القتل هو من الحدود التي أوجبها الله تعالى في حق كثير من المجرمين كالزاني المحصن والقاتل المتعمد وقاطع الطريق والمرتد عن الإسلام...إخ
و يقول تعالى في كتابه العزيز : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} سورة البقرة — 179 . فمن همّ بالقتل فتذكر القصاص يرتدع عن القتل فكان ذلك حياة له و لمن همّ بقتله، إذن فالقصاص وإقامة حد القتل فيه حياة للفرد والمجتمع وهو ليس وحشية أو ظلم كما يدعي أعداء الإسلام وأذنابهم بل كبتر العضو الفاسد من الجسد في سبيل بقاء الجسد على قيد الحياة. وأينما تتعطل الحدود الإلهية تنتشر الجرائم كما هو الحال عندنا,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحا )) أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة وابن حبان .
وما أعظم ما قاله الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى :
** ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس }
قال : أي بان النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي.
وقال أبو العالية: من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض؛ لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة؛ ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود: "لحد يقام في الأرض أحب إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحا".
والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت، انكف الناس أو أكثرهم أو كثير منهم عن تعاطي المحرمات، وإذا ارتكبت لمعاصي كان سببا في محاق البركات من السماء والأرض؛ ولهذا إذا نزل عيسى عليه السلام، في آخر الزمان فحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت، من قتل الخنزير وكسر الصليب ووضع الجزية، وهو تركها -فلا يقبل إلا الإسلام أو السيف، فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه ويأجوج ومأجوج، قيل للأرض: أخرجي بركاتك. فيأكل من الرمانة الفئام من الناس، ويستظلون بقحفها، ويكفي لبن اللقحة الجماعة من الناس. وما ذاك إلا ببركة تنفيذ شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلما أقيم العدل كثرت البركات والخير ثبت في الصحيح:"إن الفاجر إذا مات تستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب"
.....انتهى كلامه رحمه الله
قال المناوي رحمه الله :
(( لأن في إقامتها زجرا للخلق عن المعاصي وسببا لفتح أبواب السماوات للمطر وفي العفو عنها والتهاون بها انهماكا لهم في الإثم وسببا لأخذهم بالجدب والسنين ولأن إقامتها عدل وخير من المطر أو المطر يحيي الأرض والعدل يحيي أهلها ولأن دوام المطر قد يفسد وإقامتها صلاح محقق ، وخوطبوا به لأنهم لا يسترزقون إلا بالمطر"وفي السماء رزقكم وما توعدون" ...)).