الفصــل الثـانـي
سلطـة القاضـي الجزائـي فـي تقديـر العقوبـة
يتمتع القاضي الجزائي بسلطة واسعة في تقدير العقوبة، ويستمد هذه السلطة من قانون الإجراءات الجزائية ومن قانون العقوبات، ومن ثم يمكن القول أن لهذه السلطة أساس إجرائي وأساس موضوعي، وهو ما سنتناوله في المبحثين التالين.
المبحـث الأول
الأسـاس الإجرائـي لسلطـة القاضـي الجزائـي فـي تقديـر العقوبـة
إن أي نطق بالعقوبة لا ينبغي أن يكون إلا بعد ثبوت إدانة المتهم بما نسب إليه من أفعال، وفقا لما أصطلح عليه في قانون الإجراءات الجزائية " الاقتناع الشخصي للقاضي الجزائي" وما يترتب عليه من نتائج تكفل القاضي الوسائل والطرق التي تؤدي به إلى تكوين قناعته وبلوغ الحقيقة المنشودة، والتقدير المناسب للعقوبة، لذلك سنتناول في المطلب الأول مبدأ الاقتناع الشخصي للقاضي الجزائي وفي المطلب الثاني سنتناول نتائج هذا المبدأ.
المطلـب الأول
الاقتنـاع الشخصـي للقاضـي الجزائـي
لقد عمد الكثير من الفقهاء إلى تعريف الاقتناع بأنه حالة ذهنية ذاتية تستنج من الوقائع المعروضة على بساط البحث احتمالات ذات درجة عالية من التأكيد والثقة، بعد استبعاد جميع أسباب الشك، بطريقة جازمة وقاطعة، فهو يمتاز بكونه ذا خاصية ذاتية، نتيجة لتفاعل ضمير القاضي عند تقديره للأمور مع ما يعرض عليه وقائع ودلائل، فالاقتناع إذن متعلق بضمير القاضي، والضمير كما يعرفه رجال الفقه هو "ضوء داخلي ينعكس على واقع الحياة، وإنه قاضي أعلى وسامي يقيم كل الأفعال، يوافق عليها أو يرفضها، فهو بذلك مستودع للقواعد القانونية والأخلاقية والتي على ضوئها تتم التفرقة بين العدل والظلـم، والحق والزيف والصدق والكذب "فالقانون يجعل من هذا الضمير كميزان سام يقوم بوزن الوقائع، ويتولد عن هذه العملية استلهام الحقيقة وبالتالي تكوين اقتناع القاضي، ولما كان الاقتناع يمتاز بكونه ذاتيا ونسبيا فإن النتائج التي يمكن التوصل إليها قد تختلف من قاضي إلى آخر رغم وحدة القانون ووحدة الوقائع المطروحة عليه، وبناء على هذه النتائج يختلف تقدير العقوبة من قاضي إلى آخر، فنفس الجريمة قد يقضي فيها قاضي بعـام حبس نافذ ويقضي فيها آخر بعـاميـن، لكن ورغم خاصية الذاتية والنسبية التي يتميز بها الاقتنـاع الشخصي إلا أنه يبقى الوسيلة المثلـى، وكل ما هو مطلوب هو التأكيد واليقين الذي يقبله العقـل والذي يجب أن تبنى عليه الأحكام الجزائيـة، مهما اختلف نوع المحكمة باعتبار أن نطاق تطبيق مبدأ الاقتناع يشمل كافة أنواع المحاكم الجزائية وكافة مراحل الدعوى الجزائية، وقد استقر الفقه والقضاء في فرنسا على أن مبدأ الاقتنـاع الشخصي للقاضي يشمل تطبيقه جميع أنواع المحاكـم الجزائيـة مخالفات وجنح وجنايات، ومن جهة أخرى لم يفـرق القانون الفرنسي بين القضـاة المهنيين والمحلفيـن، والمشرع الجزائري اتجه في نفس المنحى حيث نهت المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية على أن القاضي يصدر حكمه تبعا لاقتناعه الخاص، وهذا النص يشمل كافة المحاكم الجزائية سواء العادية أو الاستثنائيـة ومنها محاكم الأحداث والمحاكم العسكرية ونجد نفس التأكيد بالنسبـة للمحلفين من خلال نص المادة 284 من قانون الإجـراءات الجزائيـة في فقرتها الأخيرة التي تؤكد وتفسر مبدأ القناعة الشخصية وحرية القاضي وكذا المحلف في الوصول إلى الحقيقة بما يمليه عليه ضميره، غير أن هذا المبدأ من خلال تطبيقه يبدو أكثر شمولا أمام محكمة الجنايات من خـلال نص المـادة 307 من نفس القانـون وكذلك الفقرة الأخيـرة من المادة 284 .
المطلـب الثانـي
نتائـج مبـدأ الاقتنـاع الشخصـي
إن النتائج الرئيسية التي تترتب على تطبيق مبدأ الاقتناع الشخصي تتجسد في السلطة التقديرية الواسعة التي يتمتع بها القاضي في طريقة الإثبات في المواد الجزائية، عن طريق الحرية الممنوحة له في ذلك، وهذه الحرية تتجسد بدورها من خلال صورتين اثنتين وهما حرية القاضي في الاستعانة بكافة وسائل الإثبات، وحرية القاضي في تقدير جميع عناصر الإثبات .
الفـرع الأول: حريـة القاضـي فـي الاستعانـة بكـل وسائـل الإثبـات
يقصد بالإثبات في المواد الجزائية، إقامة الدليل على وقوع الجريمة وعلى نسبها إلى المتهم، إذ يراد به إثبات الوقائع لا بيان جهة نظر الشارع وحقيقة قصده، فالبحث في هذا يتعلق بتطبيق القانون وتفسيره وهو من عمل المحكمة أين يقوم القاضي بدور إيجابي بحثا عن الحقيقة بأي طريق مشروع، ولذلك نص قانون الإجراءات الجزائية في المادة 212 منه على أنه يجوز إثبات الجرائم بأي طريق من طرق الإثبات ما عدا الأحوال التي نص فيها القانون على غير ذلك ..." فلا يسوغ للقاضي أن يبني قراره إلا على الأدلة المقدمة له في معرض المرافعات والتي حصلت المناقشات فيها حضوريا أمامه.
ولقد أورد بكاريا في كتابه الجرائم والعقوبات " إن فكرة اليقين الذاتي المطلوبة في المواد الجزائية لا يمكن أن تتقيد بقواعد إثبات محددة سلفا تسلبها حقيقة مضمونها وأنه لا يمكن الوصول إلى الحقيقة بجزم ويقين إذا انحصر القاضي في دائرة مغلقة من الأدلة التي يحددها القانون".
وكان من نتيجة ذلك أن بدأ عشية الثورة الفرنسية المناداة بنظام الاقتناع الشخصي للقاضي حيث وافقت الجمعية التأسيسية الفرنسية على مشروع قانون يقضي بالأخذ بنظام المحلفين وشفوية المرافعة وعلنية الجلسات وحرية الاقتناع، كما نوقشت نظم الإثبات واستقر الأمر على الأخذ بنظام الاقتناع الشخصي للقاضي الذي صدر به قانون، ثم تردد في المادة 243 من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي الصادر سنة 1808 التي كانت تنص على أن: "القانون لا يطلب من المحلفين أن يقدموا حسابا عن الوسائل التي بها قد وصلوا إلى تكوين اقتناعهم ولا يرسم لهم قواعد يتعين عليهم أن يخضعوا لها على الأخص في تقدير أو كفاية دليل ما، ولكنه يأمرهم أن يسألوا أنفسهم في صمت وتدبير أن يبحثوا قي قرارة ضمائرهم عن الأثر الذي أحدثته في أنفسهم الأدلة المقدمة ضد المتهم وأوجه دفاعه عنها، فالقانون لا يقول لهم يجب أن تسلموا بحقيقة أي واقعة ما دام قد شهد عليها عدد من الشهود، ولا يقول لهم أيضا لا تعتبروا كل دليل ثابت بالقدر الكافي ما لم يكن مصاغا بهذا المحضر، بتلك المستندات بعدد من الشهود أو بعدد من القرائن، فالقانون لا يسألهم إلا سؤالا واحدا وهو هل لديكم اقتنـاع شخصي " وتحت تأثير هذا القانون أصبح للقاضي حرية في أن يلتمس اقتنـاعه من أي دليل يطرح أمامه وفي أن يقدر القيمة الاقناعية لكل منها حسبما تكتشف لوجدانه، حيث لا سلطان عليه إلا في ضميـره، هذا من ناحيـة، ومن ناحية أخرى ترك حرية الإثبات لأطراف الخصومة في أن يقدموا ما يرون أنـه مناسب لإقنـاع القاضـي، فجوهر هذا النظام هو تخلي الشارع عن السلطات للقاضي الذي له أن يقبل جميع الأدلة التي يقدمها إليه الأطراف، فلا وجود لأدلة يحظر عليها القانون مقدما قبولها، وله أن يستبعد أي دليل لا يطمئن إليه، فلا وجود لأدلة مفروضة عليه.
