نص السؤال: هل يستطيع الباحث تجاوز العوائق الابستمولوجية ودراسة العلوم الإنسانية دراسة علمية؟
الطريقة: جدل
بما أن الإنسان محور البحث والاكتشاف ، الإنسان بمعناه الخاص العالم والفيلسوف فقد اهتم بدراسة عدة علوم أهمها العلوم التجريبية وأراد الالتحاق بركب العلوم التجريبية وتطورها من خلال تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية، وعليه فقد اختلف العلماء والفلاسفة حول تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية ( علم النفس، علم التاريخ، علم الاجتماع ) فمنهم من يرى أنه لا يمكن دراسة العلوم الإنسانية دراسة علمية موضوعية لوجود عوائق ذاتية ابستمولوجية في حين يرى البعض الآخر أنه يمكن للباحث تجاوز العقبات الابستمولوجية ودراسة العلوم الإنسانية دراسة علمية موضوعية. وعليه نتساءل هل يستطيع الباحث تجاوز العوائق الذاتية الابستمولوجية ودراسة العلوم الإنسانية دراسة علمية موضوعية أم أنه توجد عوائق ابستمولوجية تمنع تطبيق المنهج التجريبي؟
يرى الاتجاه الكلاسيكي المعاصر للموضوعية أنه لا يمكن تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية سواء تعلق الأمر بعلم النفس والتاريخ وعلم الاجتماع وبالتالي لا يمكن دراستها دراسة علمية موضوعية لوجود عوائق ذاتية ابستمولوجية ويستدلون على ذلك بأن الحادثة التاريخية ذات سمة فردية تجري في زمن محدد ومكان اجتماعي معين أيضا لا تتكرر لأن الزمن الذي حدثت فيه لا يعود من جديد كما أن الحتمية تعتبر مبدأ أساسيا في علوم المادة لا تنطبق على التاريخ مادامت الحادثة التاريخية تمضي ولا تعود كذلك غير قابلة لأن تعاد مرة جديدة بطرق اصطناعية فالمؤرخ لا يمكنه التأكد من صحة افتراضه أي أنه لا يستطيع أن يحدث حربا تاريخية واستحالة التجارب يحول دون الوصول إلى القوانين ولا يمكن التنبؤ بمستقبل الحادثة التاريخية كما أنها غير قابلة للتكميم فهي كيفية وصفية أيضا يصعب تحديد بدايتها الواضحة ونتائجها وقت حدوثها كذلك انفلاتها من الدراسة الموضوعية للان المؤرخ إنسان يكتب التاريخ إلا طبقا للواقع الذي يحياه ويعيشه مثال فالمواطن الجزائري الذي يكتب عن تاريخ الجزائر سنة 1962 ليس هو المواطن الذي يكتب عنه بعد هذا التاريخ لأن الماضي يعاد بناؤه وتجمع معطياته كما أن العلم يقرب الناس والتاريخ يعمل على تشتيتهم مثال : الشاب الأوربي لا يتعلم نفس التاريخ الذي يتعلمه الشاب العربي أما بالنسبة للظاهرة الاجتماعية فهي ليست اجتماعية خالصة لأنها تنطوي على خصائص بعضها بيولوجي وبعضها نفسي وبعضها تاريخي كما أن الظواهر الاجتماعية بشرية لا تشبه الأشياء لأنها متصلة بحياة الإنسان وبالتالي لا يمكن أن تخضع للبحث العلمي لأن الإنسان يملك حرية الإرادة في التصرف وأيضا لا يخضع لمبدأ الحرية مثال: أن الزوج في استطاعته إن لا يطلق زوجته بالرغم من حضور الأسباب المهيأة للطلاق فهي خاصة وليست عامة أي أنها تتعلق بالفرد وما هو خاص يكون غير قابل للدراسة من الخارج وبالتالي فهي معقدة وليست بسيطة وبالتالي فهي قابلة للوصف الكيفي ولست للتقدير الكمي يقول جون ستيوارت ميل: " إن الظواهر المعقدة لا تصلح أن تكون موضوعا حقيقيا للاستقراء العلمي المبني على الملاحظة والتجربة" ولهذا فإنها تستعصي على التجربة ولا يمكن التنبؤ بها وبالتالي يستحيل تدوين القوانين كما أن الحادثة النفسية لا يمكن تطبيق المنهج التجريبي عليها لأنها موضوع لا يعرف السكون ولا يشغل مكانا محددا. فلا مكان للشعور ولا محل للانتباه فإنها سيل لا ينقطع عن الحركة والديمومة فلو طبقنا عليها المنهج التجريبي لقضينا على ديمومتها