ورأينا الزخرفة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتاً يوشونها وشي المراحيل " (7) والمراحيل هي الثياب المخططة.
4- تقريب أجزاء الأرض:
ما كان يخطر ببال أحد أن أجزاء الأرض ستقرب وتزوى حتى يتمكن المشاهد أن يشاهد في مرة واحدة تلك الأجزاء المتباعدة كما حدث ذلك لرسول اله صلى الله عليه وآله وسلم وكما أخبر فقال: "زُويت لي الأرض فأُريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي مقدار ما تزوى لي منها" (8).
أو كما قال ولقد أخبر الرسول الكريم أن الأرض ستزوى في أواخر الزمان فقال: "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان وتزوى الأرض زياً". فهذه الأرض قد زويت فرأى راكب الصاروخ مشارقها ومغاربها ورأى الناس معه ذلك، وهذه المسافات قد اختصرت وهذا من زوى الأرض وتقارب الزمان وهذه الأصوات قد سمعت من الأماكن البعيدة والصور قد انتقلت وهذا من زوى الأرض وتقارب الزمان وهذه علامات الساعة كما أخبر الرسول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.
5- حديث السباع ونطق الجماد ونقل أخبار الزوجة إلى زوجها:
هل يمكن للسباع أن تتكلم؟ هذا مستحيل بالنسبة لمن عاشوا قبلنا... لكنها اليوم قد بدأت الكلام وهذه القطط قد بدأ بعضها يفصح... وغداً تلحقها السباع... لكن هذا من علامات قرب الساعة هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وغداً تقع الساعة كما وقعت اليوم بعض علاماتها وكذلك ما كان أحد يصدق أن الجماد سيتكلم لكنه الآن ينطق وبعد أن نطق الجماد، وكان من البعيد جداً أن يتمكن الجماد من التعرف على أحوال المنزل ونقل أخباره إلى الزوج بعد مغادرته بيته حتى تمكن الباحثون من صنع جهاز للتنصت ينقل الأخبار من أي مكان إلى حامل هذا الجهاز وذلك بواسطة توجيهه على موجة معينة وغداً يطور هذا الجهاز فيحمل في النعل في شكل عذبة سوطة التي تتحدث كما قد شاهدنا المذياع (الراديو) قد صنع في شكل نظارة ولكن هذا أيضاً من علامات قرب الساعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنسان وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله وتخبره بما أحدث أهله من بعده " (9) وهذا هو حديث السباع ونطق الجماد وهذا من علامات قرب الساعة.
6- نهضة علمية مع جهل بالدين:
كان السائد أن القراءة إذا كثرت دلت على كثرة الفقه وأن الأمراء إذا كثروا، كثر فيهم الأمناء لأن الإمارات والولايات يتحرى فيها الأمانة، لكن آخر الزمان قد جاءنا بالعكس من ذلك كما قال عليه الصلاة والسلام: "من اقتراب الساعة كثرة القراء وقلة الفقهاء وكثرة الأمراء وقلة الأمناء" (10).
ولقد كان العلم دليلاً على قوة الدين والجهل دليلاً على ضعف الدين ولكن العكس هو الذي يكون في آخر الزمان كما أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "يكون في آخر الزمان عبّاد جهّال وقرّاء فسقة" (11).
7- وفرة الأموال واتساع التجارة وكثرة القراءة والكتابة:
قال عليه الصلاة والسلام: (إن من أشراط الساعة أن يفشو المال وتفشو التجارة ويظهر القلم " (12) وظهور القلم دليل على كثرة القراء والكتّاب.
