منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بحث حول علم الإجتماع الديني (الجزء الاول)
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-15, 01:55   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
mustapha213
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية mustapha213
 

 

 
إحصائية العضو










Icon24

الجزء الثاني (علم الاجتماع الديني)


المبحث الثانــي : موضوع علم الاجتماع الديني


المطلب الاول : مفهوم علم الاجتماع الديني
هو العلم الذي يدرس المؤسسات الدينية دراسة اجتماعية ( اماكن العبادة – الطقوس ) , كذالك العمليات الاجتماعية داخل المؤسسات الدينية , يعرف علم الاجتماع الديني العلاقة المتفاعلة بين الدين و المجتمع ايضا عرف بانه العلم الذي يدرس الجذور الاجتماعية للظواهر الدينية و اثر هذه الظواهر في المجتمع و البناء الاجتماعي كما عرف بانه العلم الذي يدرس المؤسسة الدينية دراسة اجتماعية
وقد عرف "هولت" المؤسسة الدينية بأنها المنظمة الدينية الرسمية ذات الطابع و الصبغة الدائمة و المستمرة ( وزارة الاوقاف و وزارة الشؤون الدينية – المساجد ). و من هذا المفهوم يظهر بان علم الاجتماع الديني يختص بدراسة الظواهر الاجتماعية التي تبرز في المؤسسات و النظم الدينية والتي حددها البروفيسور "جورج زيمل" في كتابه – علم الاجتماع الشكلي – بما يلي : 1/- الرئاسة و المرؤوسية في المؤسسات الدينية. 2/- المركزية و اللامركزية في المؤسسات الدينية. 3/- الموضوعية في المؤسسات الدينية. 4/- الصراع و الوفاق في المؤسسات الدينية . 5/- المنافسة و التعاون داخل هذه المؤسسات. ان الدراسة الجتماعية للمؤسسة الدينية ينطوي على تحليل الامور التالية : * دراسة العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسة الدينية * نظام السلطة في المؤسسة الدينية. * نظام المنزلة في المؤسسة الدينية. * تحليل العمليات الجتماعية داخل المؤسسة الدينية .

المطلب الثاني : عوامل ظهور علم الاجتماع الديني. ان علم الاجتماع الديني هو وليد العلاقة الجدلية بين الموضوعات التي يدرسها كل من علم الاجتماع وعلم الدين فقبل ظهور علم الاجتماع الديني في النصف الاول من القرن 20 كانت موضوعاته و ادبياته مبعثرة و مشتتة في حقلي علم الاجتماع و الدين و بظهوره انفصلت الموضوعات الاجتماعية الدينية كي تنمو و تتكامل و تصبح قادرة على تفسير الظواهر الاجتماعية تفسيرا علميا هادفا . اما العوامل التي ادت الى استقلالية علم الاجتماع الديني عنهما هي كالاتي : 1- عدم قدرة علم الاجتماع على دراسة الظواهر الدينية دراسة اجتماعية متخصصة نظرا لسعة و كبر مجاله الدراسي و تعدد موضوعاته كثرة العوامل و القوى المؤثرة في الحياة الاجتماعية للانسان الى جانب عدم اهتمام علم الدين بدراسة الجذور الاجتماعية الدينية و اثر هذه الظواهر في البناء الاجتماعي . 2- تعقد الحياة الاجتماعية و تفرعها و تداخل ظواهرها في القيم و الممارسات الدينية مع ظهور الاهتمام المتزايد للدين في شؤون المجتمع لاسيما بعد طغيان الحياة المادية و النفعية على الحياة الروحية و الاخلاقية . 3- ظهور الدراسات والادبيات الكثيرة في حقل علم الاجتماع الديني خلال الفترة ( 1920-1950 ) لاسيما كتاب " علم الاجتماع الديني و "روح الرأسمالية " لمؤلفه "ماكس فيبر" و كتاب الوظائف الاجتماعية للكنائس , الى جانب ذلك ظهور عدة اقسام علمية متخصصة في حقل علم الاجتماع الديني التي تم تأسيسها في العديد من الجامعات الاوربية و الامريكية و التي ادت بدورها الى بلورة الاختصاص و تنميته و انتشاره.
