وقال العـلامة ابن الشطي الحنبلي - رحمه الله تعالى - في شرحـه على العقيـدة السفارينية (تبصير القانع في الجمع بين شرحي ابن شطي وابن مانع على العقيدة السفارينية، الصفحة / 73):
(قال بعض العلماء هم - يعني الفرقة الناجية - أهل الحديث يعني الأثرية والأشعرية والماتريدية) ثم قال بعد ذلك بأسطر:
(فائدة: أهل السنة والجماعة ثلاث فرق، الأثرية وإمامهم الإمام أحمد رضي الله عنه.
والأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى.
والماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي رحمه الله تعالى) اهـ.
وقال علامة الكويت الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان - رحمه الله تعالى - تعليقا على تقسيم السفاريني لأهل السنة إلى ثلاث فرق:
(فإذا قلت: لفظ الحديـث يقتضـي عدم التعْدِيَة([7]) حيث قـال فيه ‘" ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة كلهم في النار إلا فرقة واحدة وهي ما كان على ما أنا عليه وأصحابي " فالجواب: أن الثلاث فرق هي فرقة واحدة لأنهم كلهم أهل الحديث، فإن الأشاعرة والماتريدية لم يردوا الأحاديث ولا أهملوها، فإمّا فوضوها وإمّا أوّلوها، وكل منهـم أهـل حديث، وحينئذ فالثلاث فرقة واحدة، لاقتفائهم الأخبار وانتحالهم الآثار، بخلاف باقي الفرق فإنهم حكّموا العقول وخالفوا المنقول فهم أهل بدعة وضلالة ومخالفة وجهالة والله تعالى أعلم) اهـ. (تبصير القائع ص / 73).
وقال الشيخ العلامة الحنبلي محمد بن علي بن سلوم رحمه الله تعالى في شرحه على العقيدة السفارينية مثل ذلك. (شرح الدرة المضية، الصفحة / 58).
وقال العلامة المواهبي الحنبلي رحمه الله تعالى (العين والأثر ص/53):
(طوائف أهل السنة ثلاثة: أشاعرة، وحنابلة، وماتريدية، بدليل عطف العلماء الحنابلة على الأشاعرة في كثير من الكتب الكلامية وجميع كتب الحنابلة) اهـ.
وقال المحدث محمد بن درويش الحوت البيروتي - رحمه الله تعالى - (رسائل في بيان عقائد أهل السنة والجماعة، الصفحة / 77):
(فائدة: المالكية والشافعية أشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري من ذرية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، والحنفية ماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي، وهما إماما أهل السنة والجماعة، والحنابلة أثرية) اهـ.
وقال الإمام العلامة كمال الدين البياضي - رحمه الله تعالى - (إشارات المرام من عبارات الإمام، الصفحة 52):
(إن الفرقة الناجية هم الجماعة الكثيرة المتمسكون بمحكمات الكتاب والسنة في العقائد، فإنه المنطبق لما عليه الرسول ‘ ولما عليه الصحابة لا يتجاوزون عن ظاهرها إلا لضرورة مخالفة قطعي من الدليل النقلي والعقلي، فإن حجج الله تتعاضد ولا تتضاد) اهـ.
ومن نظر بعين المعقول وتجرد للوصول إلى الحق علم يقيناً أنه ليس أحد من الطوائف ينطبق عليه هذا الوصف إلا الأشاعرة والماتريدية وأهل الحديث، فهم الذي ملئوا الزمان والمكان، وطبقوا الأرض شهرة وانتشاراً.
قال الإمام عبد القاهر البغدادي - رحمه الله تعالى - (الفرق بين الفرق، 247):
(إن النبي ‘ لمّا ذكر افتراق أمته بعده ثلاثاً وسبعين فرقة وأخبر أن فرقة واحدة منها ناجية، سئل عن الفرقة الناجية وعن صفتها، فأشار إلى الذين هم على ما عليه هو وأصحابه، ولسنا نجد اليوم من فرق الأمة من هم على موافقة الصحابة رضي الله عنهم غيرَ أهل السنة والجماعة من فقهاء الأمة ومتكلمي الصفاتية)ثم أخذ رحمه الله يبين وجـوه عدم نجـاة بـاقي الفِرَق وضروب انحرافاتهم عن منهج الرسول ‘ وأصحابه، ثم قال:
(وبان من هذا أن المقتدين بالصحابة من يعمل بما قد صحّ بالرواية الصحيحة في أحكامهم وسيرهم، وذلك سنّة أهل السنة دون ذوي البدعة، وصح بصحة ما ذكرناه تحقيق نجاتهم لحكم النبي ‘ بنجاة المقتدين بأصحابه، والحمد لله على ذلك) اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي - رحمه الله تعالى - (الزواجر عن اقتراف الكبائر 82):
(المـراد بالسنة ما عليه إماما أهل السنة والجمـاعة الشيخ أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي..) اهـ.
وقال العلامة طاش كبري زاده - رحمه الله تعالى - (مفتاح السعادة 2 / 33):
(ثم اعلم أن رئيس أهل السنة والجماعة في علم الكلام - يعني العقائد - رجلان، أحدهما حنفي والآخر شافعي([8])، أما الحنفي فهو أبو منصور محمد بن محمود الماتريدي، إمام الهدى...
وأما الآخر الشافعي فهو شيخ السنة ورئيس الجماعة إمام المتكلمين وناصر سنة سيد المرسلين والذاب عن الدين والساعي في حفظ عقائد المسلمين، أبو الحسن الأشعري البصري.. حامي جناب الشرع الشريـف من الحديـث المفترى، الذي قـام في نصرة ملـة الإسـلام فنصرها نصراً مؤزراً) اهـ.
وعلى الجملة، فإن أقوال علماء الإسلام متفقة على أن الأشاعرة ومن وافقهم في الاعتقاد من طوائف أهل الحق هم الفرقة الناجية، وهم المعنيون بقوله ‘ " ما أنا عليه وأصحابي " وهم الوسط بين الفرق المبتدعة، فقد جانبوا أهل الزيغ وابتعدوا عنهم غاية البعد بحيث من رام بعداً عن الضلالة أكثر من بعدهم وقع فيها أو مال إليها.