لكن وعلى الرغم من هذه السلطة الواسعة في الاستعانة بوسائل الإثبات فإن ذلك لا يعني أبدا التحكم المطلق للقاضي الذي لا يجوز له أن يقضي وفقا لهواه أو يتحكم لمحض عاطفته وإنما هو ملزم بأن يتحرى الحقيقة والمنطق الدقيق بأن يبني اقتناعه على أدلة مشروعة وصحيحة وموجودة ومطروحة للنقاش ومستساغة عقلا ومبنية على إجراء صحيح.
وتجدر الإشارة إلى أن حرية القاضي بالاستعانة بكل وسائل الإثبات ليست دائما مطلقة، حيث نجد أن المادة 212 السالفة الذكر تفتح المجال للمشرع أن يقيد إثبات جريمة من الجرائم بوسائل محددة بدليل نصها"...ما عدا الأحوال التي نص فيها القانون على غير ذلك..." مثلما هو الحال في جريمة الزنا التي لا يجوز إثباتها إلا بإحدى الوسائل الثلاثة المقررة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات وهي: محضر إثبات التلبس بالجنحة يحرره ضابط من ضباط الشرطة القضائية، إقرار وارد في رسائل أو مستندات صادرة من المتهم، الإقرار القضائي، غير أن تقديم الدليل على قيام الجنحة بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 341 من قانون العقوبات لا يمنع القاضي من استعمال سلطته في تقدير الدليل، وهكذا قضت المحكمة العليا بأن الإقرار القضائي في مجال الزنا شأنه شأن أي إقرار يخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع وفق مقتضيات المادة 213 من قانون الإجراءات الجزائية.
الفـرع الثانـي: حريـة القاضـي فـي تقديـر أدلـة الإثبـات
إن حرية القاضي في تقدير أدلة الإثبات، نتيجة منطقية لمبدأ الاقتناع الشخصي، وقد أقر المشرع الجزائري هذه النتيجة بنصه صراحة في المادة 213 من قانون الإجراءات الجزائية، بأن جميع عناصر الإثبات تترك لحرية القاضي، كما أكدت هذه النتيجة المادة 307 من نفس القانون بنصها: "أن يخضعوا لها على الأخص تقدير أو كفاية دليل ما..." ومعنى هذه النصوص أن القاضي حرفي تقدير الأدلة المطروحة عليـه، وفي ترجيح بعضها على البعض الآخر سواء كان الدليل ينصب مباشرة على الواقعة المراد إثباتها مثل المعاينة أو شهادة الشهود أو الاستجواب أو التفتيش، أو كان الدليل ناتج عن بذل مجهود عقلي يقوم على ملاحظة الوقائع والتفكير فيها للوصول إلى الحقيقة مثل القرائن والدلائل، وقد تعارف الفقه والقضاء على الأدلة التي يمكن للقاضي الاستناد عليها دون أن يحول ذلك من الاستناد على أدلة أخرى، وهذه الأدلة هي الاعتراف والمعاينة والمحررات وشهادة الشهود والخبرة وأخيرا القرائن كما أن للقاضي أن يستبعد دليلا بذاته ويطرحه إن لم يطمئن إليه أو يأخذ به كاملا أو بجزئه إن اطمأن له واقتنع بصحته.
كما له أن يقدر الدليل بصرف النظر عن المصدر الذي استمد منه ما دام مشروعا سواء من مرحلة التحقيق الابتدائي أو التحقيق القضائي أو أثناء المحاكمة، وكما له أن يقدر الأدلة بمجموعها ليستخلص منها قناعته طبقا لقاعدة تساند الأدلة عندما تكون متماسكة يشد بعضها بعضا ويكمل بعضها بعضا، فيتكون منها مجتمعه اقتناعه الشخصي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على قيمة الأثر ومبلغه ومن ثم إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الإدانة. 1
المبحـث الثانـي
الأسـاس الموضوعـي لسلطـة القاضـي الجزائـي فـي تقديـر العقوبـة
يستمد القاضي الجزائي سلطة واسعة في تقدير العقوبة من قانون العقوبات وذلك عن طريق التدريج الكمي والاختيار النوعي للعقوبة ومن خلال إمكانية تشديدها أو تخفيفها تبعا للظروف المحيطة بالجريمة أو بالجاني، لذلك سنتناول في مطلب أول سلطة القاضي في التدريج الكمي والاختيار النوعي للعقوبة وفي مطلب ثاني نتناول سلطته في تخفيف وتشديد العقوبة ووقف تنفيذها.
المطلـب الأول
سلطـة القاضـي فـي التدريـج الكمـي والاختيـار النوعـي للعقوبـة
إن سلطة القاضي في هذا المجال تتمثل في مدى ما يسمح به القانون من اختيار نوع العقوبة وتدريج كمها ضمن النطاق المحدد لعقوبة كل جريمة على حدة، فمدى سلطة القاضي في تقدير العقوبة يتناسب طرديا مع ما يحدده المشرع من اتساع للحيز الفاصل بين حدى العقوبة ومع عدد ما يعينه من أنواع العقوبات لكل جريمة على سبيل التخيير.
الفـرع الأول: سلطـة القاضـي فـي التدريـج الكمـي
يتمثل نظام التدريج الكمي القضائي للعقوبة في تحديد المشرع حدا أدنى وحدا أقصى للعقوبات وتركه للقاضي سلطة تقدير العقوبة بين هذين الحدين، وقد ظهر هذا النظام لأول مرة كنظام لقانون عقابي كامل في قانون العقوبات الفرنسي لسنة 1810، بعد أن سجل قانون الجنايات لسنة 1791 فشله بسبب جمود عقوباته ذات الحد الواحد فسلطة القاضي في تقدير العقوبة ترتبط ارتباطا وثيقا بتصنيف العقوبات التي تتدرج حسب خطورة الجرائم المرتكبة بدءا من العقوبة الأشد إلى العقوبة الأخف، وهي الاعدام والسجن المؤبد والسجن المؤقت والحبس والغرامة.
فبالنسبة لعقوبتي الإعدام والسجن المؤبد فإن سلطة القاضي في تقديرها تضيق إلى درجة أقرب من الانعدام إذ تقتصر على مجرد تقدير أن الجريمة المرتكبة بظروفها ووقائعها تستحق إحدى هاتين العقوبتين طبقا للقانون، أما في عقوبات السجن المؤقت والحبس والغرامة فإن المشرع يحدد لها حدا أقصى وحد أدنى، حيث تظهر سلطة القاضي في تقدير العقوبة بين هذين الحدين بشكل كبير إذ تتسع كلما باعد القانون بين هذين الحدين وتضيق كلما قرب بينهما، وقد تتسع هذه السلطة إلى أبعد من حصرها بين هذين الحدين وذلك في الحالات التي يسمح فيها القانون للقاضي بالهبوط إلى ما دون الحد الأدنى عند توافر ظروف التخفيف، وتجاوز الحد الأقصى إذا ما توافرت ظروف التشديد النصوص عليها 1 والقاضي غير ملزم بتسبيب تقديره للعقوبة إذ يكفي الإشارة إلى نص القانون، ولا يلتزم ببيان أسباب التخفيف أو التشديد أو أسباب التفرقة بين محكوم عليه وآخر في نفس الجريمة، وقد رفض المجلس الأعلى (المحكمة العليا حاليا) نقضا تمسك بضرورة تسبيب اختلاف العقوبات باختلاف المتهمين في نفس الجريمة، لكون الصلاحيات الممنوحة للقاضي في تطبيق العقوبة ترجع إلى تقديراته ولا يسأل عن ذلك (الغرفة الجنائية 26/11/1981).
أما العقوبات التكميلية، فبعد التعديل الجوهري الذي أحدثه المشرع بموجب القانون رقم 06/23 المؤرخ في 20/12/2006، فإن سلطـة القاضي في الحكم بهـا أصبحت تنظمها الفقـرة الثالثـة من المادة 4 الجديـدة، ويظهر من خـلال نقطتين أساسيتين وهمـا:
1- أن هذه العقوبات لا يجوز الحكم بها مستقلة عن عقوبة أصلية إلا في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة.
2- أن الحكم بهذه العقوبات يكون إجباريا في حالات محددة قانونا ووفقا لشروط معينة مثل الحجر القانوني،والحرمان من حق أو أكثر من الحقـوق الواردة في المادة 9 مكرر، والمصادرة في المواد 15 مكرر1، 93 و 133، ونشر الحكم في المادتين 172 و173 من قانـون العقوبات، ويكـون اختياريـا يخضع لتقدير القاضي، كما هو الشأن بالنسبة لتحديد الإقامة والمنع من الإقامة في المادتين 11 و13، والحرمان من ممارسة حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر السالفة الذكر بالنسبة للجنح عندما ينص القانون على ذلك (المادة 14)، وكذلك بالنسبة لباقي العقوبات التكميلية طبقا لما هو منصوص عليه في المواد من 16مكرر إلى 16مكرر5، 18 من قانون العقوبات الجديد.
