اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة syrus
الغزالي هو من الكتاب الذي أحببتهم و لا زلت أحبهم , و يبقى له الفضل في إثارة اهتمامي بالكثير من المواضيع , و ليس لدي شك في صدق الرجل في الدفاع عن قضايا الأمة , و هو رجل متفتح و جريء و لكنه ضل مقيدا بالتراث ... وأنا أتفهم الكثير من مواقفه لكنني أنقم عليه أمرا واحدا و هو إباحته لدم فرج فودة و دفاعه عن قاتليه ...
|
يبدو أن لديك أزمة مع التراث الإسلامي نحن أمة غنية بتراثها على قدر ما هي فقيرة في حاضرها ، ولا أعلم ما لسبب في وجود حساسية مفرطه تجاه الإرث الإسلامي الهائل الذي خلّفه لنا علماء وأفذاذ هذه الأمة التي كانت يوما قائدة كونية لهذا العالم ..
وإن كنّا سنتنصل عن تراثنا الإسلامي فعن ماذا سنتنصل عن صحيح البخاري ومسلم وكتب الصحاح أم سنتنصل عن الأقوال المأثورة لابن عباس _ رضي الله عنه _ في تفسير القرآن ، أم عن كتب التفسير والحديث والفقه وخلافه وأقوال الائمة الأربعة التي جذّرت وقعّدت المسائل الدينية في أصول وكليات متناهية في الدقة والمنهجية .
ولكن يبدو أن هناك كثيرون قد تأثروا بمقولات لمعاصرين لم يستطيعوا أن يجابهوا الانفتاح الغربي الهائل على العالم بأسره حتى أصبحوا أسيرين لهم ولأفكارهم العلمانية الليبرالية وهم يشعرون تارة وبغير شعور لتارات أخرى خصوصا بعد انهيار المعسكر الإشتراكي وتفرد العالم الغربي _ أمريكا وأوروبا _ بقيادة العالم بصفته متبني الليبرالية والديموقراطية ، ولعل بعضهم تبنّى مقولة طرابيشي " أنه لن يوجد فولتير حتى يوجد لوثر مسلم " ؛ أي أنه لا بد من تحييد الإسلام بزاوية معينة وصرفه باتجاه العبادات وعزله عن الحياة العامة . ونحن نعلم قصة لوثر مع الكنيسة .
ويعزو كثير من هؤلاء _ أتباع الليبرالية _ إلى أن التمسك بالتراث هو أحد أسباب التخلف والالتحاق بالركب الحضاري
ولو كان الأمر كما يقولون لقلنا ما هو السبب بنظركم في تخلف الدول " اللادينية " ؟!!!
ونحن نعلم أن دول شرق أروربا وكثير من دول أفريقيا دول لا دينية لا يحكمها دين _ حريات مطلقة _ ومع ذلك فهي تتذيل قائمة العالم في الجهل والفقر والتخلف .. إذن المشكلة ليست ههنا !!
التراث الإسلامي غني جدا وهو المحصلة النهائية لتفاعل العلماء مع النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ولا يخطر ببال رجل عاقل أن عالما من العلماء الذين شهدت لهم سيرتهم وشهد لهم المؤرخون ومترجمو السير والماضي والحاضر بعدالتهم بأنهم سيزاحمون بآرائهم نصوص الوحيين ولولا التراث أصلا لما وصلنا الدين , وعندما يتكلم العلماء الربانيون والمثقفون المنصفون عن نقد التراث الفكري في بعض صوره سواء في الجانب الديني والتاريخي والاقتصادي وغيره فلا يعني هذا التملص والانتقاص منها والدعوة إلى الفوضى الفكرية التي لا ينتج عنها سوى المزيد من التشرذم كما يعمد إلى ذلك أنصاف المثقفين .
بل يكون النقد وفق مناهج محددة ويجب أن تتبنى الجامعات مثل هذا النهج ويكون العمل جماعي أكاديمي تخصصي
فالمرجع في ذلك لأهل الاختصاص كل حسب تخصصه .
التمسك بالتراث لا يعني الرجوع للوراء بقدر ماهو تطلع لمستقبل أفضل والبدء من حيث انتهى الآخرون فليس هناك حاجة لإعادة اختراع العجلة من جديد وإنما الحاجة إلى التطوير وباب الاجتهاد لم يغلق بعد فهو مفتوح على مصراعيه لأهل الاختصاص ولكن يجب أن يكون النظر إلى الإدلة الظنية تحت ضوء الأدلة القطعية وما اختلف عليه تحت ضوء ما اتفق عليه وأن تكون قطعيات الشريعة غير قابلة للمساس فيما توافرت فيها الدلة .. وإلا لطالعنا بين الفينة والأخرى من يأتي بخوارم الدين كما فعل الجابري عندما قرر في مدخله إلى القرآن وعقد فصلا كاملا بأن القرآن قابل للنقص والزيادة وغيرها