منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأشاعرة وموقف أهل السنة منهم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-05, 22:59   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
محمد ناصر الدين
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

وهذه أقوال الأئمة الثقات بنفي الجهة عن الله تعالى وتنزيهه عن المكان:
* تنزيه الإمام مالك لله تعالى عن الجهة والمكان والعلو والنزول الحسي:
ذكر الإمام قاضي القضاة ناصر الدين بن المنير الإسكندري المالكي في كتابه" المنتقى في شرف المصطفى "لما تكلم على الجهة وقرر نفيها قال:
(ولهذا أشار مالك رحمه الله تعالى في قوله " لا تفضلوني على يونس بن متى " فقال مالك: إنما خص يونس للتنبيه على التنزيه لأنه،رفع إلى العرش ويونس عليه السلام هبط إلى قاموس البحر ونسبتهما مع ذلك من حيث الجهة إلى الحق جل جلاله نسبة واحدة ولو كان الفضل بالمكان لكان عليه السلام أقرب من يونس بن متى وأفـضـل، ولَمَا نهى عن ذلك) اهـ.
ثم أخذ الإمام ناصر الدين يبين أن الفضل بالمكانة لا بالمكان لأن العرش في الرفيق الأعلى فهو أفضل من السفلى. (إتحاف السادة المتقين 2/ 105).
وقال الإمام مالك رضي الله عنه في تأويله للنزول في الحديث (ينزل أمره كل سحر، فأما هو عز وجل فإنه دائم لا يزول ولا ينتقل، سبحانه لا إله إلا هو) اهـ. (التمهيد 7 / 143،شرح صحيح مسلم للنووي 6/ 37، سير أعلام النبلاء 8 / 105، الإنصاف لابن السيد البطليوسي ص / 81) قال الإمام ابن عبد البر بعد نقله لقول مالك: (وقد يحتمل أن يكون كما قال مالك رحمه الله على معنى أنه تتنزل رحمته وقضاؤه بالعفو والاستجابة) ثم قال بعد أن ذكر قول الذين يقولون: ينزل بذاته. قال رحمه الله تعالى: (ليس هذا بشيء عند أهل الفهم من أهل السنة، لأن هذا كيفية، وهم يفزعون منها لأنها لا تصلح إلا فيما يحاط به عياناً وقد جل الله وتعالى عن ذلك).

* قول الإمام الطبري في نفي العلو الحسي:
قال الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله تعالى - عند تفسير قوله عز وجل
( وه القاهر فوق عباده ) (7 / 103) قال (فهو فوقهم بقهره إياهم وهم دونه) فجعل - رحمه الله - فوقية الله على عباده فوقية القهر، وعباده دونه أي تحته من هذه الحيثية.
وقال أيضاً مؤولاً علو الله تعالى على عرشه ونافياً للاستقرار والتحيز (1 / 192): (علا عليه علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال) اهـ.

* قول القاضي عياض في صرف ألفاظ المتشابه عن ظاهرها ونقله اتفاق الأمة على ذلك:
قال - رحمه الله تعالى - (إكمال المعلم 2/465، شرح صحيح مسلم للنووي 5 / 24):
(لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السمـاء كقوله تعالى( ءَأَمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم) اهـ.

* قول الإمام النووي:
قال ـ رحمه الله تعالى ـ (روضة الطالبين 10 / 85):
(ولو قال – يعني الكافر – لا إله إلا ساكن السماء، لم يكن مؤمناً، وكذا لو قال لا إله إلا الله ساكن السماء، لأن السكون محال على الله) اهـ.
وقال أيضاً ـ رحمه الله تعالى ـ في شرح حديث الجارية(شرح مسلم 5 / 24):
(هذا حديث من أحاديث الصفات وفيها مذهبان، أحدهما الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء وتنزيهه عن سمات المخلوقات.
والثاني: تأويله بما يليق. فمن قال بهذا قال: كأن المراد امتحان الجارية هل هي موحدة تُقرّ بأن الخالق المدبر الفعال هو الله وحده وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء، كما إذا صلّى المصلّي استقبل الكعبة، وليس ذلك لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصراً في جهة الكعبة، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلّين، أو هي من عبدة الأوثـان التي بين أيديهم، فلما قـالت: في السمـاء عُلم أنها موحـدة وليست عابـدة للأوثان) اهـ.