المطلب الثالث : أهداف علم الاجتماع الديني. يمكن تلخيص أهداف علم الاجتماع الديني فيما يلي : - فهم و ادراك الاسس الاجتماعية للظواهر الدينية كالعبادة ( الصوم، الصلاة ). - فهم و ادراك ماهية الظواهر الاجتماعية التي تبرز في النظم و المؤسسات الدينية مثل الصراع- التعاون . - من أهداف علم الاجتماع الديني ايضاح العلاقة بين الدين و المجتمع. - تثبيت الحدود العلمية بين علم الاجتماع الديني و التخصصات الدقيقة لعلم الاجتماع من جهة و بين العلوم الاجتماعية الاخرى . – تطوير علم الاجتماع الديني بحيث يستطيع تفسير جميع الظواهر الاجتماعية و الدينية . - زيادة عدد العلماء و الباحثين في اختصاص علم الاجتماع الديني . - السعي من اجل تحرير علم الاجتماع الديني من الذاتية و الانفعالية و العاطفية التي غالبا ما تسيطر على المتخصصين في هذا الحقل الدراسي . – اعتماد مناهج متطورة و حديثة و التي تمكن المختص في علم الاجتماع الديني من اجراء البحوث و الدراسات النظرية بكفاءة و دقة اكبر.
المبحث الثالث : الاتجاهات النظرية لعلم الاجتماع الديني
المطلب الاول : مناهج البحث في علم الاجتماع الديني. تتطلب الدراسة العلمية للدين ,وجمع المادة العلمية الواقعية عن الموضوعات المتعلقة بالجوانب الدينية لاستخدام عدد من المناهج منها :
1/- المنهج التاريخى :
تسعى الدراسات الاجتماعية فى هذا العلم لبحث العلاقة بين الوقائع الاجتماعية وسمات التدين وتهدف لتفسير هذه العلاقة ليس فى ظل ظروف محددة ولكن فى جميع الحالات هذا ما ادى الى نمو النظريات الخاصة بتطور الدين وتطور البيانات عن الجماعات الدينية لذلك كان المنهج التاريخى من المناهج الهامة لبحث مثل هذه الظواهر الدينية
وقد استخدمة بارسونز وبيلا فى دراسة تطور الدين ,فقد استخدمة بارسونز واشار الى ان الدين فى تطورة يزداد تباينا وتفردا عن بقية المجتمع وهذا يعنى ان الدين يزداد خصوصية .فالدين مازال شيئا هاما بالنسبة للافراد ,اما بيلا فقد وضع خمس مراحل تطورية للدين هى (مرحلة الدين البدائى ,مرحلة الدين القديم, مرحلة الدين التاريخى,مرحلة الدين المعاصر المبكر,ومرحلة الدين المعاصر)
2/- منهج المقارنة الثقافية :
وقد استخدمه فيبر فى محاولة اختبار نظريتة عن العلاقة بين الاخلاق البروتستانتية وظهور الرأسمالية عن طريق دراسة الدين والاقتصاد فى كل من الهند والصين واستخدمه تالمون فى دراسته للعديد من الثقافات الدينية واستخدمة العديدون فى دراسة قضية المعتقدات الدينية والتغير فى ادوار الافراد ,رغم هذا فهذا المنهج به عدة صعوبات تكمن فى ان مفاهيم التدين تتباين بشكل كبيرمن ثقافة لاخرى للدرجة التى يصعب فيها المقارنة بينهما
3/- المنهج التجريبى :
استخدم هذا المنهج فى دراسات الدين ومازال يواجه صعوبات كثيرة فالباحث لا يستطيع ان يستخدم جماعات ضابطة واخرى تجريبية لاختبار المتغيرات المتعلقةباعتناق دين جديد ,رغم ها فقد استخدم هذا المنهج فى دراسات التنشأة الاجتماعية الدينية ,كالدراسة التى قام بها باتسون حول معرفة الخصائص السيكلوجية والقيمية عند الافراد قبل وبعد لقاءات التوعية والانعاش الدينى
4/- منهج المسح الاجتماعى :
وقد استخدم هذا المنهج فى دراسة الانتماء الدينى والمداومة على الذهاب لدور العبادة والمداومة على الصلاة ومعرفة اتجاهات الطائفة الدينية والاعتقاد فى مفاهيم دينية معينة وهو عموما يفيد فى ايجاد ارتباطات بين سمات دينية محددة واتجاهات اجتماعية معينة.
