أحيانا تكون الأزمة سببا لميلاد همة الشعراء و إبداعهم ، فقد تفتر قواهم و تخمل أفكارهم فلا يقولون إلا معادا مكرورا كما قال الشاعر العربي قديما ، حتى إذا أصابتهم الدنيا برزء جادت قريحتهم بشعر يخرج من القلب ليدخل إليه مباشرة ، فلولا الأسر ما وصلتنا روميات الحمداني و لولا الأسر أيضا ما وصلتنا أغماتيات المعتمد بن عباد ، و لولا المنفى ما وصلتنا سرنديبيات البارودي -فارس السيف و القلم كما يلقب - و مما قاله :
هلْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَاءِ الْحُبِّ أو رَاقِ *** يَـشْـفِـي عَـلِيلاً أخا حُزْنٍ وإيراقِ
قَـدْ كان أَبْقَى الهوى مِنْ مُهجَتي رَمَقًا*** حَتَّى جرى البَيْنُ ، فاستولى على الباقي
لافـي (( سرنديبَ )) لِي خِلٌ ألُوذُ بِهِ ***وَلَا أَنِـيـسٌ سِـوى هَمي وإطراقِي
أبِـيـتُ أرعـى نـجوم الليلِ مُرْتَفِقًا ***فـي قُـنَّـةٍ عَـزَّ مَرْقاها على الراقي
تَـقَـلَّدَتْ من جُمانِ الشُهبِ مِنْطَقةً ***مَـعـقُـودةً بِـوِشَـاحٍ غَيرِ مِقْلاقِ
كـأن نَـجْـمَ الثريا وهو مُضْطَرِبٌ*** دُونَ الـهِـلالِ سِـراجٌ لاحَ في طاقِ