يعيش الإنسان اليوم في ظل الحضارة الكافرة، ضائعاً دون أن يجد لحياته معنى أو حكمة فقد تعلم من الحضارة كيف يعيش، لكنها لا تخبر أحداً لماذا خلق؟ ولماذا يعيش؟ فمثل الحضارة المعاصرة كمثل صاحب سفينة قد أتقن صناعة سفينته وزينها ودعا الناس لركوبها (وارتفع صوته في ترغيب الراكبين) وشرح ما أعد لهم على سفينته من متاع وأخذ يبين لهم كيف يأكلون، وكيف يشربون، وأين ينامون، وأين يلعبون، وكيف يلبسون، وأين يقضون حاجاتهم... وأين... وأين... وكيف... وكيف... وإلى أين تذهب سفينتك؟ أجاب لا أعلم؟!.
وهكذا حضارة اليوم تعلم الإنسان كيف يعيش... ولكنها لا تعرف لماذا يعيش الناس!! وما الحكمة من وجودهم. ولا مخرج للناس من هذا الضياع في هذه الدنيا إلا بالاتصال بخالقهم الذي خلقهم، لأنه وحده الذي يعلم لماذا خلق الناس... لأنه خلقهم لحكمة في نفسه ولا يعلم المخلوق ما في نفس خالقه إلا بتعليم من خالقه (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك).
وما لم يعرف الإنسان خالقه فسيبقى في نظرته أقل شأناً من ورقة وأحقر من خنفسة.
- ومن سمات الحضارة المعاصرة القلق المخيف الذي يزعزع حياة الأفراد والجماعات ويدفع إلى الانتحار أو الإدمان على المخدرات أو السلوك المجنون العابث الذي يملأ النفوس من القلق، وسبب القلق والخوف غياب الاطمئنان إلى الحياة التي يحياها الإنسان لأن كل ما يتصرف به الإنسان ليس في دائرة ملكه الحقيقي لأنه لم يخلق شيئاً وهو لا يعرف المالك الحقيقي..
ولأن الموت الذي يفجؤه يحطم ويهدم كل أمانيه وينقله إلى مصير مجهول فحاله كحال من فرض عليه النوم في طريق السيارات!!.
- ووجود الاختلاف هي الآراء والمذاهب بين الناس لا مفر منه إذا عاش الناس بعيداً عن هدى الله. ولا مخرج إلا بالإيمان.
- ووجود الصراع بين الناس ثمرة من ثمار الكفر ولا مخرج منه إلا بالإيمان.
- وتتميز الحضارة المعاصرة بالظلم والاستغلال لأن الحكام الذين يصدرون القوانين المتحكمة بالناس سواء في البرلمانات الديمقراطية، أو اللجان المركزية الحزبية يجعلون تلك القوانين خادمة لمصالحهم محققة لشهواتهم. فرأينا الشعب الأمريكي يُسخر لتحقيق مصالح الرأسماليين الذين يعرفون كيف يفوزون في الإنتخابات.
ورأينا الشعب الروسي يُسخر لتحقيق مصالح وأهواء اللجنة المركزية وقيادات الحزب الشيوعي وأفراد الحزب الذين يتمتعون بامتيازات خاصة، ويعرفون كيف الطريق لقهر الناس وفرض الستار الحديدي عليهم، وعلى هذين النمطين تقاس باقي أنماط الحكم الكافرة، ولا يمكن أن يذهب الظلم والاستغلال من حكم الإنسان إلا إذا نزع الحكم من يده، وكان التشريع من الخالق الحق الذي لا ينحاز لطبقة أو فئة أو قومية أو جماعة والإنسان مملوء بالأهواء والشهوات. ولا يمكن أن ينزع منه أهواوءه وشهواته لكنه من الممكن أن ينزع منه الحكم، وتقربه للذي خلق، الذي لا يظلم.
أما الشريعة الإسلامية وعدالتها وصلاحيتها فقد بهرت بمزاياها الدارسين للقوانين من غير المسلمين فما وسعهم إلا أن شهدوا بما علموا. وفي شهاداتهم ما يحث قومهم على أن المخرج لهم من مأزق حكم الأهواء والمصالح والجهالات، والفساد البشري لا يكون إلا بالشريعة الإسلامية، وفي شهادة هؤلاء المتخصصين القانونيين حجة بالغة على المسلمين الذي لا يقيمون الشريعة العادلة بينهم...