5/- المنهج الاحصائى :
هو من المناهج التى استخدمت حديثا فى ذلك , وقد يفيد هذا المنهج فى ابراز الارتباطات والعلاقات بين مكونات الظواهر الدينية ,هذا على الرغم من عدم مصداقية نتائجه فيما لا يتعدى توضيح العلاقات العلمية بين مكونات الظاهرة و موضوع الدراسة، وتظهر من خلال هذه المناهج شروط او بالاحرى اسس يجب التقيد بها اثناء الدراسة منها :
* يجب على الباحث تعطيل الافتراضات التى يأتى بها إلى مواد بحثه كالأفتراضات الدينية والقيمية والاخلاقية والتى تشكل ثقافةالباحث ودينه وحضارته وهذه الافتراضات لابد ان ينحيها الباحث جانبا حتى لا تفرض نفسها على المواد التى تحت بحثه حتى يعطى المجال للظواهر والحقائق بأن تحدثه عن نفسها وتفصح له عن جوهرها . * لابد للباحث ان يتعاطف مع المواد التى يدرسها فإذا كان هناك شخص ما يعتنق دين معين و يدرس دين يكرهه فهذه الكراهية لابد ان تؤثر على تفهمه لذلك الدين وبالتالى على نتائج بحثه فالمظاهر الدينية لا يمكن دراستها كالأشياء الجامدة بالعقل بل يضاف لذلك ما يعبر عنه القلب فالباحث اذا لم يتأثر مع القيمة المجسمة في الطقوس الدينية فهو بالطبع لم يدركها * تجميع المواد وتصنيفها حسب مقولات نابعة منها فقد يتعاطف الباحث مع القيمة وينحى افتراضاته جانبا ولكن يرتب القيم ترتيبا يتناقض مع معطياتها فذلك يهلك قيمة هذه المواد فهذه المواد مع بعضها تعطى معنى كلى لا يمكن التوصل اليه الا بترتيب المواد حسب مقولات نابعة منها. * التعرف على الماهية وهو امر حدس يصل اليه الباحث عندما يتم البناء الكامل للظواهر التى عندما يتم بناؤها العضوى وتتشابك العناصر المكونة لهذا الدين عندئذ يمكن للباحث يأمعان النظر في هذه العناصر ان يصل إلى جوهر الدين وماهيته.
المطلب الثاني : علاقة علم الاجتماع الديني بالعلوم الاخرى.