الفـرع الثانـي: سلطـة القاضـي فـي الاختيـار النوعـي
يمنح للقاضي الجزائي وفق هذا النظام سلطة الاختيار بين نوعين من العقوبات، وهما الحبس والغرامـة، ليتمكن من ملائمة العقوبة طبقا لظروف المجرم والجريمة وذلك عن طريق الحكم بإحدى هاتين العقوبتين المختلفتين في النوع أو بكليهما، ويتمتع القاضي بحرية اختيار تام في الحكم بالعقوبات التي يرتئيها دون أن يلزمه القانون بإتباع طريقة معينة أو قاعدة في الإختيار، ونجد قانون العقوبات الجزائري ينص في عدد لا بأس به من العقوبات على عقوبتي الحبس والغرامة على سبيل التخيير كما هو الحال بالنسبة لجنح العصيان البسيط في المادة 184 والقذف في المادة 298 والسب في المادتين 298مكرر و299، إلى غير ذلك من أمثلة ففي هذا الحالات يجوز للقاضي أن يحكم إما بالعقوبتين معا أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي مجال المخالفات، وتحديدا في مخالفات الفئة الثانية، فإن عقوبة الغرامة هي الأساس، أما عقوبة الحبس فتبقى جوازية تخضع لسلطة القاضي في الحكم بها من عدمه.
المطلـب الثانـي
سلطـة القاضـي فـي تخفيـف وتشـديـد العقوبـة ووقـف تنفيـذها
إذا كان القانون يتولى تحديد عقوبة لكل جريمة، فإنه في وقت نفسه يعطي للقاضي الوسائل اللازمة لتنويع العقاب بأن ترك له سلطة واسعة في تقدير العقوبة حتى يجعلها متناسبة في نوعها ومقدارها مع جسامة الفعل المقترف من جهة وحالة الجاني النفسية والاجتماعية من جهة أخرى، وهي ظروف تؤثر سلبا أو إيجابيا على العقوبة بالنسبة للجاني بتشديدها أو تخفيفها أو حتى الإعفاء منها.
الفـرع الأول: تخفيـف العقـوبـة
تحكم قانون العقوبات الجزائري قاعدتان أساسيتان في تخفيف العقوبات هما المادتان 52 و53 المعدلة، تضمنت الأولى الأعذار القانونية بينما الثانية تضمنت الظروف المخففة القضائية.
أولا: الأعـذار القانونيــة
تنص المادة 52 من قانون العقوبات أن "الأعذار هي حالات محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها مع قيام الجريمة والمسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذارا معفية وإما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة "ومن ثم يمكن تصنيف الأعذار القانونية إلى أعذار قانونية معفية وأعذار قانونية مخففة.
1. الأعــذار القانونيـة المعفيـة
وهي أعذار أو ظروف تعفي من العقاب شخصا ثبت قضائيا ارتكابه للجريمة وبالتالي فهي لا تخفف من العقوبة بل تعفى فاعلها تماما من العقاب وهي بذلك تختلف عن أسباب الإباحة التي تمس دائرة التجريم وتمحو الجريمة، أما الأعذار المعفية فهي لا تمحو الجريمة إنما تعفى فقط من العقاب إذ بامكان القاضي أن يطبق على المعفي عنه تدبير من تدابير الأمن كما هو منصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 52، والقاضي لا يمكنه أن يقرر أعذارا معفية بدون النص عليها قانونا لأنه كل من ثبت إجرامه وجب عقابه ما لم يوجد نص صريح يعفيه من العقاب، ولأن المشرع حددها بدقة في جملة نصوص لفائدة المستفيد منها دون سواه من الشركاء في الفعل بحيث يعفى وحده من العقاب إلا ما تعلق بالتعويض المادي عن الأضرار للطرف المدني كما نصت على ذلك المادتين 361 و405 من قانون الإجراءات الجزائية.
ولقد تضمن قانون العقوبات الجزائري على حالات خاصة محددة يعفى فيها الفاعل من العقوبة لاعتبارات معينة وهي ثلاثة:
أ. عــذر المبلــغ:
ويتعلق الأمر هنا أساسا بمن ساهم في مشروع الجريمة ثم يقدم خدمة للمجتمع بأن يبلغ العدالة عن الجريمة المزمع ارتكابها أو عن هوية المتورطين فيها، لقاء هذه الخدمة رأى المشرع أن يكافئ المبلغ عن طائفة من الجرائم لاسيما تلك التي يصعب الكشف عنها، ومثال ذلك ما نص عليه المشرع في المادة 92 من قانون العقوبات في فقرتها الأولى بالنسبة لمن يبلغ السلطات الإدارية أو القضائية عن الجنايات والجنح ضد أمن الدولة قبل البدء في تنفيذها أو الشروع فيها وما نصت عليه المادة 179 بالنسبة للمبلغ عن جناية جمعية الأشرار، والمادة 205/02 بالنسبة للمبلغ عن جناية تقليد أختام الدولة، وكذلك ما نصت عليه المادة 30 من القانون المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية المؤرخ في 25/12/2004، وتشترط هذه النصوص في مجملها أن يتم التبليغ قبل تنفيذ الجريمة أو الشروع فيها.
ب. عــذر القرابـة العائليـة:
مثل ما نصت عليه المادة 91 من قانون العقوبات التي أعفت الأقارب والأصهار إلى الدرجة الرابعة من العقوبة المقررة لجريمة عدم التبليغ عن الجرائم الخيانة والتجسس وغيرها من النشاطات التي يكون من طبيعتها الأضرار بالدفاع الوطني، وكذا جرائم إخفاء أو إتلاف أو اختلاس الأشياء والأدوات والوثائق التي استعملت أو تستعمل في إرتكاب هذه الجرائم أو من شأنها تسهيل البحث عن هذه الجرائم أو اكتشافها.
ج. عــذر التوبــة:
وهو عذر مقرر لمن أنبه ضميره وصحا بعد الجريمة وانصرف إلى محو آثارها بأن أبلغ السلطات العمومية المختصة أو استجاب لطلبها قبل نفاذ الجريمة، ومثل ذلك ما نصت عليه المادة 182من قانون العقوبات عندما أعفت من العقوبة من يعلم الدليل على براءة شخص محبوس وتقدم من تلقاء نفسه بشهادته أمام سلطات القضاء أو الشرطة وإن تأخر في الإدلاء بها، وكذا ما نصت عليه المادة 217 عندما أعفت من العقوبة من أدلى بصفته شاهدا أمام الموظف بإقرار غير مطابق للحقيقة ثم عدل عنه قبل أن يترتب على استعمال المحرر أي ضرر للغير وقبل أن يكون هو نفسه موضوعا للتحقيق، وكذلك ما نصت عليه المادة 92 عندما أعفت من العقوبة من كان عضوا في عصابة مسلحة لم يتولى فيها قيادة ولم يقم بأي عمل أو مهمة، وانسحب منها بمجرد صدور أول إنذار له من السلطات العسكرية أو المدنية أو سلم نفسه إليها، هذا وإن الأعذار المعفية من العقاب لها طابع إلزامي يجب على القاضي الأخذ بها متى ثبت قيامها ويترتب على ثبوت العذر المعفي الحكم بالإعفاء من العقوبة وليس بالبراءة وإذا ثبت إذناب المتهم المعفي من العقوبة يتعين على القاضي أن يحكم عليه بالمصاريف القضائية وتحميله المسؤولية المدنية الناتجة عن تصرفاته.
2. الأعــذار القانونيــة المخففــة:
هي ظروف ووقائع تقترن بالجريمة وتخفف من مسؤولية من تثبت في حقه وبالتالي تخفيف العقاب عليه، وهي حالات يحددها المشرع الجنائي سلفا على سبيل الحصر، يلزم بها القاضي فينزل بالعقوبة المقررة للجريمة وفقا لقواعد محددة سلفا، وهي ظروف تختلف عن الظروف القضائية المخففة من حيث أن القاضي يلتزم بالحدود التي قررها المشرع للعذر بالإضافة إلى أنها أسباب حصرها المشرع وحدد نطاق التخفيف فيهـا ، وهو ما لا يتوافر في الظروف القضائية المخففة التي تعتبر حالات غير محددة ترك أمر تحديدها للقاضي وفق كل حالة معروضة عليه وهذا يعني أن سلطة القاضي في الأعذار المخففة ضيقة، في حين أن مجال سلطته في الظروف القضائية واسعة، فله أن يخفف العقوبة وله أن يحتفظ بالحدود الأصلية وله أن ينزل إلى ما دونها طبقا لما هو مقرر في القانون.
ويمكن تصنيف الأعذار القانونية المخففة إلى فئتين 1: أعذار الاستفزاز التي أشارت إليها المادة 52 ونصت عليها المواد من 277 إلى 283 من قانون العقوبات وعذر صغر السن المنصوص عليه في المواد من 49 إلى 51 من قانون العقوبات، بالإضافة إلى أعذار مخففة أخرى.
أ. أعــذار الاستفـزاز: وهي خمس حالات:
1. وقوع ضرب شديد على الأشخاص: يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل والضرب والجرح إذا دفعه إلى ارتكابها اعتداء وقع عليه ويشترط أن يكون هناك ضرب شديد بما أنتجه من أثر على نفسية المعتدي عليه وأن يقع الضرب على الأشخاص وأن يكون القتل أو الضرب من فعل المعتدي عليه نفسه، وفي كل الأحوال لا يجوز التذرع بالاستفزاز لتبرير جناية قتل الأصول (المادة 282 ق.ع).