وإليك قول بعضهم:
1- يقول "هوكتنج":
أستاذ القانون بجامعة هارفارد في كتابه (روح السياسة العالمية) عام 1932م
إن سبيل تقدم الممالك الإسلامية ليس في اتخاذ الأساليب الغربية التي تدعي أن الدين ليس له أن يقول شيئاً في حياة الفرد اليومية وعن القانون والنظم السماوية و إنما يجب أن يجد المرؤ في الدين مصدراً للنمو والتقدم وأحياناً يتساءل البعض ما إذا كان نظام الإسلام يستطيع توليد أحكام جديدة وإصدار أحكام مستقلة تتفق وما تطلبه الحياة العصرية؟ فالجواب عن هذه المسألة: هو أن في نظامه كل استعداد داخلي للنمو لا بل إنه من حيث قابليته للتطور يفضل كثيراً من النظم المماثلة والصعوبة لم تكن في انعدام وسائل النمو والنهضة في الشرع الإسلامي، وإنما في انعدام الميل إلى استخدامها وإني أشعر بكوني على حق حين أقرر أن الشريعة الإسلامية تحتوي بوفرة على جميع المباديء اللازمة للنهوض).
2- يقول "شترل " عميد كلية الحقوق في جامعة (فيينا): فقد أعلن في مؤتمر الحقوقيين عام 1927 م قوله
أن البشرية تفخر بانتساب رجل كمحمد لها إذ أنه رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً أن يأتي (17) بتشريع سنكون نحن الأوروبيين أسعد ما
نكون لو وصلنا إلى قمته بعد ألفي سنة).
3- وأما المؤتمر الدولي الذي انعقد في لاهاي أيضاً (أغسطس1937م) فقد أعلن ما يلي:
أ- اعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً من مصادر التشريع العام، أي: أن الشريعة الإسلامية قد أصبحت مصدراً للمحاكم الدولية والقوانين الدولية لا لقوة أهلها ولكن لصلاحيتها وقوتها الذاتية التي فرضت نفسها.
ب- وأصدر المؤتمر إعلاناً بأن الشريعة الإسلامية قائمة بذاتها مستقلة عن غيرها.
4- أما أسبوع الفقه الإسلامي المنعقد في باريس (عام 1952 م) فقد وقف فيه نقيب المحامين الفرنسيين فقال: لا أدري كيف أرفق بين ما كان يصور لنا من جمود الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي وعدم صلاحيتها كأساس لتشريعات متطورة وبين ما سمعته مما يثبت من غير شك فاعلية الشريعة الإسلامية عن عمق و أصالة ودقة وكثرة تفريع وصلاحية لمقابلة جميع الأحداث.
5- وأما جمعية القانون الدولي العام فقد اعتبرت محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة الرائد الأول للقانون الدولي العام, ما حكمك أيها العاقل.. لو رأيت جماعة من الناس في بلد ما قد حولت السيارات للحراثة, وحولت الحراثات للنزهة هل تشك في ضلال ما فعلوا؟!.
وهكذا فعل الإنسان في هذه الأيام حوّل الرجال نساء والنساء رجالاً تارة عجباً عندما جعل الإنسان الذي كرمه ربه حيواناً من نوع الخنافس!! بعد أن أفسد نظام الأسرة و الأخلاق, تلك مآزق الحضارة المعاصرة وهي ثمرة الكفر الذي تلبس بها: ضياع, وقلق.. واختلاف وصراع, وظلم واستغلال وفساد وانحطاط.. لذلك لا بد من الإيمان لإنقاذ المسلمين من أمراضهم التي أصيبوا بها بعد أن أصيبوا في إيمانهم وإنقاذ الكافرين من المآزق التي أوقعهم الكفر فيها.. لابد من الإيمان لأن ذلك واجب على المسلمين ووظيفة اتباع ورثة المرسلين.
﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾ (سورة آل عمران : آية 193)
▲
ارجو منكم الدعاء