1- علاقة علم الاجتماع الدينى بالفلسفة :

اذا كانت العلوم الحديثة قد نشات فى احضان الفلسفة فان الفلسفة نفسها نشات فى احضان الدين ولم يكن هناك فروق بين التفكير الدينى والتفكير الفلسفى عند الشرقيين فالاساطير الشرقية تنطوى على كثير من الافكار التى تمثل لب المشكلات الفلسفية ولكنها عرضت باسلوب غير منطقى كما عرضت المشكلات الفلسفية عند اليونانين وان كانت الفلسفة قد حاولت ان تستقل استقلالا تاما عن مجال الدين فان مناخها لم يزل دينيا حتى اننا نرى ان بعض المدارس الفلسفية تتخذ لها بعض الشعائر والطقوس الخصة كما لو كانت قد اصبحت نحلة من النحل الدينية الخاصة مثل الافلاطونية الحديثة واخوان الصفا
ومن جهة اخرى كانت هناك محاولات للربط بين الدين والفلسفة ولاسيما الاديان السماوية اذ حاولت بعض الفلاسفة البرهنة على عدم الوجود تعارض بين الدين والفلسفة حيث يظهر الدين واضحا عند الفلاسفة المسلمين وخاصة عند الفرق الاسلامية الكلامية ومن اهمها المعتزلة
ولذللك لم تكن علاقة بين الدين والفلسفة علاقة توافق دائما بل كثيرا ما ينشا نزاع بينهما يزداد احيانا ويقل احيانافقديما اتهم سقراط بانه يفسد عقول الشباب الاثينى ويبشر بألهة جديدة ومن هنا حم علية بالسجن حتى الموت بينما عارضت الكنيسة الاوربية _فى العصور الوسطى _افكار الفلاسفة التقدميين ,كما عارضت الدولة الاسلامية الفلسفة والفلاسفة وحرمت بعض مؤلفاتهم .

2/- علاقة علم الاجتماع الدينى بالعلم :
يعتمد علم الاجتماع الدينى لى مناهج البحث فى علم الاجتماع العام ولكنة يتاثر بشكل واضح بالعلاقة بين العلم والدين حيث ان منهج البحث فى العلم يعتمد على المحسوس اما جوهر الدين يحتاج الى منهج يصلح لتناول القضايا غير المحسوس او قضايا عالم ما بعد الطبيعة والنزاع بين العلم والدين لم ولن يتوقف فكلما تزايد المكتشفات العلمية تزايد التناقض بين العلم والدين نظرا لعدم تقبل علماء الدين الاوائل الحقائق العلمية اذا حاول هؤلاء العلماء ان يجبروا العلماء على دحض ما توصلوا الية من نتائج علمية كما فعلو مع جاليليوا لتعارضهما مع الدين.
3- علاقة علم الاجتماع الدينى بالاقتصاد :
ان صلة النشاط الاقتصادى بالاجتماع الدينى صلة وثيقة فهى وجهين لعملة واحدة لجميع الاديان ويلاحظ ذلك ى المجتمعات البدائية حيث كان تنظيم العمل وتقسيمه بين الرجال والنساء كان على اساس دينى كما كانت الدورات الزراعية لدى قدماء المصريين على سبيل المثال ترتبط بحفلات دينية خاصة ايام الحصاد هذا ولا يزال الفلاح المصرى يتوجه الى الله حتى الان متوسلا اليه ان ينبت زرع وينمى بذوره ومحصوله ويلاحظ ان هذا العلم يمتاز عن هذه العلوم وخاصة الدينية فى انه لا يدرس الظواهر الدينية لذاتها وانما يتناولها من زاوية خاصة باعتبارها نظما اجتماعية قائمة بذاتها لها وظائفها الاجتماعية ولها اثرها فى النظم الاجتماعية الاخرى القائمة فى المجتمع.
4- علاقة علم الاجتماع الدينى بالقانون :
من الملاحظ وجود ارتباط بين القانون والدين وخاصة لدى قدماء اليونانيين والرومان والهنود والصينيين وكذلك الحال لدى اليهود والمسيحيين والمعلمين فى العصور الوسطى وترجع تلك الصلة الى ان الناس تتقبل القانون بدرجة عاليةوخاصة اذا ما كان مرتبطا بالدين.

المطلب الثالث : بعض رواد علم الاجتماع الدينى.
