منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأزهر الشريف : ما حكم إسبال الثوب ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-13, 08:12   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ميمونة 25
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

أولا :

لابد لنا من وقفة حول مسألة الخلاف الفقهي بين العلماء


1- الضابط في هذه المسألة ، أن الحق واحد لا يتعدد ؛ فمن مصيب له أجران


ومن مخطئ له أجر

2- أن معرفة الحق بدليله في مسائل الخلاف متعيّن على طالبه


3 - والترجيح في هذه المسائل ليس على مقتضى التشهّي والهوى


4 - وأيضا فمن تبين له الحق ليس له الإنحراف عنه إلى غيره


5 - أن ما قرره العلماء من عدم الانكار في مسائل الخلاف لا يسوّغ التلاعب


بالأحكام الشرعية ، وإنما غايته التأدب بآداب الاحتساب


والمعنى أنه : ليس لطالب الحق ومعرفة حكم الشرع أن يتبع هواه وما تمليه


عليه شهوته - بأن لا يكون حاله ، كلّما اشتهى شيئا ركبه - وكذلك لا يتبع سبيل


أهل الهوى ألا وهي ( أعتقد ثمّ أستدل ) كما قال تعالى في المنافقين


( وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ) بل على المسلم أن يقف من الدليل


موقف المتجرد فما أملاه عليه الحق قبله بلا تردد .

---


ثا نيـــا :


أن قضية حمل المطلق من الأدلة على المقيد ليست على اطلاقها

كما يتشدق بها من لافقه له .


وإنما لها قواعد وأصول تنطلق منها ،


فقد تأتي الأدلة متفقة في السبب والحكم ، فيحمل المطلق على المقيد اتفاقا .


وقد يختلف السبب والحكم فيكون العكس بإجماع من العلماء ،


أعني : لا يحمل المطلق على المقيد .



ومسألة الإسبال من هذا القبيل ، فقد ورد لها في الشرع حكمان مختلفان



لسببين مختلفين ؛ وبيان هذا : كالتالي



صح حديث : ما أسفل الكعبين في النار ( وهذا مطلق )



وصح حديث : لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء ( وهذا مقيد )



فلا يحمل مطلق الاسبال على التقييد بالخيلاء في مجرد الحرمة



وذلك لاختلاف الحكمين والسببين ، فالحكم الأول : حرمة الإسبال مطلقا



والثاني : أن جر الثوب خيلاء كبيرة من الكبائر


ويزيد الأمر بيانا من خلال حديث أبي داود في السنن


إزارة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، ولا حرج فيما بينه وبين الكعبين ، وما أسفل


الكعبين في النار ولا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء . صحيح


فههنا أربعة أحكام مختلفة


الأول : استحاب التقصير إلى نصف الساق

الثاني : جواز التطويل إلى ما قبل الكعبين

الثالث : حرمة الإسبال دون الكعبين ( ولو بغير الخيلاء )

الرابع : أنّ جرّ الثوب بقصد الخيلاء كبيرة من الكبائر


وهذا التفصيل إن شاء الله واضح لا لبس فيه

----


ثالثــــــــا .


هناك بعض الشبهات يتعلق بها أهل الإسبال


منها : قولهم أن هذه الأحكام كانت في أول الاسلام بسبب فقر الصحابة


والجـــــــــــــــــــواب :

أن هذه دعوى عارية عن الدليل ونسخ لما أحكمه الشرع بجرد الظن والتخمين


ولو قبل مثل هذا لقال قائل : إنما حرم الربا بسبب الفقر وهذا لا يقوله مسلم



ومنهــــــا : أن الاسبال خاص بالإزار دون غيره من الثياب


والجــــــــــــــواب :


أن هذه الدعوى أضعف من سابقتها ؛ فذكر الازار خرج


مخرج الغالب ، ومقرر : أن المنطوق إذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له


بمعنى أن ثياب المسلمين كان يغلب عليها هذا النوع وذلك لا يمنع عند من له


بصيره أن يلحق به غيره من الثياب وقد جاء ذكر الثياب مطلقا بدون ذكر الازار


كما في الحديث أعلاه


ومنهـــــــا حديث أبي بكر : أنّ إزاره كان يسترخي فيتعاهده فقال له النبي :


إنك لست ممن يفعله خيلاء


والجـــــــــــــــــواب :


أن هذه خصوصية لأبي بكر من جهتين


الأولى : أن النبي شهد بسلامة قلب أبي بكر من الخيلاء فمن يشهد لك يا صاحب الإسبال ؟؟


الثانية : أن إزار أبي بكر كان يسترخي فيتعاهده بمعنى : أنه يلتزم الحكم الشرعي


لكن لنحافة جسمه رضي الله عنه ينسدل إزاره ، ومع هذا لا يتركه بحجة نحافة جسمه ، بل يسارع في رفعه فوق كعبيه طاعة لله


وأيضا ، قد صح أن عبد الله بن عمر دخل على النبي وفي ثوبه استرخاء


فقال له النبي : من أنت ؟؟ قال : عبد الله ، قال : لو كنت عبد الله ، فارفع إزارك


فانظروا رحكم الله كيف جعل النبي رفع الإزار شعارا للعبودة !!


وأيضا قد تعلل بعض الصحابة الكرام لما يقع فيه من إسبال باعوجاج في ساقيه


فأطال ثوبه ليسترهما فغضب النبي وقال له :



ذلــــــــك شــــــــر ممـــا بســـاقيـــــــك


وصح عنه انه قال : لا حــــــقّ للكعبين في الإزار


وختاما أذكّــــــر كل مسلم ببركة اتباع سنة النبي المختار وأحذر من شؤم مخالفته


فخير الهدي هدي محمد الذي قال لبعض أصحابه وقد رآه مسبلا ثوبه : إياك وإسبال


الإزار فإنه من المخيلة ؛ فقال الرجل : أومثل هذا يختال فيه ( يعني لرثاثة الثوب )


فقال له النبي : أمـــــا لـــــــك فيّ أســــــــــــــــــــــوة ؟؟


قال فنظرت فإذا ثوب رسول الله إلى أنصاف ساقيه



هذا والحمد لله أولا و آخرا وظاهرا وباطنا




بقلم المنصور من منتديات طالب العلم