* قول الحافظ ابن حجر العسقلاني:
قال - رحمه الله تعالى - (الفتح 6 / 158): (ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله أن لا يوصف بالعلو، لأن وصفه بالعلو، من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس) اهـ.
وقال - أيضاً - معلقاً على حديث "إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه أو إن ربه بينه وبين القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ":
(وفيه رد على من زعم أنه - تعالى - على العرش بذاته) اهـ (الفتح 1 /508).
وقال أيضاً منزهاً لله تعالى عن الجهة والمكان عند كلامه على حديث " لا شخص أغير من الله " (الفتح 13 / 413):
(وكأن لفظ الشخص أطلق مبالغة في إثبات إيمان من يتعذر على فهمه موجود لا يشبه شيئاً من الموجـودات، لئلا يفضي به إلى النفي والتعطيـل، وهو نحو قولـه للجارية " أين الله " قالت: " في السماء "، فحكم بإيمانها مخافة أن تقع في التعطيل لقصور فهمها عمّا ينبغي له من تنزيهـه مما يقتضـي التشبيـه تعـالى الله عن ذلك علوّا كبيراً) اهـ.
وقال أيضاً ناقلاً قول ابن بطال مؤيداً له (الفتح 13/397):
(والله منزه عن الحلول في المواضع، لأن الحلول عرض يفنى، وهو حادث، والحادث لا يليق بالله.) اهـ.
وقال في شرحه لحديث النزول (الفتح 3 / 37):
(استدل به من أثبت الجهة وقال: هي جهة العلوّ، وأنكر ذلك الجمهور، لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز تعالى الله عن ذلك. وقد اختلف في معنى النزول على أقوال:
فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة، تعالى الله عن قولهم.
ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة، وهم الخوارج والمعتزلة، وهو مكابرة...
ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمناً به على طريق الإجمال منزهاً الله تعالى عن الكيفية والتشبيه وهم جمهور السلف، ونقله البيهقي وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمّادين والأوزاعي والليث وغيرهم.
ومنهم من أوّله على وجه يليق مستعمل في كلام العرب... ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريباً مستعملاً في كلام العرب وبين ما يكون بعيداً مهجوراً، فأوّل في بعض وفوّض في بعض، وهو منقول عن مالك وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد)’اهـ.