1/- كارل ماركــس : تأثر ماركس بكتابات عدد من المفكرين والفلاسفة في القرن 13 حول ماكتبوه عن الدين وكان من هولاء فيورباخ الذي الف كتاب " جوهر المسيحية " ويتكون الدين في نظر فيورباخ من أفكار وقيم أنتجها البشر خلال تطورهم الثقافي ولكنهم أصبغوها على قوى سماوية أو إلهية ونظرا إلى أن البشر خلال تطورهم لايعرفون مصيرهم تمام المعرفة لذلك فإنهم ينسبون إلى أنشطة الآلهة ماسبق لهم أن أنتجوه في مجتمعاتهم من قيم ومعايير وحالما يتبين البشر أن القيم التي يرجعونها الى الدين إنما هي من إنتاجهم فإن هذه القيم ستغدو ممكنة التحقيق دون إرجاعها إلى الحياة الأخرى وعليه يمكن للبشر إكساب القوى التي ينسبونها إلى الله المحبة والخير والقدرة على التحكم في الحياة ويتفق ماركس معه في أن الدين يمثل حالة من الاغتراب الإنساني كما كان يرى أن الدين بمثابة القلب في عالم لاقلب له وهو الملاذ من قسوة الواقع اليومي ويرى أن الدين بشكله التقليدي سوف يختفي بل لابد أن يختفي وذلك لإن القيم الايجابية التي يمثلها الدين قد تكون نموذجا هادىء لتحسين الأوضاع البشرية على هذه الأرض وعليه على البشر ألايخشو الآلهة التي صنعوها بإنفسهم وألا يصفوا عليها المثل والقيم التي يمكن لهم أن يحققوها بأنفسهم...وأعلن ماركس في إحدى عباراته الشهيرة أن((الدين أفيون الشعب)) فالدين يرجع السعادة والجزاء في الحياة الاخرى ويدعوا الناس الى القناعة والرضا بأوضاعهم في الحياة وباالتالي عدم الانتباه إلى المظالم ووجود التفاوت واللامساواة في العالم فالدين في نظر ماركس ينطوي على عنصر أيديولوجي قوي لان المعتقدات والقيم الدينية تستخدم لتبرير جوانب اللامساوة في مجال الثروة والسلطة.
2/- إميل دور كايم : ركز دور كايم في دراسته للدين على الاعتقاد الديني في المجتمعات التقليدية الصغيرة حين درس الطوطمية التي يمارسها سكان أستراليا الأصليين بل إعتبرها تمثل الاشكال الاولية للدين ((الطوطم: حيوان أو نبات يجسد فيه قيمة رمزية للجماعة ويحضى با الجلال والاحترام لان له طابعا مقدسا تتبلور حول منظومة من الانشطة الطقوسية المتنوعة))
يعرف دور كايم الدين عن طريق الفصل بين ماهو مقدس ومدنس فالناس يتعاملون مع الرموز المقدسة بمعزل عن جوانب الحياة اليومية التي تدخل في باب المدنس ويحضر في هذه الحالة أكل الطوطم من الحيوان أو النبات ويعود إعتبار الطوطم مقدس كونه رمز الجماعة نفسها فهو يجسد القيم المحورية في حياة الجماعة والمجتمع فموضوع العبادة هو المجتمع نفسه الذي يسعى لتأكيد ذاته بذاته ويرسخ شرعيته وقيمته وبالتالي فالآلهة ماهي الا صورة للمجتمع كما يؤكد دور كايم على ان الديانات ليست عبارة عن معتقدات بل تتجاوزها لتشمل مجموعة من الانشطة الطقوسية التي يتجمع فيها المؤمنون ويلتقون سويا ويظهر جليا في مثل هذه المجتمعات الاحساس بالتضامن الاجتماعي حيث يشعر هؤلاء بالتواصل مع قوى علوية ويرتقون الى مراتب عليا بعيدا عن المشاكل اليومية في الحياة الاجتماعية وهذه القوى المنسوبة الى الطوطم ماهي سوى تعبير عن غلبة روح الجماعة على النزعة الفردية . يرى دور كايم ايضا ان الدين ليس سلسلة من المشاعر والانشطة بل هو القالب الذي تتحرك فيه انماط التفكير لدى افراد الثقافات التقليدية وكان دور كايم يعتقد ان تأثير الدين سينحصر مع تطور المجتمعات الحديثة وسيحل مكانه التفكير العلمي غير أنه يعترف أن الدين قد يستمر بأشكال بديلة قد تدور حول القيم الانسانية والسياسية.
