منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أسئلة وأجوبة في مسائل الإيمان والكفر لفضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-05, 00:59   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي خلافنا مع المرجئة

السؤال الخامس:
هل خلاف أهل السنة مع مرجئة الفقهاء في أعمال القلوب أو الجوارح؟ وهل الخلاف لفظي أو معنوي ؟ نرجو من فضيلتكم التفصيل.

الجواب :
خلافهم في العمل ، خلاف مرجئة الفقهاء مع جمهور أهل السنة هو اختلاف في العمل الظاهر ،كالصلاة والصيام والحج، فهم يقولون إنه ليس من الإيمان وإنما هو شرط للإيمان، إماشرط صحة وإما شرط كمال ، وهذا قول باطل كما عرفنا .
والخلاف بينهم وبين جمهورأهل السنة خلاف معنوي وليس خلافاً لفظيا، لأنهم يقولون إن الإيمان لا يزيد ولا ينقصبالأعمال ، فلا يزيد بالطاعة ولا ينقص بالمعصية .. وإيمان الناس سواء لأنه عندهم التصديق بالقلب مع القول باللسان ! وهذا قول باطل.



التعقيب



نقل موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة إلى أعمال الجوارح، لا إلى أعمال القلوب، فيه نظر، وهذا خلافاً لما قرره الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في «كتاب الصلاة وحكم تاركها» (ص25 ) حيث قال :
«وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة».

ويكاد عجبنا لا ينقضي من اتهام بعض أهل الفضل ـ فضلاً -عن الحاقدين والشانئين- لعلماء من أهل السنة، ورميهم بالبدعة والإرجاء والتجهم؛ لمجرد أنهم يقولون :إن تارك أعمال الجوارح ليس بكافر مع كونه تحت الوعيد.
فكيف يقال مثل هذا الكلام، وشيخ الإسلام – وغيره - قد حسم الكلام، بأن الخلاف بين مُرجئة الفقهاء وأهل السنة في الحكم بترك العمل الظاهر نزاع لفظي؟!! ـ مع أنهم يخرجونه عن مسمى الإيمان ـ.
1ـ قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في «الفتاوى» (7/ 218 ) :
«ولهذا كان أصحاب أبي حنيفة يكفرون أنواعاً ممن يقول كذا وكذا، لما فيه من الاستخفاف ويجعلونه مرتداً ببعض هذه الأنواع مع النزاع اللفظي الذي بين أصحابه وبين الجمهور في العمل : هل هو داخل في اسم الإيمان أم لا؟ ».
بل قد جلَّى ـ رحمه الله ـ المسألة ـ تماماً ـ فقال في «الفتاوى» (7/ 181 ) : «فإذا عرف أن الذم والعقاب واقع في ترك العمل كان بعد ذلك نزاعهم لا فائدة فيه، بل يكون نزاعاً لفظياً مع أنهم مخطئون في اللفظ مخالفون للكتاب والسنة».
وقال ـ أيضاً ـ (7/ 297 ) :
«ومما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي ، و إلاّ فالقائلون بأنّ الإيمان قول من الفقهاء ـ كحماد بن أبي سليمان وهو أول من قال ذلك، ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم ـ متفقون مع جميع علماء السنّة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد، وإن قالوا : إنّ إيمانهم كامل كإيمان جبريل فهم يقولون : إنّ الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرّمات يكون صاحبه مستحقاّ للذم والعقاب، كما تقوله الجماعة ».
فبعد هذا الكلام من شيخ الإسلام لا يعقل أن يقال : إنّ الخلاف بين أهل السنة ومُرجئة الفقهاء في ترك العمل خلاف حقيقي أي في الاسم والحكم ـ؛ لأنّه لا يستقيم مع قولـه : (لفظي ) ـ أي: في الاسم دون الحكم، وهذا لا يمكن أنْ يقال لو كان تارك أعمال الجوارح كافراً، لأنه سيكون خلافاً في الحكم ـ أيضاً ـ.
فأي القولين أصح؟‍‍‍‍ أقول شيخ الإسلام؟ أم غيره ممن ليس له سبر لمنهج السلف في مسائل الايمان؟!!
‍‍‍ بل إن شيخ الإسلام اعتبر الخلاف بين أهل السنة والكرّامية في الاسم دون الحكم ـ وهم بلا شك شرٌّ من مرجئة الفقهاء ـ، ومن ضلالهم أنهم يسمّون المنافق مؤمناً في الدنيا، مع أنّهم يُقرّون أنّه مخلّد في النار في الآخرة، ولم يأخذ عليهم أنّهم يُسمّون تارك أعمال الجوارح مؤمناً وهو في الحقيقة كافر ـ كما يتوهّم البعض ـ وإنْ كانوا ـ أيضاً ـ مخالفين في تسميته مؤمناً، لكنّهم يلتقون مع أهل السنّة في حكمه في الآخرة ـ عدا الخلاف في المباني الأربعة مع بعضهم ـ.
فقال ـ رحمه الله ـ في «الفتاوى» (7/ 550 ) :
«وقول ابن كرّام فيه مخالفةٌ في الاسم دون الحكم، فإنه وإن سمّى المنافقين مؤمنين يقول إنهم مخلدون في النار، فيخالف الجماعة في الاسم دون الحكم، وأتباع جهم يخالفون في الاسم والحكم جميعاً ».
ثمّ نجد هذه الأيام من يستدرك على شيخ الإسلام في حصره أتباع جهم بأنهم المخالفون ـ فقط ـ في الاسم والحكم، فألحقوا بهم ـ بالباطل الشنيع ـ مشايخنا وأئمتنا، واستدلوا عليهم بآثار السلف الواردة في تكفير غلاة المرجئة.
وممن قرر ما قرّره شيخ الإسلام العلامة الشيخ الإمام محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ في «فتاويه» (1/ 245 ) :
«الإمام أبو حنيفة وشيخه حماد بن أبي سليمان من مرجئة الفقهاء الذين يقولون : لا تدخل أعمال الجوارح في الإيمان مع أنهم يقولون بالتغليظ فيها، إنما مسألة الاسم ـ فقط ـ والجمهور على خلاف هذا».
أي :أن الجمهور لا يقولون في تارك أعمال الجوارح مثلما يقوله مرجئة الفقهاء، بأنهم يستحقون اسم الإيمان المطلق واعتبارهم كاملي الإيمان.
وقوله :«إنما مسألة الاسم ـ فقط» ـ يعني أنهم في مسألة (الحكم ) متفقون ـ سواء ـ.