2. التلبس بالزنا: يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل والضرب الجرح الواقع من الزوج على زوجه أو على شريكه لحظة مفاجأته في حالة التلبس بالزنا (م 279 ق.ع)، ويتشرط أن تكون الجرائم المرتكبة من فعل الزوج المضرور ذاته وأن يكون الزوج قد فاجأ بنفسه الزوج الآخر وهو متلبس بالزنا، أن يرتكب جرائم القتل وأعمال العنف الأخرى اللحظة ذاتها التي يتم فيها مفاجأة الزوج الآخر وهو متلبس بالزنا.
3. الإخلال بالحياء بالعنف: يستفيد من العذر مرتكب جناية الخصاء إذا دفعه إلى ارتكابها وقوع إخلال بالحياء عليه بالعنف (المادة 280 قانون العقوبات)، ويشترط أن تكون جناية الخصاء من فعل المعتدي عليه نفسه، وإن ترتكب هذه الجناية لحظة وقوع الاعتداء، وإن يكون الدافع إلى ارتكابها وقوع إخلال بالحياء بالعنف.
4. الإخلال بالحياء على قاصر لم يتجاوز 16 سنة: يستفيد من العذر كل من ارتكب جرائم الضرب والجرح إذا دفعه إليها مفاجأة بالغ في حالة تلبس بالإخلال بالحياء على قاصر لم يتجاوز عمره 16 سنة (المادة 281 من قانون العقوبات) ويشترط أن يقع إخلال بالحياء من بالغ على قاصر لم يتجاوز 16 سنة، وأن تكون الجريمة المرتكبة ضربا أو جرحا جناية أو جنحة، وإن ترتكب وقت الإخلال بالحياء، ولا يشترط أن يقع الضرب أو الجرح من المجني عليه نفسه بل يجوز لغيره أن يدفع الإخلال المرتكب من بالغ على قاصر في حالة التلبس.
5. التسلق أو تحطيم أسوار أو حيطان الأماكن المسكونة أو ملحقاتها أثناء النهار: ويستفيد من عذر الاستفزاز مرتكب جرائم القتل والضرب والجرح الواقع من صاحب المكان على المعتدي إذا ارتكبها لدفع تسلق أو ثقب أسوار أو حيطان أو تحطيم مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو ملحقاتها، وكان ذلك أثناء النهار (المادة 278 من قانون العقوبات) ويشترط أن تكون الجناية أو الجنحة المرتكبة من فعل صاحب الأماكن المعتدي عليها، وأن ترتكب في اللحظة ذاتها التي يتم فيها مفاجأة المعتدي وهو يتسلق أو يحطم الأسوار أو الحيطان، وأن تكون الأماكن المستهدفة بالاعتداء معدة للسكن أو مسكونة أو من ملحقاتها، وأن يكون الاعتداء أثناء النهار، فإذا حدث ذلك أثناء الليل يكون من ارتكب جريمة القتل وأعمال العنف في حالة دفاع شرعي.
آثـار عذر الاستفزاز:
نصت المادة 283 من قانون العقوبات على آثار قيام العذر وتتمثل في تخفيض العقوبات على النحو التالي:
- الحبس من سنة إلى 5 بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد.
- الحبس من ستة أشهر إلى سنتين بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالسجن من 5 إلى 10 سنوات أو من 10 إلى 20 سنة.
- الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر بالنسبة للجنح.
أ. عــذر صغـر السـن:
ويقصد بصغر السن القاصر الذي تجاوز سن الثالثة عشرة ولم يكمل سن الثامنة عشرة، أما القاصر الذي لم يتجاوز الثالثة عشر وإن بلغها فيستفيد من الإعفاء من العقوبة بحيث لا تطبق عليه إلا تدابير الحماية أو التربية ويترتب على عذر صغر السن تخفيض العقوبات على النحو الآتي:
- الحبس من 10 إلى 20 سنة بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد.
- الحبس لمدة تساوي نصف العقوبات المقررة قانونا للبالغ بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت.
- الحبس لمدة تساوي نصف العقوبة المقررة قانونا للبالغ للجنح المعاقب عليها بالحبس.
- التوبيخ والغرامة بالنسبة للمخالفات.
ج. الأعـذار المخففـة الأخــرى:
إلى جانب الحالات المذكورة أنفا نص قانون العقوبات على أعذار مخففة أخرى وتتمثل فيما يلي:
1. عـذر المبلـغ: يستفيد المبلغ عن الجنايات والجنح ضد أمن الدولة بتخفيض العقوبة درجة واحدة إذا حصل الإبلاغ بعد انتهاء تنفيذ الجريمة أو الشروع فيها ولكن قبل البـدء في المتابعـة، وكذا من مكن من القبض على الجناة بعد بدء المتابعات.
نصت المادة 26 من القانون المتعلق بالجرائم ذات الصلة بالأسلحة الكيماوية في فقراتها الثانية والثالثة على استفادة المبلغ من تخفيض العقوبة على النحو التالي:
- تخفض العقوبة درجة واحدة إذا كان الإبلاغ قد حصل بعد انتهاء التنفيذ أو الشروع فيه وقبل بدء المتابعات.
- تخفيض كذلك درجة واحدة بالنسبة للفاعل إذا مكن من القبض على الفاعلين أو الشركاء في نفس الجريمة أو في جرائم أخرى من نفس النوع ونفس الخطورة قبل بدء المتابعات.
- كما نصت المادة 31 من القانون المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية المؤرخ في 25/12/2004 على تخفيض العقوبة للفاعل أو الشريك إذا مكن بعد تحريك الدعوى العمومية من إيقاف الفاعل الأصلي أو الشركاء في نفس الجريمة أو الجرائم الأخرى من نفس الطبيعة أو مساوية لها في الخطورة، ويكون التخفيض كالآتي:
إلى النصف بالنسبة للعقوبات المقدرة للجنح.
إلى السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة بالنسبة للعقوبات المقدرة للجنايات.
2. عــذر التوبــة: يستفيد من تخفيض العقوبة مرتكب جناية الخطف أو الحبس أو الحجز التعسفي الذي يفرج طواعية عن الضحية ويختلف مقدار التخفيض بحسب مواعيد الإفراج:
- إذا واقع الإفراج أثناء عشرة أيام من ارتكاب الجريمة وقبل الشروع في المتابعة الجزائية تخفض عقوبة الإعدام إلى الحبس من سنتين إلى 5 سنوات، وتخفض عقوبة السجن المؤقت إلى الحبس من ستة أشهر إلى سنتين.
- إذا وقع الإفراج بعد 10 أيام من الخطف وبعد الشروع في المتابعة الجزائية فتخفض عقوبة الإعدام إلى الحبس من 5 إلى 10 سنوات وتخفض عقوبة السجن المؤبد والسجن المؤقت إلى الحبس من سنتين إلى 5 سنوات.
ثانيـا: الظـروف المخففـة
ويقصد بها الظروف القضائية المخففة التي تعني أخذ المحكوم عليه بالرأفة لأسباب ومبررات يراها القاضي الجنائي جديرة بأن تحمله على تخفيف العقاب على المتهم بناء على عناصر أو وقائع عرضية تضعف من حسامة الجريمة وتكشف عن ضآلة خطورة الفاعل، تستتبع تخفيف العقوبة تبعا للحدود المقدرة قانونا.
ولقد اعتمد المشرع الجزائري بعد صدور القانون رقم 06/23 الجديد نظام الظروف المخففة في المادة 53 المعدلة والمواد من 53 مكرر إلى 53 مكرر 6 بالنسبة للشخص الطبيعي والمادتين 53 مكرر7 و53 مكرر8 بالنسبة للشخص المعنوي.
1. الشخـص الطبيعـي
أ. بالنسبـة للجنايـات:
يميز المشرع طبقا للتعديل الجديد بين الجاني المبتدئ والجاني العائد.
أ1. الجانـي المبتـدئ: تبين المادة 53 المعدلة كيفية تطبيق الظروف المخففة وفقا للحالات الآتية:
1. عشر سنوات سجنا إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي الإعدام.
2. خمس سنوات سجنا إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤيد.
هذا إذا كان الجاني غير مسبوق قضائيا، إما إذا كان مسبوقا قضائيا فإنه يجوز الحكم عليه أيضا طبقا للمادة 53 مكرر1 بغرامة حدها الأدنى 1000.000 دج وحدها الأقصى 2000.000 دج بالنسبة للحالة الأولى ومن 500.000 دج إلى 1000.000 دج في الحالة الثانية.
3. ثلاث سنوات حبسا إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة.
4. سنة واحدة حبسا إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من 5 سنوات إلى 10 سنوات.
وإذا كان الجاني مسبوقا قضائيا في كلتا الحالتين فإنه يجوز الحكم عليه أيضا بغرامة من 100.000 دج إلى 1000.000 دج طبقا للمادة 53 مكرر1 دائما.
وفي الحالات التي ينص فيها القانون على عقوبة الغرامة إلى جانب عقوبة السجن المؤقت، فإنه يجب النطق بهذه الغرامة حتى وإن منحت ظروف التخفيف، وهذا ما تؤكده المادة 53 مكرر2.
