ومما لا شك فيه أن ما عند الله خيرٌ وأبقى :
من هنا تأتي أهمية الاحتساب ، إن للاحتساب أنواعًا أو معاني ، منــــــــها :
احتساب الأجر من الله تعالى عند عمل الطاعات التي يُبتغى بها وجهه الكريم سبحانه.
استحضري اخية هذا المعنى العظيم في نفسك عند قيامك بالطاعات فإنه
سيدفع عن نفسك خواطر الســــوء من السمعــة والرياء وطلبة المدح والثناء من
الناس إلــــى غيـــر ذلك مـــن الآفــــــــات التــــي تحبـــط العمـــل أو تنقـــص الأجـــــر
كما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم :
"من صام رمضان إيمانًا و** احتسابًا *** غفر له ما تقدم من ذنبه".
ومن معاني الاحتساب :
طلــب الأجـــــــــر من الله عـنـــد الصـبـــــر علــــــى البـلايــــــــا والمكـــــــــــاره
إن الناس في هذه الحياة يتعرضون لأنواع من البلايا والأمور التي تكرهها
نفوسهم لا فرق في ذلك بين مؤمن وكافر، إلا من جهة احتساب الأجر بالنسبة للمؤمنين.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عجبا لأمر المؤمن . إن أمره كله خير . وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن . إن أصابته
ســـراء شكــــر . فكــان خيــــرا لـــــه . وإن أصـابـتــه ضـراء صـبـر . فكـان خيـــرا لـه
صحيح مسلم
والمصــائـب قـد تكــــون اختبـــــار مــن عـــنـــــد الله سـبـحــانــه و تـعـالـــــــى
فقد قال الله سبحانه وتعالى ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )
وإذا كان الله تعالى يبتليك بالنعم ليختبرك أتشكرين أم تكفرين فكذلك
يبتليــك بمـــا يضــــاد ذلك ليختبــــرك أتصـبـريــن أم تجـزعـيـــن و تـسـخـطـيــــن.
ولتعلمي أن المسلــم يمـرض ويمـــوت أحبــــاؤه و أقربـــــاؤه ، وكـــــذا الكـافــــــر
لكن ثمة فرقًا مهمًا بينهما؛ ألا وهو ما يرجوه المؤمن من الأجر إن هو صبر واحتسب ورضي
قال الله تعالى : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ
فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُـــــونَ كَمـــَا تَأْلَمـــــــُونَ وَتَرْجُـــــونَ مـِنَ اللَّهِ مـــَا لا يـَرْجــــُونَ)
[النساء:104].
وانظــــري إلـــــى جـــــزاء المحتسبين فـــــــي المصــائــــب و الـشـــدائـــــــــــد
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" إن الله لا يرضـــى لعبـــده المؤمـــن إذا ذهـب بصفـيـه مـن أهــــل الأرض فـصـبـر و
** احـتـســــب *** و قــــــال مـــا أمـــــر بـــــــــه بـثـواب دون الـجـنــــــــــــــــــــــــة".
واسـتـمـعـــي إلــــــى أم المؤمنين أم سلمـــــة رضـــي الله عنها وهــي تقـــول:
سـمـعــت رســــــول الله صلـــــــى اللــــــــه علـيـــــــه وسـلـــــم يـقـــــــــــــــــول :
"ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم
اؤجرني في مصيبتي واخلُف لي خيرًا منها، إلاَّ أخلف الله له خيرًا منها". قالت: فلما
مات أبو سلمة قلت : أي المسلمين خيرٌ من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم...
" الحديث.
وقد كان السلف يراجعون أنفسهم ويستحضرون النوايا الصالحة ويتواصون بالاحتساب طلبًا للأجر والثواب.
هذا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول :
"أيها الناس! احتسبوا أعمالكم؛ فإن من احتسب عمله كتب له أجر عمله وأجر حسبته".
وأخيرا
اعلمي أن المصائب من الأمراض والهموم لن تدوم فإن دوام الحال من المحال
بل ستـــزول عاجــــــلا أو آجـــــلا لكـن كـل مــا امتــــدت ازداد الأجــــر والثــواب
إن احتـسـبـــت الأجــــــر عـنـــــــد رب الـعـبــــــــــــاد
ولتذكري قوله تعالى (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
[الشرح: 5 – 6]