ونحن أصالةً ـ مع قول الجمهور ـ بلا مَثْنَويِّة ـ.


وفي السير (9/436)، عند ترجمة عبد المجيد ابن الإمام عبد العزيز بن أبي رواد، قال الإمام الذهبي:
(قال ابن عدي: عامة ما أنكر عليه الإرجاء



وقال هارون بن عبد الله الحمال: ما رأيت أخشع لله من وكيع، وكان عبد المجيد أخشع منه


قلت (الذهبي): خشوع وكيع مع إمامته في السنة جعله مقدما، بخلاف خشوع هذا المرجئ - عفا الله عنه - أعاذنا الله وإياكم من مخالفة السنة، وقد كان على الإرجاء عدد كثير من علماء الأمة، فهلا عد مذهبا، وهو قولهم: أنا مؤمن حقا عند الله الساعة، مع اعترافهم بأنهم لا يدرون بما يموت عليه المسلم من كفر أو إيمان، وهذه قولة خفيفة وإنما الصعب من قول غلاة المرجئة: إن الإيمان هو الاعتقاد بالأفئدة، وإن تارك الصلاة والزكاة، وشارب الخمر، وقاتل الأنفس، والزاني، وجميع هؤلاء يكونون مؤمنين كاملي الإيمان، ولا يدخلون النار، ولا يعذبون أبدا ، فردوا أحاديث الشفاعة المتواترة، وجسروا كل فاسق وقاطع طريق على الموبقات، نعوذ بالله من الخذلان).


-ـ جعل العلامة المعَلّمي ـ رحمه الله ـ الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء قريباً، فقال في «التنكيل» (2/ 364ـ372 )
«وبالجملة؛ فإذا صح قول الكوثري: أنّ أبا حنيفة لا يقول : أن الأعمال ليست من الإيمان مطلقاً، وإنما يقول : إنها ليست ركناً أصليـاً وإنمـا الركـن الأصلـي العقـد والكلمـة فالأمر قريـب...».
- وقال الإمام ابن أبي العز الحنفي «شرح العقيدة الطحاوية» (ص333 ):
«والاختلاف الذي بين أبي حنيفة والأئمة الباقين من أهل السنّة اختلاف صوري؛ فإنّ كون الأعمال أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب، أو جزءاً من الإيمان، مع الاتفاق على أنّ مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان، بل هو في مشيئة الله، إن شاء عذّبه، وإن شاء عفا عنه ـ : نزاع لفظي، لا يترتب عليه فساد اعتقاد ».

والذي نخشاه أن يُتهم مثل هذا الإمام بالإرجاء ـ كما سمعنا من بعض الأغْمَار الأغبياء ـ، ثمّ يُحَذر النّاس من قراءة شرحه، دون أنْ نعلم له قولاً يوافق فيه المرجئة كغيره من العلماء ولأجل هذا كله كان اعتبار شيخ الإسلام ابن تيمـية ـ رحمه الله ـ مرجئة الفقهاء من أهل السنة، وأن بدعتهم من بدع الأقوال والأفعال.
- قال شيخ الإسلام في «الفتاوى» (7/ 392 ) :
«ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحداً من «مرجئة الفقهاء» بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال؛ لا من بدع العقائد فإن كثيراً من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب».
وهذا هو الحقُّ بلا ارتياب.
وقال ـ أيضاً ـ في العقيدة «الأصفهانية» (ص175 ) :
«وأصل هؤلاء ـ أي : الخوارج والمعتزلة ـ أنهم ظنّوا أن الشخص الواحد لا يكون مستحقاً للثواب والعقاب والوعد والوعيد والحمد والذم، بل إما لهذا وإما لهذا فأحبطوا جميع حسناته بالكبيرة التي فعلها... لكن فقهاء المرجئة قالوا : إنه الاعتقاد والقول، وقالوا : إنه لا بد من أن يدخل النار فُسَّاقُ الملة من شاء الله ـ تعالى ـ كما قالت الجماعة ـ فكان خلاف كثير من كلامهم للجماعة إنما هو في الاسم لا في الحكم ».



فهل يقال هذا ـ يا عباد الله ـ في مرجئة الفقهاء ، في الوقت الذي يرمى علماء أهل السنة بالبدعة، والتجهم، والخروج من دائرة أهل السنة ويحذر منهم، وكل ذلك لأنهم تبعوا من سبق ذكرهم من أهل العلم ومن سيأتي ذكرهم لاحقاً، مِن أن تارك أعمال الجوارح ليس بكافر مع أنهم يتفقون مع الجماعة في كل مسائل الإيمان الأخرى ـ حتى الاسمية منها ـ فرحم الله العدل والإنصاف!



مع التنبيه أني مع من يقول: أن الخلاف بين مرجئة الفقهاء وبين جمهورأهل السنة خلاف حقيقي وليس خلافاً صوريا لفظيا


كما نص عليه الشيخ الفوزان هنا والشيخ ابن باز والألباني في التعليق على العقيدة الطحاوية