أ2. الجانـي العائـد: طبقا للمادة 53 مكرر، فعندما تطبق العقوبات المشددة بفعل حالة العود، فإن التخفيف الناتج عن منح الظروف المخففة ينصب على الحدود القصوى الجديدة المقررة قانونا.
فإذا شددت العقوبة على الجاني بفعل ظرف العود ونال عقوبة السجن المؤبد أو الإعدام، ثم استفاد من ظروف التخفيف، فإن التخفيض يكون على أساس هاتين العقوبتين المشددتين وتنزل عقوبة السجن المؤبد إلى خمس سنوات سجنا، وعقوبة الإعدام إلى عشر سنوات سجنا طبقا للمادة 53.
أما إذا طبق ظرف العود على الجاني ونال عقوبة سالبة للحرية بالسجن المؤقت من خمسة إلى عشرين سنة فإنه لا يجوز للقاضي النزول إلى ما دون ثلاث سنوات حبسا.
ب. بالنسبـة للجنـح:
يميز المشرع في القانون الجديد بين المسبوق قضائيا وغير المسبوق قضائيا، ويعد مسبوقا قضائيا حسب المادة 53 مكرر5 كل شخص طبيعي محكوم عليه بحكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية، مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جناية أو جنحة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقررة لحالة العود.
وتبين المادة 53 مكرر4 كيفية تطبيق ظروف التخفيف في مواد الجنح كالآتي:
بالنسبـة للجانـح غيـر المسبـوق قضائيـا:
إذا تقرر إفادة الجانح بظروف التخفيف فإن تخفيض العقوبة يكون وفقا للحالات الآتية:
1. إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و/أو الغرامة يكون للقاضي سلطة الاختيار بين:
- تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين وعقوبة الغرامة إلى 20.000 دج
- الحكم بالحبس فقط أو الغرامة فقط شرط ألا تقل مدة الحبس أو قيمة الغرامة عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
2. إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس فقط فإنه يجوز للقاضي استبدالها بغرامة شرط ألا تقل عن 20.000 دج ولا تتجاوز 500.000 دج.
بالنسبـة للجانـح المسبـوق قضائيـا:
طبقا للفقرة الثالثة من المادة 53 مكرر4 فإنه لا يجوز للقاضي تخفيض عقوبات الحبس والغرامة عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة المرتكبة عمدا. كما لا يجوز الحكم باحداهما فقط، كما لا يجوز في أي حال من الأحوال استبدال عقوبة الحبس بالغرامة، وما يلاحظ من خلال هذه الفقرة أن هذه الأحكام تخص فقط الجنح العمدية.
ج- بالنسبــة للمخالفـات:
طبقا للمادة 53 مكرر6 فإنه في حالة منح ظروف التخفيف في مواد المخالفات فإنه لا يجوز للقاضي تخفيض العقوبة المقررة للمخالفة عن حدها الأدنى.
غير أنه إذا كان المخالف مبتدءا غير عائد وكانت عقوبتا الحبس والغرامة مقررتين معا فإنه يجوز الحكم باحداهما فقط دون النزول عن الحد الأدنى المقرر قانونا للمخالفة المرتكبة دائما.
من خلال هذا العرض الموجز للقواعد التي تحكم ظروف التخفيض وفقا للتعديلات الجديدة في قانون العقوبات يمكن استخلاص ما يلي:
بالنسبة للجنايات وتحديدا في عقوبة السجن المؤقت، يسمح القانون عند تطبيق ظروف التخفيف بالنزول إلى ما دون الحد الأدنى المقرر قانونا للجناية المرتكبة، وبالتالي يكون المشرع قد احتفظ بمعيار "النزول عن الحد الأدنى المقرر قانونا للعقوبة"، لمعرفة ما إذا كان القاضي قد طبق ظروف التخفيف.
أما بالنسبة للجنح والمخالفات، فلقد تخلى المشرع عن هذا المعيار وذلك بعدم سماحه بالنزول إلى ما دون الحد الأدنى المقرر قانونا للعقوبة، واعتمد معيارا آخر وهو النزول عن الحد الأقصى لمعرفة ما إذا كان القاضي قد طبق ظروف التخفيف، كما أضاف معيارين آخرين، وهما معيار الاختيار بين عقوبتي الحبس والحبس والغرامة، ومعيار استبدال عقوبة الحبس بالغرامة عند النص على عقوبة الحبس فقط.
2. الشخـص المعنـوي
يجب التذكير أن العقوبة الأصلية الوحيدة المقررة للشخص المعنوي هي الغرامة. أما باقي العقوبات المقررة له إلى جانب الغرامة فهي عقوبات تكميلية، وذلك طبقا للمادة 18 مكرر المعدلة بالقانون رقم 06/23.
وبالنسبة لظروف التخفيف المطبقة عليه يميز كذلك المشرع بين الشخص المعنوي المسبوق قضائيا، والشخص المعنوي غير المسبوق قضائيا.
فإذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا وتقرر إفادته بالظروف المخففة فإنه يجوز للقاضي أن يخفض عقوبة الغرامة إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي عند ارتكابه نفس الجريمة.
أما إذا كان مسبوقا قضائيا، فلا يجوز النزول عن الحد الأقصى للغرامة المقررة لشخص الطبيعي عند ارتكابه نفس الجريمة.
الاستثنـاءات والقيـود الـواردة علـى منـح ظـروف التخفيـف:
لقد استبعد المشرع صراحة تطبيق الظروف المخففة في بعض المواد، وفرض قيودا على تطبيقها في مواد أخرى.
وهكذا فقد استبعد المشرع صراحة منح الظروف المخففة بالنسبة للغرامة المقدرة جزاء للجرائم الجمركية (المادة 281 من قانون الجمارك) والضريبية (المادة 303/04 من قانون الضرائب غير المباشرة و548 من قانون المخدرات في حالات معينة أوردتها المادة 26 من القانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية لنسة 2004 وهي:
- إذا استخدم الجاني العنف أو الأسلحة.
- إذا كان الجاني يمارس وظيفة عمومية وارتكب الجريمة أثناء تأدية وظيفته.
- إذا ارتكب الجريمة ممتهن في الصحة أو شخص مكلف بمكافحة المخدرات أو استعمالها.
- إذا تسببت المخدرات أو المؤثرات العقلية المسلمة في وفاة شخص أو عدة أشخاص أو إحداث عاهة مستديمة.
- إذا أضاف الجاني للمخدرات مواد من شأنها أن تزيد في خطورتها.
كما استبعدها أيضا في المادة 22 من قانون التهريب في ثلاث حالات وهي:
- إذا كان الجاني محرضا على الجريمة
- إذا كان الجاني يمارس وظيفة عمومية أو مدنية ذات صلة بالفعل المجرّم.
وقد يلجأ المشرع إلى فرض قيود على تطبيق الظروف المخففة، كما فعل في القانون المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية السالف الذكر، حيث حددت المادة 28 منه في كل الأحوال، حدا أدنى للعقوبة لا يجوز النزول عنه، بنصها على أن العقوبات المقررة لجرائم المخدرات والمؤثرات العقلية غير قابلة للتخفيض حسب الشكل الآتي:
- عشرون سنة سجنا عندما تكون العقوبة المقررة هي السجن المؤبد.
- ثلثا العقوبة المقررة في كل الحالات الأخرى.
وكذلك الشأن بالنسبة للمادة 87 مكرر من قانون العقوبات المتعلقة بالجرائم الإرهابية التي حددت حدا أدنى لا يجوز النزول عنه وهو:
- عشرون سنة سجنا عندما تكون العقوبة المقررة قانونا هي السجن المؤيد.
- نصف العقوبة عندما تكون العقوبة المقررة قانونا هي السجن المؤقت.
الفـرع الثانـي: تشـديـد العقوبـة
قد يعاقب المجرم بعقوبة أشد -من حيث النوع أو الحكم- من العقوبة المقررة للجريمة المرتكبة، وذلك عند توافر ظروف تقتضي تشديد العقاب، وتسمى هذه الظروف بالظـروف المشـددة وهي حالات تسمح برفع عقوبة السجن المؤبد إلى الإعدام مثلا، أو تجاوز الحد الأقصى المقرر قانونا للعقوبة، وهي نوعان: ظرف مشدد عام يتعلق بحالات العود، وظروف مشددة خاصة تشمل ظروفا واقعية وظروفا شخصية.
أولا: العـــود
نظم المشرع الجزائري العود طبقا للقانون الجديد في المواد من 54 مكرر إلى 54 مكرر10، ويقصد به الوصف القانوني الذي يلحق شخصا عاد إلى الإجرام، بتوافر شروط يحددها القانون.
وحسب المادة 54 مكرر10 فإن تطبيق ظرف العود أمر جوازي بالنسبة للقاضي، وإذا لم يكن منوّها عنه في إجراءات المتابعة، فإنه يجوز للقاضي أن يثيره من تلقاء نفسه.
وفي حالة رفض المتهم محاكمته على هذا الظرف، فإن المادة 54 مكرر 10 تحيل إلى الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 338 من قانون الإجراءات الجزائية.