* قول الإمام ابن الجوزي:
قال - رحمه الله تعالى - (دفع شبه التشبيه. ص / 136):
(اعلم أن كل من يَتصور وجود الحق سبحانه وجوداً مكانياً طَلَبَ له جهة، كما أن من تخيل أن وجوده وجود زماني طلب له مدة في تقدمه على العالم بأزمنة، وكلا التخيلين باطل.
وقد ثبت أن جميع الجهات تتساوى بالإضافة إلى القائل بالجهة، فاختصاصه ببعضها ليس بواجب لذاته، بل هو جائز فيحتاج إلى مخصص يخصصه ويكون الاختصاص بذلك المعنى زائداً على ذاته وما تطرق الجواز إليه استحال قدمه، لأن القديم هو الواجب الوجود من جميع الجهات، ثم إن كل من هو في جهة يكون مقدّراً محدوداً وهو يتعالى عن ذلك، وإنما الجهات للجواهر والأجسام لأنها أجرام تحتاج إلى جهة، والجهة ليست في جهة، وإذا ثبت بطلان الجهة ثبت بطلان المكان، ويوضحه أن المكان يحيط بمن فيه والخالق لا يحويه شيء ولا تحدث له صفة) اهـ.
وقوله رحمه الله تعالى (والجهة ليست في جهة) أراد أن يردّ فيه زعم الزاعم: لا يُتَعقَّل موجود ليس في جهة. توصّلاً بهذا إلى إثبات الجهة لله تعالى، إذ الجهة موجودة عند هذا الزاعم وهي ليست في جهة من نفسها، إذ لو كانت كذلك لتسلسل الأمر إلى غير نهاية، وهذا باطل، فثبت أن الجهة موجودة بلا جهة، وبه ينتقض زعمهم: لا يُتَعقَّل موجود ليس في جهة من الجهات.
وقال القاضي أبو يعلى (دفع شبه التشبيه 137):
(إن الله عزّ وجلّ لا يوصف بالمكان) اهـ.
قال الإمام ابن الجوزي بعد نقله لقول أبي يعلى الفراء (دفع شبه التشبيه 138):
(فإن قيل: نفي الجهات يحيل وجوده. قلنا: إن كان الموجود يقبل الاتصال والانفصال فقد صدقت، فأمّا إذا لم يقبلهما فليس خلوّه من طرف النقيض بمحال.
فإن قيل: أنتم تلزموننا أن نقرّ بما لا يدخل تحت الفهم. قلنا: إن أردت بالفهم التخيل والتصور فإن الخالق لا يدخل تحت ذلك، إذ ليس يحس ولا يدخل تحت ذلك إلا جسم له لون وقدر، فإن الخيال قد أنس بالمبصرات فهو لا يتوهم شيئاً إلا على وفق ما رآه لأن الوهم من نتائج الحس، وإن أردت أنه لا يعلم بالعقل فقد دللنا أنه ثابت بالعقل، لأن العقل مضطر إلى التصديق بموجب الدليل.
واعلم أنك لمّا لم تجد إلا حسّاً أو عرضاً وعلمت تنزيه الخالق عن ذلك بدليل العقل الذي صرفك عن ذلك، فينبغي أن يصرفك عن كونه متحيزاً أو متحركاً أو منتقلاً.
ولمّا كان مثل هذا الكلام لا يفهمه العامّي قلنا: لا تسمعوه ما لا يفهمه ودعوا اعتقاده لا تحركوه، ويقال إن الله تعالى استوى على عرشه كما يليق به) اهـ.
وهذا واضح في أن الأصل في النصوص المتشابهة التفويض ما لم تدْعُ حاجة إلى التأويل، وهو ما كان عليه جمهور السلف الصالح كما سيأتي من أقوال العلماء التي تفيد ذلك، وأنهم ـ نعني السلف ـ لو وُجد في أزمانهم ما حدث بعد ذلك لجهروا بالتأويل، كيف وقد ثبت التأويل عن جماعات منهم؟!

* قول الإمام القشيري:
قال الإمام القشيري - رحمه الله تعالى - (إتحاف السادة المتقين 2 / 108): (فالرب موصـوف بالعلو وفوقيـة الرتبة والعظمة منزه عن الكون في المكـان وعن المحاذاة) اهـ.

* قول قاضي القضاة ابن المنير:
نقل الحـافظ ابن حجر عن ابن المنيـر مؤيّداً له في تنزيـه الله تعــالى عن المكان والجهة (فتح الباري 13 / 429):
(قال ابن المنير... قوله " رب العرش "... نبّه [يعني البخاري] على بطلان قول من أثبت الجهة أخذاً من قوله " ذي المعارج " ففَـهِمَ - أي مثبت الجهة - أن العلوّ الفوقي مضاف إلى الله تعالى، فبين المصنف [يعني البخاري] أن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء والجهة التي يصدق عليها أنها عرش كل منهما مخلوق مربوب محدث، وقد كان الله قبل ذلك وغيره، فحدثت هذه الأمكنة، وقدمه - تعالى - يحيل وصفه بالتحيز فيها والله أعلم) اهـ.
وبهذا تتفق كلمة البخاري وابن المنير والحافظ ابن حجر رحمهم الله تعالى في هذا النص على تنزيه الله تعالى عن المكان والجهة، وهذا قول جميع المنزهين.

* قول الإمام البيضاوي:
وقال الإمام البيضاوي - رحمه الله تعالى - (فتح الباري 3 / 37):
(ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه، فالمراد نور رحمته، أي ينتقل من مقتضى صفة الجـلال التي تقتضي الغضب والانتقـام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة) اهـ.