8- تعرّي النساء وتمايلهن وجعل الرؤوس كأسنمة الجمال:
ما كان يخطر ببال أحد أن نساء المسلمين سيعملن على التعري والتمايل واتخاذ كل وسيلة تثير شهوات الرجال. لكن حركة التعري مشاهدة رغم وفرة الملابس فهذه الملابس الضيقة تجعل المرأة كأنها عارية وهذه الملابس الخفيفة الكاشفة تعري الجسم من خلف الكساء الشفاف وهذه الملابس القصيرة تكشف قدراً كبيراً من جسم المرأة رغم وفرة القماش والكساء الذي يكسو ما كشف، وهذه حمّامات السباحة المختلطة تشاهد فيها المرأة، وقد تجردت من ثيابها وكسائها وعرت جسمها إلا الفرج وبعض الثديين!! فهؤلاء هن الكاسيات لكنهن العاريات، ولقد تعمدت أغلب النساء أن يلبسن حذاء بكعب عال يجعل جسم المرأة مائلاً من الخلف إلى الإمام فتميل رؤوس المفتونين وقلوبهم مع ميل قلوب النساء وتمايل أجسادهن ومع هذا التعري والتمايل تلك التسريحات المختلفة التي تجمع الشعر، وكأنه سنام جمل يتمايل ولقد كشف هذا الرسول عليه وآله الصلاة والسلام فكانت الكلمات كأنها تقاطيع الصورة المشاهدة فقال: "صنفان من أمتي في النار لم أرهما؟ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات. مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائل " (13).
9- تشبه الرجال كالنساء والنساء كالرجال:
ما كان يخطر على بال أحد من السابقين أن الرجال سيتشبهون بالنساء وبالعكس وخاصة في جو النخوة القبلية الذي يئد البنت حية تخلصاً من عارها، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بذلك ويخبر أنه عن علامات قرب الساعة فقد قال: "من اقتراب الساعة تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال " (14).
10- تربية الكلاب وكراهية تربية الأولاد وظهور الفاحشة:
وما كان أحد يتصور أن الناس سيكرهون تربية أولاد من أصلابهم ويقبلون على تربية الكلاب وخاصة في بيئة عربية قبلية تفاخر بالأبناء وكثرتهم.
لكنها النبوة قد كشف الله لرسوله بها حجب الزمان، وأخبر أن ذلك من علامات آخر الزمان فقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "إذا اقترب الزمان لأن يربي الرجل جرواً (15) خير له من أن يربي ولداً له، ولا يوقر كبيراً ولا يرحم صغيراً، ويكثر أولاد الزنى حتى إن الرجل ليغشى المرأة على قارعة الطريق, يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب أمثلهم في ذلك المداهن " (16).
هذه بعض العلامات قد شاهدناها، وقد أخبرتنا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكثير ورأينا منها الكثير والذي أخبرنا عن أمارات الساعة قبل ظهورها بقرون فرأيناها كما أخبر، هو الذي اخبرنا عن الساعة وأمرها وأحوالها مما يحث العاقل ويدفعه إلى أن يتفكر في مصيره الذي أخبره به الرسل الكرام صلى الله عليهم أجمعين، كما سيدفعه ذلك إلى أن يتفكر في أمر هذه الدنيا التي يعيش فيها.
الدّنيَا وَحَقيقتهَا
إذا تأملت إلى ما مضى من عمرك، فستعرف قيمة هذه الحياة لأنك إذا أشرفت على حافة قبرك وتذكرت حياتك التي تنتهي باحتضارك ستعرف عندئذ أنك لم تكن فيها إلا عابر سبيل كما أخبرك الرسول الكريم بقوله: " عش في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " فهل أعددت أيها المسافر ما يلزمك لدار النزول أم أنك انشغلت بجمع الفائض عن حاجتك و أهملت كل ما تحتاجه غداً.. سل نفسك ما الذي تنتفع به عملياً مما تصارع من أجله ليس لك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت، وستخرج تاركاً كل شيء. لو اجتمع من عاشوا في الأرض من قبلنا لرأينا آلاف الأشخاص يتنازعون على قطعة أرض واحدة كل يدعي أنه قد ملكها واحتجزها وكانت ضمن ممتلكاته!! فمن المالك الحقيقي؟ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ(23)وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ(24)وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ (سورة الحجر: آية 23- 25)
لو فكرت كثيراً في أمرك وعرفت خالقك ورسوله إليك لعرفت عندئذٍ أن هذه الدنيا ما هي إلا دار ابتلاء وامتحان يتعاقب عليها الناس ليتميز عليها المطيع لربه من العاصي ثم يخرجون منها كما دخلوا إليها ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ﴾ (سورة الأنعام: آية 94).
ولو عرفت الآخرة وحقيقتها لعملْتَ واشتقت للعيش فيها وأنقذت نفسك من أخطارها.