وبناء عليه، يتعين على القاضي تنبيه المتهم أن له الحق في طلب مهلة لتحضير دفاعه مع التنويه على هذا التنبيه في الحكم، وعلى إجابة المتهم عليه. إذا استعمل المتهم هذا الحق فعلى المحكمة أن تمنحه مهلة ثلاثة أيام على الأقل.
ولتطبيق ظرف العود يميز المشرع طبقا للتعديل الجديد بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي.
1. بالنسبـة للشخـص الطبيعـي.
أ. فـي مـواد الجنـايات والجنـح:
نميز في تشديد العقوبة، بناء على ظرف العود، بين عدة حالات:
أ1. العود من جناية أو جنحة، معاقب عليها بعقوبة حدها الأقصى يزيد عن خمس سنوات حبسا إلى جناية:
ويشترط في هذه الحالة:
- أن تكون الجريمة السابقة المرتكبة، جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة حدها الأقصى يزيد عن خمس سنوات حبسا.
- أن يكون قد صدر في هذه الجريمة حكم نهائي.
- أن تكون الجريمة اللاحقة جناية.
والعود في هذه الحالة عام ومؤبد، لأن القانون لا يشترط فيه تماثلا بين الجريمة السابقة والجريمة اللاحقة، ولا يشترط كذلك مدة معينة بين قضاء العقوبة وزمن ارتكاب الجريمة اللاحقة.
وينتج عن تطبيق العود في هده الحالة ما يلي:
- إذا كان الحد الأقصى لعقوبة الجناية اللاحقة 20 سنة سجنا فإنها ترفع إلى السجن المؤبد.
- إذا أدت الجناية اللاحقة إلى إزهاق روح إنسان فإن العقوبة ترفع إلى الإعدام.
- إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجناية اللاحقة يساوي أو يقل عن 20 سنة سجنا فإن هذا الحد يرفع إلى الضعف.
- إذا كانت الجناية اللاحقة مما يعاقب عليها بالغرامة فإن هذه الغرامة ترفع إلى الضعف
أ2. العود من جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة حدها الأقصى يزيد عن خمس سنوات حبسا إلى جنحة يعاقب عليها بنفس العقوبة:
يشترط في هذه الحالة، بالإضافة إلى الحكم النهائي أن تكون الجريمة السابقة جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة حدها الأقصى يزيد عن خمس سنوات حبسا.
- أن تكون الجريمة اللاحقة جنحة.
- أن تكون عقوبة هذه الجنحة من نفس عقوبة الجنحة السابقة أي حدها الأقصى يزيد كذلك عن خمس سنوات حبسا.
- أن ترتكب الجنحة اللاحقة خلال العشر سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة.
والعود في هذه الحالة عود عام لأنه لا يشترط تماثلا بين الجريمتين السابقة واللاحقة، وهو عود مؤقت لأنه يشترط أن ترتكب الجريمة اللاحقة، خلال العشر سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة، وليس لانقضاء العقوبة أو سقوطها بالتقادم كما كان معمولا به في ظل القانون السابق.
وينتج عن تطبيق العود في هذه الحالة ما يلي:
- إذا كانت الجنحة اللاحقة ذات عقوبة حدها الأقصى يزيد عن خمس سنوات حبسا وغرامة، فإن الحد الأقصى للحبس والحد الأقصى للغرامة المقررين يرفعان إلى الضعف.
- إذا كان الحد الأقصى لعقوبة الجنحة اللاحقة يزيد عن عشر سنوات فإنه يرفع إلى 20 سنة حسبا.
- إذا كان الحد الأقصى العقوبة الجنحة يساوي 20 سنة حبسا فإن الحد الأدنى هو الذي يرفع إلى الضعف وجوبا.
ويجوز في كل هذه الحالات أن يحكم القاضي بواحدة أو أكثر ما العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 9 السالفة الذكر.
أ3. العود من جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة حدها الأقصى يزيد عن خمس سنوات حبسا إلى جنحة معاقب عليها بعقوبة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن خمس سنوات حبسا.
ويشترط في هذه الحالة بالإضافة إلى الحكم النهائي:
- أن تكون الجريمة السابقة جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة حدها الأقصى يزيد عن خمس سنوات حبسا.
- أن تكون الجريمة اللاحقة جنحة.
- أن تكون عقوبة هذه الجنحة حبسا حده الأقصى يساوي أو يقل عن خمس سنوات.
- أن ترتكب الجريمة اللاحقة في خلال الخمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة.
وعليه، فالعود في هذه الحالة عود عام لعدم اشتراط التماثل بين الجريمتين السابقة واللاحقة وعود مؤقت لأن القانون يشترط أن ترتكب الجريمة اللاحقة في خلال الخمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة.
كما يجوز أيضا في هذه الحالة الحكم بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 9.
أ4. العود من جنحة إلى نفس الجنحة أو جنحة مماثلة:
ويشترط في هذه الحالة بالإضافة دائما إلى الحكم النهائي:
- أن تكون الجريمة السابقة جنحة
- أن تكون الجريمة اللاحقة إما نفس الجنحة وهو ما يعبر عنها بالتماثل الحقيقي الذي تقتضي اتحاد جميع العناصر المكونة للجريمتين السابقة واللاحقة، وإما جنحة مماثلة وهو ما يعبر عنه بالتماثل الحكمي أي أن تكون الجريمة اللاحقة من نفس نوع الجريمة السابقة طبقا للمادة 57المعدلة والتي تنص على أنه "تعتبر من نفس النوع لتحديد العود الجرائم التي تشملها إحدى الفقرات الآتية:
1. اختلاس الأموال العمومية أو الخاصة والسرقة والإخفاء والنصب وخيانة الأمانة والرشوة.
2. خيانة الائتمان على بياض وإصدار أو قبول شيكات بدون رصيد والتزوير واستعمال المحررات المزورة.
3. تبيض الأموال والإفلاس بالتدليس والاستيلاء على مال الشركة بطريق الغش وابتزاز الأموال.
4. القتل الخطأ والجرح الخطأ وجنحة الهروب والسياقة في حالة سكر.
5. الضرب والجرح العمدي والمشاجرة والتهديد والتعدي والعصيان.
6. الفعل المخل بالحياء بدون عنف والفعل العلني المخل بالحياء واعتياد التحريض على الفسق وفساد الأخلاق والمساعدة على الدعارة والتحرش الجنسي.
وينتج من تطبيق العود في هذه الحالة رفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس والغرامة المقررة للجنحة اللاحقة إلى الضعف وجوبا.
ب. فـي مـواد المخالفـات:
نص عليه القانون الجديد في المادة 54 مكرر4، ويتميز العود في المخالفات بأنه عود مؤقت لأنه يشترط فيه أن تكون المدة الفاصلة بين قضاء عقوبة المخالفة السابقة وزمن ارتكاب المخالفة اللاحقة سنة واحدة، وبأنه عود خاص لاشتراط التماثل الحقيقي بين المخالفتين السابقة واللاحقة ونلاحظ هنا أن المشرع قد تخلى عن شرط أن تكون المخالفة اللاحقة قد ارتكبت في نفس دائرة اختصاص المحكمة التي ارتكبت فيها المخالفة السابقة، وبالتالي العود في المخالفات لم يعد محليا كما كان في ظل القانون السابق.
ولقد أحال المشرع في هذه المادة تطبيق العود في المخالفات إلى المادتين 445 و465 المعدلتين من قانون العقوبات.
وبناء عليه يكون حكمه كالآتي:
- بالنسبــة لمخالفـات الفئـة الأولـى:
تعاقب المادة 445 العائد بالحبس لمدة قد تصل إلى أربعة أشهر وبغرامة إلى 40.000 دج.
- بالنسبــة لمخالفـات الفئـة الثانيـة:
تعاقب المادة 465 العائد كما يلي:
1. الحبس الذي قد تصل مدته إلى شهر وبغرامة قد تصل إلى 24000 دج بالنسبة للمخالفات الواردة في الفصل الأول.
2. الحبس الذي قد تصل مدته إلى 10 أيام وبغرامة قد تصل إلى 16000 دج بالنسبة للمخالفات الواردة في الفصل الثاني.
3. الحبس الذي قد تصل مدته إلى 5 أيام وبغرامة قد تصل إلى 12000 دج بالنسبة للمخالفات الواردة في الفصل الثالث.
2. بالنسبـة للشخـص المعنـوي:
أ. فـي مـواد الجنـايات والجنـح: نميز كذلك بين عدة حالات
أ1. العود من جناية أو جنحة معاقب عليها، بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500.000 دج. إلى جناية:
وهو في هذه الحالة عام ومؤبد لعدم اشتراط التماثل والمدة، وينتج عند تطبيقه الحكم بغرامة قيمتها عشر مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للجناية اللاحقة.
وإذا كانت الجناية اللاحقة غير معاقب عليها بالغرامة أي معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المؤقت فقط، فإن الحد الأقصى للغرامة الناتج عن تطبيق ظرف العود يصبح كالآتي:
- 20.000.000 دج إذا كانت الجناية اللاحقة معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد عندما يرتكبها شخص طبيعي.