أيضا فهي شديدة التداخل والاختلاط ويشتبك فيها الإدراك مع الإحساس والذكاء مع التخيل والانتباه مع الإرادة فهي فريدة من نوعها لا تقبل التكرار والنتائج المستخلصة تكون لها صبغة ذاتية كذلك نتائجها وصفية كيفية وليست كمية واللغة المستعملة تعجز أحيانا عن وصف كل ما يجري في النفس لأنها داخلية وشخصية تختلف من شخص إلى آخر وذلك لأن التربية و الميولات والذكريات تختلف. وبالرغم من واقعية الحجج ومع تطور المنهج التجريبي وتكييف خطواته مع طبيعة الموضوع غي العلوم الإنسانية جعلها تتقدم وتتطور وساعد العلماء على تجاوز هذه العوائق ومحاولة دراسة هذه العلوم دراسة موضوعية علمية. في حين الاتجاه المعاصر المتشبع بالروح العلمية وعلى رأسهم ابن خلدون وتين ورينان و فوستال و دي كولانج وأيضا دوركايم وواطسون وبيرون وفختر أنه يمكن دراية العلوم الإنسانية دراسة علمية موضوعية وبالتالي تطبيق المنهج التجريبي وتجاوز كل العوائق الابستمولوجية إذ يستدلون على ذلك بأن طبيعة الموضوع تحدد طبيعة المنهج إذ يرى ابن خلدون وتــين و رينان و فوستال ديكولانج أنه يمكن دراسة الحادثة التاريخية دراسة علمية فإذا كانت الحادثة التاريخية فردية فليس لأنها تنفلت من دائرة الفهم إن لها مورثات نفسية واجتماعية فضلا عن الظروف الطبيعية إذا كانت لا تتكرر فلا يعني ذلك عدم إحياءها انطلاقا من آثارها ، أيضا يمكن للمؤرخ أن يرتب افتراضاته وبالتالي تحديد بدايتها كذلك المؤرخ بإمكانه اللجوء إلى وسيلة أخرى تقوم مقام التجربة وتتلاءم مع طبيعة الأحداث الماضية وهي المقارنة التاريخية مثل مقارنة تاريخ دولة مع دولة أخرى. وعليه يرى ابن خلدون أن المؤرخ بإمكانه تناول الحادثة التاريخية من خلال الآثار والوثائق وهي صنفان المصادر الإرادية كالرواية والآثار والمصادر اللاإرادية مثل النقود والأسلحة ويبقى على المؤرخ أن يتحقق من صدق المصادر وتجريدها من كل طابع شخصي وهذا هو التحليل التاريخي بممارسة النقد بنوعيه النقد الخارجي و الباطني الخارجي كأن الإرادية كالرواية والآثار والمصادر اللاإرادية مثل النقود والأسلحة ويبقى على المؤرخ أن يتحقق من صدق المصادر وتجريدها من كل طابع شخصي وهذا هو التحليل التاريخي بممارسة النقد بنوعيه النقد الخارجي و الباطني، الخارجي كأن يتناول المؤرخ الوثيقة ليتفحص شكلها فيتساءل هل ترجع إلى الزمن الذي تنتمي إليه؟ هل وصلت إلينا كما هي فانه يتفحص المادة التي يتألف منها المصر كنوع الورق والحبر أو شكل الخط وان كان المصدر معدنا فانه يتفحص نوع المعدن الذي صنع منه أما النقد الباطني فانه يختبر مضمون المصدر فيتحقق من أن ما ورد في المصادر يتماشى وعقلية العصر ويتفحص نفسية المؤرخ مثل الكذب والخيانة والخيال أو ضعف الذاكرة فيضطر الى رواية الأخبار على غير حقيقتها أخيرا يعيد بناء الحادثة فيِؤلف بين أجزائها ويرتبها حسب تسلسلها وهذا هو التحليل التاريخي بممارسة النقد بنوعيه النقد الخارجي و الباطني الخارجي كأن الإرادية كالرواية والآثار والمصادر اللاإرادية مثل النقود والأسلحة ويبقى على المؤرخ أن يتحقق من صدق المصادر وتجريدها من كل طابع شخصي وهذا هو التحليل التاريخي بممارسة النقد بنوعيه النقد الخارجي و الباطني، الخارجي كأن يتناول المؤرخ الوثيقة ليتفحص شكلها فيتساءل هل ترجع إلى الزمن الذي تنتمي إليه؟ هل وصلت إلينا كما هي فانه يتفحص المادة التي يتألف منها المصر كنوع الورق والحبر أو شكل الخط وان كان المصدر معدنا فانه يتفحص نوع المعدن الذي صنع منه أما النقد الباطني فانه يختبر مضمون المصدر فيتحقق من أن ما ورد في المصادر يتماشى وعقلية العصر ويتفحص نفسية المؤرخ مثل الكذب والخيانة والخيال أو ضعف الذاكرة فيضطر الى رواية الأخبار على غير حقيقتها أخيرا يعيد بناء الحادثة فيِؤلف بين أجزائها ويرتبها حسب تسلسلها و ضعها بالعلم إذ يقول دوركايم:ما من حادثة ألا ويمكن أن يطلق عليها اسم الظاهرة الاجتماعية أيضا مثلها مثل باقية الظواهر قابلة للدراسة من مناهج الملاحظة ووضع الفرض إلي التجربة لتدوين القانون وقال يجب أن تعالج الظواهر على أنها أشياء كذلك يمكن دراسة الحادثة النفسية دراسة موضعية وهو متوصل إليه واطسون وهي مبادرة استو حاء من تجربة بافلوف وبين انه يمكن دراسة الحادثة النفسية من خلال السلوك آذ اخذ كلبا وثبت أطروحة الالتقاط قطرات اللعاب فكان يقدم له الطعام ليثيرا سيلان لعبه نلاح ضان اللعاب يأخذ سيلان عند الحيوان عندما يضع على لسنه قطعة من اللحم المجفف و في الوقت الذي يقدم له الطعام يقرع جرسا وبعد إن كرر التجربة مرات لاحظ أن قرع الجرس كفيل باستثارة سيلان اللعاب ولقد اختار مصطلح المنعكس الشرطي ولقد سماه هذه الدراسة بالفزيلوجية الدماغ كذالك ساعد المنعكس الشرطي على فهم عمليات التعلم من عادة و تنكر إدراك إذ يقول أن علم النفس كما يري السلوكيون فرع موضوعي و تجريبي من فروع الطبيعة هدفه التنبؤ عن السلوك و ضبطه كما استطاع علما النفس فهم الحوادث النفسية كالديمومة و الذكاء و به توصلوا إلى دراسة السلوك وهو موضوع قابل للملاحظة و وضع الفروض و التحقق منها تجريبيا و تدوين القوانين مثل قانون بيرون النسيان يزداد بصورة متناسبة مع قوة لوغاريتم الزمن كذلك قانون فختر الإحساس يساوي لوغاريتم المؤثر ,و بالرغم من واقعية الحجج فلا يمكن دراسة العلوم الإنسانية دراسة موضوعية فهي ذاتية بحت فقد وجهة مؤاخذات لمدرسة دوركايم أنها لم تتميز بدقة بين الظواهر الفيزيائية و الظواهر الاجتماعية كذلك الحادثة النفسية ليست مجرد سلوك الذي يجمع المنبه بالاستجابة فهي شعور قبل أن تكون سلوك كما أن تحليلها و هي لا تنقطع عن الديمومة أمر مستحيل كما أن المؤرخ مهما استطاع لا يمكن تحقيق الموضوعية ولا يمكن إضفاء صفة العلم لانه شخصي و به لاستطيع التجرد من العواطف كما انه يمكن أن يلجا لتخيله
مما سبق نصل إلى انه يمكن دراسة العلوم الإنسانية دراسة علمية موضوعية وبما انه يمكن تطبيق المنهج التجريبي متجاوزين كل العقبات والعوائق الابستمولوجية إذ نجد أن علم التاريخ تعمل مع الدراسات الاجتماعية والدنية و الاقتصادية و النفسية أيضا ظهر ما يحرك الأحداث وهي مهمة تجمع بين التاريخ وفلسفة التاريخ كما ظهر في علم الاجتماع عدة تخصصات علم الاجتماع العام ويشمل دراسة المقومات العامة للاجتماع الإنساني إذ ظهر مبحث السويسومتري أي قياس الظاهر الاجتماعية أيضا علم النفس و الأجناس وهذا ما يسمى بالاثرنبولجيا و الانتوغرافيا و الديموغرافيا أو الدراسات السكانية و الفيزيولوجيا الاجتماعية وهي تضم عدة علوم الأسرة ،الاقتصاد الأخلاق ........الخ كما اتسع فهم علماء النفس
باتساع مجال أبحاثهم فظهرت المدرسة الشكلية فذهب إلى أن للعوامل الخارجية اثر في تشكيل الحادثة النفسية و تشعب السيكولوجية إلى فروع علم النفس إلى الحيوان،الطفل،المراهق،وعلم النفس المرضي .
وفي الأخير نصل من خلال التحليل السابق انه استطاعت العلوم الإنسانية علم النفس وعلم الاجتماع وعلم التاريخ ان تستخدم الموضعية وتتصف بالعلمية ونبرهن على أنها قادرة على الاستمرار الكائن اللغز الذي هو الإنسان فيقدر ما ساهمت العوائق الابستمولوجية في تأخر العلوم الإنسانية بقدر ما شكلت حافزا لها على تجاوز ومواكبة تطور العلوم الأخرى