السبب الثاني وهو الأهم وهو السبب الخارجي المتمثل في العمالة العمياء لدول الغرب التي لا يهمها إلا الحفاظ على أمن إسرائيل و بقاء أنظمة مسكينة مستكينة ....
لقد كنت دائما ضد فكرة جمال عبد الناصر في تصدير الثورة و عمله الدؤوب للقضاء على أنظمة الحكم الملكية البائدة لأني كنت دائما أؤمن أن الثورة تخلق من رحم الشعب ولا تفرض عليه فرضا من الخارج ... لكنني اليوم مقتنع أكثر من أي وقت مضى أنه لن تقوم للدول العربية و الإسلامية قائمة طالما ضلت هته عرائس الكراكوز التي تسمي أنفسها ملوكا و أمراء كذبا وبهتانا تسوس الشعوب و تتآمر ضد الأشقاء