- 10.000.000 دج إذا كانت الجناية اللاحقة معاقب عليها بالسجن المؤقت عندما يرتكبها شخص طبيعي.
أ2. العود من جناية أو جنحة معاقب عليها، عندما يرتكبها شخص طبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500.000 دج إلى معاقب عليها بنفس العقوبة.
ويشترط في هذه الحالة:
- أن تكون الجريمة السابقة جناية أو جنحة معاقب عليها بغرامة حدها الأقصى يفوق 500.000 دج عندما يرتكبها شخص طبيعي.
- أن تكون الجريمة اللاحقة جنحة من نفس العقوبة.
- أن تكون المدة الفاصلة بين قضاء عقوبة الجريمة السابقة وارتكاب الجريمة اللاحقة عشر سنوات.
وبالتالي فهو عود عام لأنه لا يشترط تماثلا، ومؤقت لأنه يشترط مدة عشر سنوات بين قضاء العقوبة السابقة وارتكاب الجريمة اللاحقة.
وينتج عن تطبيق العود في هذه الحالة رفع الحد الأقصى للغرامة المقررة للجنحة اللاحقة إلى عشر مرات.
وإذا كانت هذه الجنحة غير معاقب عليها بالغرامة، أي بالحبس فقط فإن الحد الأقصى للغرامة يكون 10.000.000 دج.
أ3. العود من جناية أو جنحة معاقب عليها عندما يرتكبها شخص طبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500.000 دج إلى جنحة معاقب عليها، عندما يرتكبها شخص طبيعي بغرامة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 500.000 دج.
ويشترط في هذه الحالة بالإضافة إلى الجريمتين السابقة واللاحقة أن ترتكب الجريمة اللاحقة في خلال خمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة، وبالتالي فهو عود عام لعدم اشتراط التماثل وعود مؤقت لاشتراط المدة.
وينتج عن تطبيق العود في هذه الحالة رفع الحد الأقصى للغرامة المقررة للجنحة اللاحقة إلى عشر مرات.
إذا كانت الجنحة اللاحقة غير معاقب عليها بالغرامة فإن الحد الأقصى للغرامة المطبقة يكون 5000.000 دج.
أ4. العود من جنحة إلى نفس الجنحة أو جنحة مماثلة:
ويشترط في هذه الحالة: أن تكون الجريمة السابقة جنحة.
- أن تكون الجريمة اللاحقة نفس الجنحة أو جنحة مماثلة لها. أي بتوافر التماثل الحقيقي أو التماثل الحكمي على النحو السابق ذكره.
- أن ترتكب الجريمة اللاحقة خلال الخمس سنوات التالية لقضاء عقوبة الجنحة السابقة.
وبالتالي فهو عود خاص لاشتراط التماثل، ومؤقت لاشتراط المدة.
وينتج عن تطبيق العود هنا، الحكم بغرامة مقدارها عشر مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للجنحة اللاحقة.
- وإذا كانت الجنحة اللاحقة غير معاقب عليها بالغرامة، فإن الحد الأقصى للغرامة بعد تطبيق العود يكون 5000.000 دج.
ب. فـي مـواد المخالفـات:
ويشترط لتطبيق العود في المخالفات بالنسبة للشخص المعنوي:
- أن تكون الجريمة السابقة والجريمة اللاحقة نفس المخالفة بمعنى أنه يكون دائما عودا خاصا.
- أن ترتكب المخالفة الثانية خلال سنة من قضاء عقوبة المخالفة السابقة بمعنى أنه عود مؤقت.
وينتج عن تطبيق العود في هذه الحالات الحكم بغرامة حدها الأقصى عشر مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للمخالفة اللاحقة.
ثانيـا: الظـروف المشـددة الخاصـة
وهي ظروف يقتصر حكمها على جرائم محددة ومعينة بذاتها حددها قانون العقوبات في مواضع مختلفة.
والظروف المشددة الخاصة تتعدد وتتنوع، منها ما يرجع إلى عناصر واقعية تمس الركن المادي للجريمة، ومنها ما يرجع إلى عناصر شخصية تمس صفة الجاني أو المجني عليه.
1. الظـروف المشـددة الواقعيـة:
وهي التي تتصل بالوقائع الخارجية التي رافقت الجريمة، وهذه الظروف تغلظ إجرام الفعل، وتختلف أهمية التغليظ باختلاف طبيعة وعدد الظروف.
والأمثلة في هذا المجال متعددة نذكر منها الظروف المشددة في جريمة السرقة، حيث تنص المادة 350 بعد تعديلها بموجب القانون رقم 06/23 أن عقوبة السرقة هي الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 100.000 دج إلى 500.000 دج، وتغلظ هذه العقوبة إلى السجن المؤبد إذا كان الجناة يحملون أو يحمل أحدهم أسلحة ظاهرة أو مخبأة كما هو منصوص عليه في المادة 351. كما تغلظ إلى السجن المؤبد أيضا إذا ارتكبت أثناء حريق أو بعد انفجار أو انهيار أو زلزال أو فيضان أو غرق أو تمرد أو فتنة أو أي اضطراب آخر، أو إذا وقعت على أحد الأشياء المعدة لتأمين سلامة أية وسيلة من وسائل النقل العمومي أو الخصوصي كما هو منصوص عليه في المادة 351 مكرر إلى غير ذلك من الأمثلة.
2. الظـروف المشـددة الشخصيـة:
وهي ظروف ذاتية تتصل بالصفة الشخصية للفاعل أو الشريك أو المجني عليه ومن شأنها تغليظ أذناب من تتصل به ومن هذا القبيل صفة الأصل أو الفرع بالنسبة للضحية في جرائم العنف العمدي في المادتين 267 و272 من قانون العقوبات، والإخلال بالحياء في المواد 334/02 و 337 و 337 مكرر.
فبالنسبة لجريمة الضرب والجرح في المادة 267 مثلا نجد أن المشرع شدد العقوبة على الجاني الذي يرتكب أفعال الضرب والجرح العمد على والديه الشرعيين وغيرهما من أصوله الشرعيين برفعها إلى الحبس المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات إذا لم ينشأ عن الضرب أو الجرح أي مرض أو عجز كلي عن العمل، وإلى الحد الأقصى للحبس المؤقت من خمسة إلى عشر سنوات إذا نشأ عجز كلي عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما فظروف التشديد في هذه المادة ترتكز على صفة المجني عليه الذي يتمثل في أحد الوالدين أو غيرهما من الأصول الشرعيين.
تقديـر العقوبـة في حالـة تعـدد الجرائـم:
يقصد بالتعدد أن يرتكب شخص واحد جريمة تحتمل عدة أوصاف وتطبق عليه عدة نصوص عقابية وهو ما يسمى بالتعدد الصوري، أو يرتكب الشخص عدة جرائم دون أن يفصل بينها حكم قضائي نهائي مما يقتضي أمكان تعدد العقوبات وقد نظم قانون العقوبات الجزائري التعدد وأحكامه في المواد 32 إلى 38 منه.
1. التعدد الصوري:
ومؤاده أن يرتكب الجاني فعلا واحدا تترتب عليه نتيجة مادية واحدة إلا أنه فعل يوصف بأكثر من وصف قانوني لانطباق أكثر من نص قانوني عليه، كأن يقوم شخص بالغ بملامسة عورة قاصر دون السادسة عشر في مكان عمومي فهذا الفعل يشكل فعلا علنيا مخلا بالحياء طبقا للمادة 333 من قانون العقوبات ويشكل أيضا فعلا مخلا للحياء على القاصر دون السادسة عشر طبقا للمادة 334 من قانون العقوبات، فمن الواضح أن المجرم لم يرتكب إلا فعلا واحدا تعددت أوصافه القانونية لأن النتيجة المادية تحقق اعتداء على حقوق متعددة يحميها القانون، وبالتالي يكيف الفعل الواحد بأكثر من وصف، وحكم هذا التعدد الصوري في القانون أن تطبق عقوبة واحدة وهي عقوبة الجريمة الأشد عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات، وهذا يتطلب بالضرورة إجراء مقارنة بين النصوص المنطبقة على الحالة المعروضة واختيار النص الذي يقرر العقوبة الأشد ومن ثم يكون الحل في مثالنا السابق هو وصف الفعل المرتكب بالفعل المخل بالحياء على قاصر المنصوص عليه في المادة 334/01 من قانون العقوبات والمعاقب عليه بالحبس من 5 إلى 10 سنوات لكونه الوصف الأشد.
لكن الأشكال الذي يثار هو إمكانية قبول الفعل المرتكب وصفين أو أكثر وردت في قوانين جزائية مختلفة، فإذا كانت القاعدة التي تطبق دائما هي قاعدة الوصف الأشد إلا أن المحكمة العليا ذهبت مذهبا مغايرا 1 عند التعدد الصوري بين جنحة من القانون العام أو من أي قانون خاص وجنحة جمركية حيث استقرت على قاعدة التمسك بالوصفين معا لتطبيق العقوبات الجبائية مع تطبيق قاعدة الوصف الأشد على عقوبة الحبس، وفي هذا قالت المحكمة العليا "من المستقر عليه قضاء أن الفعل الواحد الذي يقبل وصفين أحدهما من القانون العام والأخر من قانون الجمارك يخضع من حيث العقوبات ذات الطابع الجزائي للعقوبة الأشد التي يتضمنها أحد القانونين أو أحدهما"، وبالتالي تطبيق قاعدة عدم جمع العقوبات المتعلقة بالحبس أي تطبيق قاعدة الوصف الأشد وتطبيق قاعدة جمع العقوبات الجنائية.
