تدعي قوى الاستعمار العالمي بأن هذه الحرب العسكرية المعلنة تخدم حماية الشعب الليبي الأعزل من بطش نظام حكم دكتاتوري دموي، وتجند في سبيل صناعة رأي عام عالمي داعم لهذا الخداع، كل وسائل وأساليب حديثة انتجت في مراكز أبحاث ودراسات متخصصة في انتاج "صناعة القبول وثقافة القطيع" .
ولتوضيح هذا النهج المخادع، لا بد للعودة قليلاً إلى الوراء، العودة إلى السنياريو الذي اتبع في تحضير الرأي العام للقبول بإحتلال العراق وتحت الشعارات ذاتها المطروحة حالياً، الدكتاتورية والإبادة الجماعية، والحرب على الشعب، وأسلحة الدمار الشامل... الخ، وقبلها سيناريو تحضير الرأي العام للقبول تدمير يوغسلافيا وتفكيكيها، تلك الدولة التي كانت أخر معقل مقاوم للهيمنة الأمريكية. فهل حصلت هذه الشعوب التي تم "تحريرها" من قبل جيوش دول المراكز الرأسمالية (الشعب العراقي وشعوب يوغسلافيا والشعب الافغاني) على حقوقهم "الأنسانية" والمدنية والديموقراطية؟.
أليس ما ترتب على هذا الغزو: تدمير البنى التحتية لدول بنت شعوبها بعرقها وجهدها وتعبها هذه البنى، وإفقار شعوب هذه الدول وإعادتها إلى عصور ما قبل الرأسمالية، وتهجير جزء كبير من هذا الشعوب داخل وخارج حدود دولهم.وأليس النتيجة النهائية لهذه الحروب العدوانية على تلك الدول، وتحت الحجج ذاتها، هو استيلاء الشركات العالمية العملاقة على ثروات هذه الشعوب، ألم تستولي الشركات النفطية العملاقة على (62) حقل نفطي عراقي من أصل (80) حقل موجود تحت سطح الأرض العراقية، ألم تستولي هذه الشركات على الثروات الطبيعية المتوضعة تحت سطح أراضي دول يوغسلافيا السابقة.
من هو الساذج الذي ستنطلي عليه مقولة أن مهمة عدوان دول مراكز رأسالمال العالمي هي مهمة إنسانية، تهدف إلى حماية الشعب الليبي من دكتاتور أهوج.
من هو الساذج الذي ستنطلي عليه مقولة أن قصف المطارات والطرق وكافة البنى التحتية من مطارات وطرق ومواقع انتاج، في ليبيا تخدم حماية الشعب الليبي والمجتمع الليبي.
من هو الساذج الذي ستنطلي عليه أن فكرة تقسم وتفكيك ليبيا إلى القسم الشرقي والقسم الغربي تخدم حرية الشعب الليبي.
من هو الساذج الذي تنطلي عليه أن تحالف "قوى العدوان الرأسمالي وقوى التبعية العربية" تهدف إلى حماية الشعب الليبي.
إن الهدف الحقيقي من هذا العدوان هو وضع ليبيا تحت الاستعمار المباشر من أجل:
- الهيمنة على نفط ليبيا ووضعه في خدمة شركات النفط العملاقة، كونه يتميز بقلة كلف الانتاج، وجودته العالية، وقصر طرق النقل بين موقع الانتاج، ليبيا، ومواقع التسويق، أوروبا.
- الهيمنة على مشاريع إعادة إعمار ليبيا، ووضعها في خدمة الشركات الغربية للمساهمة في إخراجها من أزمتها، بعدما يتم القيام بتدمير ممنهج لكافة القطاعات الاقتصادية، من قبل قوات العدوان الجوية والبحرية.