3/-ماكس فيـبـــــر : قام فيبر بدراسات كثيرة حول الهندوسية و البوذية و اليهودية القديمة الى جانب دراسته لآثار المسيحية في تاريخ الغرب في عدة مؤلفات من ابرزها " الاخلاق البروتستانية و روح الرأسمالية " كما انه لم يستكمل دراسته عن الدين الاسلامي و ركز في دراسته على الاديان عن الترابط بين الدين و التغير الاجتماعي ، ويرى ماركس بأن الدين بشكله التقليدي سوف يختفي. بل لابد من أن يختفي نظرا إلى أن القيم الايجابية التي يمثلها الدين قد تكون نموذجا هاديا لتحسين الأوضاع البشرية على هذه الأرض. وليس لأن هذه القيم والمثل العليا مغلوطة بحد ذاتها. وعلينا من وجهة نظر ماركس أن لا نخشى الآلهة التي صنعناها بأنفسنا. وأن لا نضفي عليها المثل والقيم العليا التي يمكن للبشر أنفسهم أن يحققوها. وأعلن ماركس في إحدى عباراته الشهيرة قائلا: بأن* الدين هو أفيون الشعوب *. فالدين يرجئ السعادة والجزاء إلى الحياة الأخرى. ويدعو الناس إلى القناعة و الرضا بأوضاعهم في هذه الحياة. و يؤدي ذلك إلى صرف الانتباه عن المظالم و وجوه التفاوت و اللامساواة في العالم. و الهاء الناس بما يمكن أن يكون نصيبهم في عالم الآخرة. و ينطوي الدين على حسب ما يرى ماركس على عنصر إيديولوجي قوي: إذ أن المعتقدات والقيم الدينية تستخدم في أكثر الأحيان لتبرير جوانب اللامساواة في مجالات الثروة و السلطة. إن عبارة مثل * الضعفاء سيرثون الأرض * على سبيل المثال تحمل معنى الخضوع وعدم التصدي للقمع. و هكذا فإن ماركس حاول إيصال فكرة مهمة وهي كيف تسخر طبقة اجتماعية الدين في صالحها لتخدم مصالحها الشخصية دون الطبقة العريضة والمتمثلة في البوليتاريا .
إسهامات المسلمين في مجال تاريخ الأديان:
يدعى الغرب أن علمائه هم أول من طرقوا باب هذا العلم والحقيقة غير ذلك فعلم تاريخ الأديان علم عربي اسلامي عمره 14 قرنا من الزمان حيث ان القرآن الكريم هو أول كتاب في علم تاريخ الأديان فهو يعترف بما هو حق في كلا من اليهودية والمسيحية وينكر كل ما هو باطل فيهما فالقرآن لم ينتقد الديانة بل انتقد الممارسة كما أن القرآن الكريم يدعوا إلى تحكيم منهج العقل بل ويدعوا إلى ضرورة أمعان النظر والتفكير لذلك نجد أن أبن حزم الظاهرى عندما أنتقد الكتاب المقدس لدى المسيحيين لم يبني أنتقاداته على مجرد هوى أو ميول شخصية أو نزعة انتقامية بل على أساس التفكير والمنطق السليم وهو ما أشاد به الغرب نفسه ولا يستطيع أحد ان ينكر فضل بن ريحان البيرونى على المذهب الفينومينولوجى فقد دعا إلى ضرورة دراسة الدين في اصوله الأولية لا الثانوية فقال كلماته الشهيرة :" انا نفسى سأذهب للهند واتعلم اللغة وأتتلمذ على ايدى رجال الدين والكهنة متعاطفا معهم في دينهم حتى افهم جوهر هذا الدين كى استطيع الحكم عليه".