الدّار الآخِرَة
وإذا كانت الدنيا أياماً منقضية، فإن الآخرة حياة باقية خالدة، وإذا كانت الدنيا قد مزجت بالشقاء فإن الآخرة قد خلصت للنعيم قال تعالى: ﴿ وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ(31)هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ(32)مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ(33)ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ(34)لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ (سورة ق: آية 31- 35).
لكن الكافرين بربهم لهم عذاب شديد، فإذا وقفوا لديه طلبوا من ربهم أن يعيدهم مرة أخرى إلى الدنيا ليعملوا صالحاً غير الذي كانوا قد عملوا فيرد عليهم بأنهم قد أُعطوا مهلة كانت تكفي لكي يتذكروا وقد جاءهم من ينذرهم فما خافوا يوم لا يكون لهم نصير قال تعالى: ﴿لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ(36)وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ ( سورة فاطر: آية 36- 37) .
الإيمَان طَريق العَمَل
للفَوز وَ النجَاة
لكنك أيها العاقل لن تتمكن من السعي الصادق للفوز بالنعيم الدائم عند خالقك كما أنك لن تتمكن من اتخاذ ما يلزمك للنجاة من العذاب الأليم في الدار التي تسير نحوها كل يوم إلا إذا كنت مؤمناً صادقاً في إيمانك قد خرجت من شك المرتابين الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا﴾(سورة الجاثية: آية 32).
فلا بد من الإيمان... ولا بد من الأدلة التي يقوم عليها بناء الإيمان... وما أكثر الأدلة ولكن أين أهل العقول؟ وأين أهل القلوب السليمة؟؟.
وإذا صدق الإنسان مع نفسه، وعلم أن أهم أمر في هذا الوجود، هو أن يعرف ربه ورسول ربه، وأن ذلك هو الطريق للسعادة في الدنيا والآخرة، فلا بد له من السعي لتعلم أدلة الإيمان وحججه، فقد جعل الله العلم هو طريق الإيمان به فقال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ (سورة محمد: آية 99).
وقال سبحانه وتعالى: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ (سورة الرعد: آية 19).
خَطر التقليد في الإيمَان
لقد بين الله سبحانه وتعالى أن التقليد للآباء بدون علم من الصفات المذمومة التي ذم بها الكافرين فقد قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ (سورة البقرة: آية 170) وبين أن الطريق إلى الإيمان بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو العلم وأن الذي لا علم له في إيمانه أعمى، والأعمى يمكن أن يقاد إلى أي اتجاه من أي شخص قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾(سورة الرعد: آية 19)ولذلك سهل على المسلم المقلِّد الأعمى في إيمانه أن يستجيب لأية دعوة ولأية فكرة لأنه أعمى وبقيام إيمانه على التقليد فقدَ حقيقة الإيمان وحُرم نوره فانعكس هذا على أعمال المقلِّدين من المسلمين وعباداتهم يعبدون الله على حرف ويقيمون جوانب من الإسلام، ويتخلون عن أخرى لأنها شاقة عليهم أو لأنهم مهزوزون في إيمانهم، قال تعالى:﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ﴾ (سورة الحج: آية11).
وهذا الإيمان التقليدي لا يثبت أمام شكوك المشككين في هذا الزمان وقد جاءتنا فتن لا ينجو منها إلا من عرف دينه كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستكون فتن لا ينجو منها إلا من عرف دينه".
الإيمَان طَريق السَّعَادة
ويزيد بالأعمال الصّالحة
فمن أراد السعادة لنفسه، وإنقاذاً للبشرية فعليه بالإيمان.. ومن أراد حياة صالحة وأعمالاً صالحة في الدنيا فعليه بالإيمان لأن العمل الصالح ثمرة من ثمار الإيمان ومن أراد السعادة في الآخرة والنجاة من العذاب فعليه بالإيمان، ومن حصل على الإيمان، عن علم وبصيرة، فعليه أن ينِّميه ويحميه بالأعمال الصالحة لأن الإيمان "يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي " هكذا أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
الحَضَارَة في مَأزق
ولا مخرج لها إلاّ بالإيمان