منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأزهر الشريف : هل لله تعالى مكان أو تحيّز ؟!
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-05, 11:57   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ربوح ميلود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية ربوح ميلود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وأنت متى تخيلت أي كيفية فعلى أي صورة تتخيلها؟! إن حاولت ذلك فإنك في الحقيقة ضال ولا يمكن أن تصل إلى حقيقة لأن هذا أمر لا يمكن الإحاطة به وليس من شأن العبد أن يتكلم فيه أو أن يسأل عنه، ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله حين سأله رجل: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء (العرق) وصار ينزف عرقاً لأنه سؤال عظيم ثم قال تلك الكلمة المشهورة: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة) أي السؤال عن الكيف بدعة، فإذاً نحن نعلم معاني صفات الله ولكننا لا نعلم الكيفية ولا يحل لنا أن نسأل عن الكيفية كما أنه لا يحل لنا أن نمثل أو نشبه لأن الله تعالى يقول: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .
المهم: يجب علينا أن نؤمن بكل ما وصف الله به نفسه وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم سواء كانت تلك الصفة ذاتية أم فعلية ولكن بدون تكييف ولا تمثيل.
فالتكييف ممتنع لأنه قول على الله بغير علم والله قال: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.
والتمثيل ممتنع لأنه تكذيب لله في قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وقول بما لا يليق بالله تعالى من تشبيهه بالمخلوقات.
وأما من الناحية العقلية فالتكييف باطل بدلالة العقل، لماذا باطل؟ لأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته أو العلم بنظيره المساوي له أو الخبر الصادق عن كيفية ذاته وصفاته وكل هذه الطرق منتفية في كيفية صفات الله عز وجل فوجب بطلان تكييفها وأي كيفية تقدر لله عز وجل فهي كذب وافتراء على الله لأنه لا علم لأحد بذلك ثم إن الله تعالى أعظم وأجل من أي كيفية تقدرها في ذهنك فأهل السنة والجماعة لا يمكن أن يشبهوا أو يكيفوا.
عقيدة أبي الحسن الأشعري رحمه الله:
ورأيت لزاماً على أن أختم حديثي عن صفات الله بقول الإمام أبي الحسن على بن إسماعيل الأشعري إمام طائفة الأشعرية، فهذا الإمام لا بد أن نتكلم عن معتقده على وجهه بالأمانة، ونجتنب أن نزيد فيه أو ننقص منه، وإذا أردت أن تعلم حقيقة حاله وصحة عقيدته فارجع إلى كتابه ( الإبانة في أصول الديانة) فقد قال رحمه الله في الصفات: (( وقد خالف المعتزلة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة ودفعوا أي يكون لله وجه مع قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} وأنكروا أن يكون لله يدان مع قوله: {لما خلقت بيديّ} وأنكروا أن يكون لله عينان مع قوله: {تجري بأعيننا} { ولتصنع على عيني} ونفوا ما روى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: ( إن الله ينزل إلى السماء الدنيا...). وقولنا لهؤلاء والذي به نقول وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون، وبما كان عليه الإمام أحمد ابن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته لأنه الإمام الفاضل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم وكبير مفهم، وعلى جميع أئمة المسلمين، وجملة قولنا: أن الله تعالى استوى على عرشه كما قال تعالى: { الرحمن على العرش استوى} وأن له وجهاً بلا كيف، كما قال تعالى: { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وأن له يدين بلا كيف، كما قال تعالى: { بل يداه مبسوطتان} وقوله تعالى: { لما خلقت بيدي} وأن له عينين بلا كيف، كما قال تعالى: { تجري بأعيننا} وأن لله علماً كما قال تعالى: { أنزله بعلمه} ونثبت لله القوة، كما قال تعالى: { أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} ونثبت لله السمع والبصر ولا ننفي كما نفت المعتزلة والجهمية والخوارج، وندين أن الله يرى بالأبصار يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر، ويراه المؤمنون، أما الكافرون فمحجوبون عنه إذا رآه المؤمنون في الجنة، كما قال تعالى: { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} وأن موسى عليه السلام سأل الله عز وجل الرؤية في الدنيا وأن الله تجلى للجبل فجعله دكاً، وأعلم بذلك موسى بأنه لا يراه في الدنيا. ونصدق جميع الروايات التي رواها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا، وأن الرب تعالى يقول: (هل من سائل.... ) وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قاله أهل الزيغ والتعطيل، ونعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين ما كان في معناه، فلا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن الله بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم، ونقول: إن لله يجيء يوم القيامة، كما قال تعالى: { وجاء ربك والملك صفاً صفاً} ثم يقول: ونرى مفارقة كل داعية إلى بدعة ومجانبة أهل الأهواء.))
ثم تجد الإمام أبي الحسن يشرح ذلك باباً باباً وشيئاً شيئاً .
وذكر في كتابه (جملة المقالات): ( المعتزلة تقول في قول الله عز وجل: (الرحمن على العرش استوى) يعني استولى، قال: وتأولت اليد بمعنى النعمة، وقوله تجري بأعيننا أي بعلمنا، وأما الوجه فقد قالت المعتزلة فيه قولين: أولهم ما قاله أبو الهذيل: وجه الله هو الله، وقال غيره وهذا قولهم الثاني معنى قوله{ ويبقى وجه ربك} أي يبقى ربك دون أن يثبتوا لله وجهاً.فنقول إن الله هو الله ولا يقال ذلك فيه).
وخير ما أختم وألخص به هذا البحث البسيط فيما وفقني إليه الله والعظيم في موضوعه هو قول الإمام يحيى بن يوسف الصرصري الأنصاري إمام الفقه واللغة والسنة والزهد:


واهاً لفرط حرارة لا تبرد
ولواعج بين الحشا تتردد

في كل يوم سنة مدروسة
بين الأنام وبدعة تتجدد

صدق النبي ولم يزل متسربلاً
بالصدق إذ يعد الجميل ويوعد

إذ قال يفترق الضلال ثلاثة
زيدت على السبعين قولاً يسند

وقضى بأسباب النجاة لفرقة
تسعى بسنته إليه وتحفد

فإن ابتغيت إلى النجاة وسيلة
فاقبل مقالة ناصح يتقلد

إياك والبدع المضلة إنها
تهدي إلى نار الجحيم وتورد

وعليك بالسنن المنيرة فاقفها
فهي المحجة والطريق الأقصد

فالأكثرون بمبدعات عقولهم
نبذوا الهدى فتنصروا وتهودوا

منهم أناس في الضلال تجمعوا
وبسب أصحاب النبي تفردوا

قد فارقوا جمع الهدى وجماعة الإ
سلام واجتنبوا التقى وتمردوا

بالله يا أنصار دين محمد
نوجوا على الدين الحنيف وعددوا

لم يبق للإسلام ما بين الورى
علم يسود ولا لواء يعقد

علقوا بحبل الكفر واعتصموا به
والعالقون بحبله لن يسعدوا

وأشدهم كفراً جهول يدعي
علم الأصول وفاسق متزهد

وإذا سألت فقيههم عن مذهب
قال: اعتزال في الشريعة، يلحد

كالخائض الرمضاء أقلقه اللظى
منها ففر إلى جحيم يوقد

إن المقال بالاعتزال لخطة
عمياء حل بها الغواة المرّد

هجموا على سبل الهدى بعقولهم
ليلاً فعاثوا في الديار وأفسدوا

صُمٌّ إذا ذكر الحديث لديهم
نفروا كأن لم يسمعوه وأبعدوا

واضرب لهم مثل الحمير إذا رأت
أسد العرين فهن منهم شردوا

والجاحد الجهمي أسوأ منهما
حالاً وأخبث في القياس وأفسد

أمسى لعرش الرب قال منزهاً
من أن يكون عليه رب يعبد

ونفى القرآن برأيه والمصحف
الأعلى المطهر عنده يتوسد

وإذا ذكرت له على العرش استوى
قال: هو استولى، يحيل ويخلد

فإلى من الأيدي تمد تضرعاً
وبأي شيء في الدجى يتهجد

وبما ينزل جبرائيل مصدقاً
ولأي معجزة الخصوم تبلد

جلت صفات الحق عن تأويلهم
وتقدست عما يقول الملحد

لما نفوا تنزيهه بقياسهم
ضلوا وفاتهم الطريق الأرشد

ويقول لا سمع ولا بصر ولا
وجه لربك ذي الجلال ولا يد

من كان هذا وصفه لألهه
فأراه للأصنام سراً يسجد

الحق أثبتها بنص كتابه
ورسوله، وغدا المنافق يجحد

فمن الذي أولى بأخذ كلامه
جهم أم الله العلي الأمجد

والصحب لم يتأولوا لسماعها
فهم إلى التأويل أم هو أرشد

هو مشرك ويظن جهلاً أنه
في نفي أوصاف الإله موحد

يدعو من اتبع الحديث مشبهاً
هيهات ليس مشبهاً من يسند

لكنه يروي الحديث كما أتى
من غير تأويل ولا يتردد

وإذا العقائد بالضلال تحالفت
فعقيدة الهدّيِ أحمدَ أحمدُ

هي حجة الله المنيرة فاعتصم
بحبالها لا يلهينك مفسد

ابن ابن حنبل اهتدى لما اقتدى
ومخالفوه لزيغهم لم يهتدوا

ما زال أحمد يقتفي أثر الهدى
ويروم أسباب النجاة ويجهد

حتى ارتقى في الدين أشرف ذروة
ما فوقها لمن ابتغاها مصعد

نصر الهدى إذ لم يقل ما لم يقل
في فتنة نيرانها تتوقد

ما صده ضرب السياط ولا ثنى
عزماته ماضي الغرار مهند

فهناه حبٌ ليس فيه تعصب
لكن محبة مخلص يتودد

وودادنا للشافعي ومالك
وأبي حنيفة ليس فيها تردد


وأخيراً: أرجو من الله عز وجل أن أكون قد وفقت في هذا البحث وأقنعت من كان في باله هذا السؤال أو من كان يصول ويجول وتتخبط أفكاره حول هذا السؤال.
وأن أكون قد أجبت عن الأسئلة التي تدور في ذهن من يريد الله والمعرفة حول هذا الموضوع.
وأن يكون هذه البحث مقبول عند الله عز وجل، ويطرح لي القَبول عند أهل العلم، والقبول عند العوام، وأن يكون لي صدقةً جاريةً إلى يوم الدين، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين....
في 22ذي القعدة 1429 / الموافق لــ :20نوفمبر 2008

المراجع
- كتاب شرح العقيدة الطحاوية.
- تفسير ابن كثير.
- العقيدةالواسطية.
- لسان العرب.
- القواعد المثلى لابن عثيمين.
- اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية.
- البداية والنهاية لابن كثير.
_ منهاج أهل السنة والجماعة لابن عثيمين للشيخ النعماني الأثري.
_ الأسماء والصفات للبيهقي.
ـ تفسير الطبري.
ـ الإبانة في أصــول الديانة
وبهذا اكون قد اتيت على نهاية الموضوع ارجو من الله ان يبصرنا بالحق