2. التعدد الحقيقي:
وهو المنصوص عليه في المادة 33 السالفة الذكر، ومعناه أن يأتي الجاني عدة أفعال مجرمة مستقلة عن بعضها تتوفر لكل منها أركانها الخاصة بها.
وهذا يعني أن مجال التعدد الحقيقي هو التعدد في الأفعال وبالتالي تعدد أوصاف الجرائم كأن يرتكب شخص عدة سرقات في أوقات وأماكن مختلفة دون أن يكون صدر حكم نهائي على المتهم بشأن أي منها، وحكم هذا التعدد هو تطبيق قاعدة عامة وهي القضاء بعقوبة واحدة، واستثناء تطبيق قاعدة ضم العقوبات تنص المادة 34 من قانون العقوبات "في حالة تعدد جنايات أو جنح محالة معا إلى محكمة واحدة فإنه يقضي بعقوبة واحدة سالبة للحرية، ولا يجوز أن تجاوز مدتها الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة الأشد" وتنص المادة 35 "إذا صدرت عدة أحكام سالبة للحرية بسبب تعدد المحاكمات فإن العقوبة الأشد وحدها هي التي تنفذ"، وواضح من هذين النصين أن المشرع الجزائري لا يأخذ بمبدأ ضم العقوبات السالبة للحرية وتطبيقها مجتمعة، بل يعتمد مبدأ القضاء بعقوبة واحدة سالبة للحرية لا يجوز أن تتجاوز مدتها الحد الأقصى المقرر للجريمة الأشد، إلا أنه ترد استثناء في حالات يجوز فيها الضم كما هو وارد في المادة 35/02 والمواد 36، 37، 38 التي تجيز الجمع والتعدد سواء بصفة اختيارية من طرف القاضي أو وجوبية على النحو الآتي:
1. تقرر الفقرة الثانية من المادة 35 أنه إذا كانت العقوبات المحكوم بها من طبيعة واحدة كالحبس، جاز للقاضي بقرار مسبب، الأمر بضمها كلها أو بعضها في نطاق الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد، وهو حكم يقرر تعدد العقوبات بالنسبة للجرائم ذات الطبيعة الواحدة.
2. عقوبات الغرامة يجوز ضمها، لأن المادة 36 تعطي صلاحية عدم ضمها للقاضي إذ تنص "تضم العقوبات المالية ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك بنص صريح".
3. بالنسبة للعقوبات التبعية وتدابير الأمن تضم في الحالة ما إذا تعددت الجنايات أو الجنح وهذا يعني عدم جواز الضم في المخالفات كما تنص على ذلك المادة 37 من قانون العقوبات.
4. تضم العقوبات في مواد المخالفات وجوبا، عملا بحكم المادة 38 من قانون العقوبات.
الفـرع الثالـث: وقف تنفيـذ العقوبـة
لقد نظم المشرع الجزائري وقف تنفيذ العقوبة في قانون الإجراءات الجزائية وتحديدا في المواد من 592 إلى 595، وبالتالي يكون قد خرج عمّا هو مألوف لدى غالبية التشريعات التي نصت عليه في قانون العقوبات، ومن ثم فإن وقف التنفيذ لا يندرج ضمن نظام تخفيف العقوبة، وإنما يلحق تنفيذ العقوبة بعد تقديرها والنطق بها وذلك عن طريق وقفها متى توافرت مجموعة من الشروط والتي سنراها لاحقا.
أولا: سلطـة القاضـي فـي وقف تنفيـذ العقوبـة
إن وقف تنفيذ العقوبة يخضع لسلطة القاضي، فهو متروك لتقديره واختياره وذلك بدليل نص المادة 592 التي تقرر بأنه يجوز للمجالس القضائية وللمحاكم في حالة الحكم بالحبس أو الغرامة إذا لم يكن المحكوم عليه قد سبق الحكم عليه بالحبس لجناية أو جنحة من جرائم القانون، أن تأمر بحكم مسبب بالإيقاف الكلي أو الجزئي لتنفيذ العقوبة الأصلية".
فمن خلال هذه المادة يتضح أن وقف تنفيذ العقوبة هو أمر جوازي بالنسبة للقاضي، وفي ذلك قضت المحكمة العليا: "أن الإستفادة من وقف التنفيذ المنصوص عليه في المادة 592 ليست حقا مكتسبا للمتهم الذي تتوافر فيه الشروط القانونية وإنما هي مكنة جعلها المشرع في متناول القضاة وترك تطبيقها لسلطتهم التقديرية كما أن وقف التنفيذ قد يطال العقوبة الأصلية كلها أو جزء منها إذ يجوز للقاضي طبقا لنص المادة السالفة الذكر أن ينص في حكمه على وقف تنفيذ العقوبة كليا، أو ينص على وقف تنفيذ العقوبة جزئيا ولا يتضح الأمر فيما إذا كان بالإمكان الاختيار في وقف التنفيذ بين الحبس والغرامة في حالة ما إذا قضي بهما معا.
ثانيـا: شـروط الحكـم بوقف تنفيـذ العقوبـة
1- شـروط متعلقـة بالعقوبـة:
حسب المادة 592 دائما وقف التنفيذ يخص فقط العقوبات الأصلية المتمثلة في الحبس أو الغرامة والمقررة للجنح والمخالفات ويترتب على ذلك أنه لا يجوز وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وعقوبة السجن المؤبد والسجن المؤقت أي العقوبات الأصلية المقررة في الجنايات، غير أنه يكون جائزا في الجنايات في حالة واحدة وهي حالة ما إذا قضي في جناية بعقوبة الحبس الجنحية عند وجود ظروف مخففة طبقا للمادة 53 من قانون العقوبات، ويتحقق ذلك في الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت، فالعبرة إذن هي بالعقوبة المحكوم بها والتي يسترط أن تكون أصلية بالحبس أو الغرامة، وبذلك تستبعد أيضا العقوبات التبعية والتكميلية، وكذلك الغرامات التي لا يكون لها طابعا جزائيا.
2. شـروط متعلقـة بالمحكـوم عليـه:
لكي يستفيد المحكوم عليه بالحبس أو الغرامة يشترط أن لا يكون قد سبق الحكم عليه بالحبس لجناية أو جنحة، فإذا سبق وإن ارتكب المحكوم عليه جناية أو جنحة وحكم عليه لأجلها بعقوبة حبس فإنه لن يستفسد من وقف التنفيذ، ويستفاد من ذلك أنه إذا كانت العقوبة السابقة غرامة فقط دون الحبس حتى وإن تعلق الأمر بجناية أو جنحة، فإن ذلك لا يحول دون إفادة المحكوم عليه من وقف التنفيذ، وكذلك الشأن إذا كانت العقوبة السابقة نتيجة ارتكاب مخالفة، كما تسترط المادة 592 أيضا أن تكون الجريمة السابقة المرتكبة من المحكوم عليه من جرائم القانون العام ويترتب على ذلك استبعاد العقوبات السابقة المحكوم بها نتيجة ارتكاب الجرائم السياسية والعسكرية التي لا تؤخذ بعين الاعتبار وبالتالي فهي لا تحول إن وجدت دون استفادة المحكوم عليه من وقف التنفيذ، غير أن وقف تنفيذ العقوبة الذي يستفيد منه المحكوم عليه يبقى دائما معلق على شرط، وهو الشرط المقرر في المادة 593 من قانون الإجراءات الجزائية والتي تنص على أنه "إذا لم يصدر ضد المحكوم عليه بعد ذلك خلال مهلة خمس سنوات من تاريخ الحكم الصادر من المحكمة أو المجلس حكم بعقوبة الحبس أو عقوبة أشد منها ارتكاب جناية أو جنحة اعتبر الحكم بإدانته غير ذي أثر "فيتضح من خلال هذا النص أن وقف التنفيذ يبقى ساريا طالما لم يرتكب المستفيد منه في خلال الخمس سنوات المتواصلة التالية بالعقوبة مع وقف التنفيذ، اعتبارا من يوم صدوره، جناية أو جنحة، عقوبتها الحبس أو عقوبة أشد، فإذا تحقق هذا الشرط اعتبر هذا الحكم الذي قضى بإدانته غير ذي أثر، أما إذا لم يتحقق فإن العقوبة الأولى تنطبق عليه وتنفذ دون الإخلال بتنفيذ العقوبة الثانية الناتجة عن الجناية أو الجنحة المرتكبة أثناء مدة الخمس سنوات المشترطة، كما أنه وطبقا للمادة 595 من نفس القانون فإن المحكوم عليه المستفيد من وقف التنفيذ لا يعفى من المصاريف القضائية أو التعويضات المدنية إذا قضي بها، كما لا يمتد كذلك إلى عدم الأهلية الناتجة عن حكم الإدانة.