منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحافظ ابن حجر العسقلاني يردُّ على المُشبّهة و المُجسّمة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-07, 17:40   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبد الله ياسين
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

نكمل حديثنا عن الكيفية في معنى كلام الإمام الصابوني...

يقول الإمام الصابوني : { فمذهب السلف - رحمة الله عليهم - إثبات الصفات، و إجراؤها على ظاهرها و نفي الكيفية عنها ، لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، كما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية ، ولا تشبيه، فكذلك الصفات، وعلى هذا مضى السلف كلهم. }

الإمام الصابوني يُقرّر بصريح العبارة أنّ الكيفية منفية تمامًا عن الصّفات و كلامه في هذا الموضع بيّنٌ واضحٌ لا لُبس فيه و لا إيهام.

و لكن في موضع آخر في رسالته قد يُفهم العكس ؛ ففي معرض تقريره للنزول جاء : {
فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذلك النزول ، غير متكلفين للنزول بصفة الكيفية، إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف كيفية النزول. }

إذاً :

في الموضع الأوّل ؛ الإمام الصابوني ينفي الكيفية في الصفات حيثُ قال : {
و نفي الكيفية عنها }

و في الموضع الثاني
؛ ساق كلامًا قد يُفهمُ منه أنّه يجهل الكيفية فقط و لا ينفيها.

فهل تناقض الإمام في تقرير نفس المحل أم فهمكم عرّض كلامه للتناقض و التضارب ؟!

الجواب :

الإمام لم يتناقض لأنّ الكيفية التي تكلّم عنها في الموضع الأوّل ليست هي المقصودة في الموضع الثاني.

فالكيفية يُقصدُ بها أمرين :

1- الهيئة و الحالة و التشخص ؛ و هذه منفية عن الله لأنّ الله ليس بجسم

2- الحقيقة و الكُنه ؛ و صفات الله لها حقيقة لا يعلمها إلاّ الله
فقول الإمام الصابوني : { و نفي الكيفية عنها } يقصدُ نفي الهيئة و غيرها من اللّوازم الغير لائقة بالله.

و قوله {
إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف كيفية النزول } يقصدُ به حقيقة الصفة و بالتالي فهو يكلّ علمها الى الله لأنّ حقيقة الصفات لا يعلمها إلاّ الله و هو الأمر الذي أشار إليه حين قال عن الصفات : { يكلون علمه إلى الله }

و بالتالي لم يتناقض قول الإمام الصابوني و كلامه يُفسر بعضه بعضًا ؛ و من أبى إلا إثبات الكيفية بالمعنى الغير لائق بالله قُلنا له ماذا نفى الإمام الصابوني إذاً في قوله عن الصفات : { و نفي الكيفية عنها } ؟!!!

فهذا هو معنى الكيفية - أي الحقيقة - في كلام بعض الأئمة و ليس كما يُروج أدعياء السلفية هداهم الله.

يُتبع ...