أ /- إبن خلدون : وهو اكثر ما يمكن اعتباره من كتاب الاجتماع الديني خاصة فيما كتبة عن الخلافة الاسلامية والتي راى فيها اربعة نقاط اساسية هي (العلم ,العدالة,الكفاية,سلامة الحواس) وتعرض للخلافة القريشية وناقش الاراء حول ذلك وتعرض ايضا لوظائف الخلافة ويراها فى الصلاة والقضاء والجهاد وسك النقود وانتقل بعد ذلك الى دراسة اثر الحضارة الاسلامية فى العلوم والمعارف واهمية التربية فى الاستفادة من هذه الحضارة فى رفعة المجتمع الاسلامى

عموما لم يركز ابن خلدون على التربية الدينية فقط مع اهمال القيم الدينية بل يجب الاتزان فيما بينهما اضافة لللاهتمام بأمور العدالة عموما كانت اراء ابن خلدون متاثرة بالبيئة الدينية التى ظهر فيها لذلك اعتبر الدين احد المقومات التى تغرس فى الاجيال القيم والاصالة فضلا عن مساعدة الافراد على التماسك والتضامن واستمرارية المجتمع وتحقيق اهدافه العلمية والتربوية و الحضارية .
ب /- البيروني : وفيها درس البيرونى المجتمع الهندي ودياناتة وقارن ذلك بما فى المجتمعات الاسلامية العربية خاصة فيما يتعلق بامور الدين واللغة والنظم الاسرية والقضائية والطبقية والسنن الاجتماعية وغيرها ,عموما ناقش البيرونى اوضاع الديانات الهندية خاصة عبادة الاصنام والمعتقدت حول ذلك وكيف ان يخالف هذا الديانة الاسلامية .
ج /- الفارابي : من اشهر مؤلفاته آراء المدينة الفاضلة وفيها قسم الفارابى المجتمعات الانسانية الى قسمين اولهما مجتمعات كاملة وغير كاملة ,المجتمع الكامل وهو ما يتحقق فية التعاون الاجتماعى بشكل كامل ويكون بداية لمجتمع أعظم يشمل العالم كله ويكون فيها تحت سلطة حكومية واحدة ورئيس واحد

الخاتمة: ان علاقة الدين بالمجتمع علاقة اجتماعية حيوية يجب ان تدرس وتبحث وفق منظور علمي ذلك لما لها من مكانة فاعلة ومنفعلة في منظومة المجتمع ومفاصله.. وبخاصة في الدول العربية.. ولهذا خصص علماء الاجتماع الغربيون علم الاجتماع الديني يقوم بتحليل الظاهرة الدينية وتركيبها من جديد من أجل وضع الدين في مكانه المناسب كعلاقة روحية بالفرد لها استقلاليتها بعيداً عن التوظيفات الايديولوجية والسياسية والثقافية على عكس التوظيف الديني والسياسي للإسلام كأيديولوجية في حالة صراع على الهوية والأصالة مع الحداثة.. ان علم اجتماع الديني ولد من رحم تساؤل علم الاجتماع حول العصرية، والغريب او الطريف ان من ساهم في تطوير هذا العلم في اوروبا.. هي الاوساط الدينية المسيحية، كما أكد ذلك (جان بول ) في كتابه (الاديان في علم الاجتماع).. حتى ظهرت تخصصات في (علم اجتماع الكاثوليكية)
وفي النهاية يمكن القول إن المعتقدات الدينية التي تعترف بوجود قوة قاهرة مقدسة صانعة لهذا الكون، موجودة في كل المجتمعات الإنسانية بلا استثناء، وفي ذلك يقول الدكتور عبد الحميد لطفيالنظم الدينية موجودة في كل المجتمعات الإنسانية لأنها تسد حاجات اجتماعية هامة، فالدين يدفع الأفراد إلى تغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد، كما يساعد على تكامل شخصية الفرد وتقوية روحه المعنوية فيدفع عنه الخوف ويحيي فيه الأمل بما يبثه فيه من قوى خارقة تتمثل في قوة الإله الذي يقدر على مساعدته. وللنظم الدينية دور هام في تكامل المجتمع عن طريق شعائره التي تؤدي وظيفة العاطفة الجماعية المشتركة، والتي تذكر الفرد وهو غارق في حياته المادية وأنانيته وشحه بولائه لجماعته ولقيمها العليا)