بماذا تكون الرقية الشرعية
تبيَّن من الأحاديث السابقة ثبوت الرقية بالقرآن، وخصوصاً فاتحة الكتاب، والمعوِّذات، والدعاء المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والرقية بكلام الله، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -هي أنفع الرقى. وبوّب البخاري : في صحيحه (32) باب: الرُّقى بالقرآن والمعوّذات.
قال الحافظ ابن حجر: " هُوَ مِنْ عَطْف الْخَاصّ عَلَى الْعَامّ ، لأنَّ الْمُرَاد بِالْمُعَوِّذَاتِ سُورَة الْفَلَق وَالنَّاس وَالْإِخْلَاص ... وَهَذَا لا يَدُلّ عَلَى الْمَنْع مِنْ التَّعَوُّذ بِغَيْرِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ ، بَلْ يَدُلّ عَلَى الأوْلَوِيَّة ، وَلاسِيَّمَا مَعَ ثُبُوت التَّعَوُّذ بِغَيْرِهِمَا، وَإِنَّمَا اِجْتَزَأَ بِهِمَا لِمَا اِشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنْ جَوَامِع الاسْتِعَاذَة مِنْ كُلّ مَكْرُوه جُمْلَة وَتَفْصِيلاً" ا.هـ فتح الباري(10/275) تحت حديث(5735).
وقال النووي ::" وَإِنَّمَا رَقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ لِأَنَّهُنَّ جَامِعَات لِلِاسْتِعَاذَةِ مِنْ كُلّ الْمَكْرُوهَات جُمْلَة وَتَفْصِيلًا ، فَفِيهَا الِاسْتِعَاذَة مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ ، فَيَدْخُل فِيهِ كُلّ شَيْء ، وَمِنْ شَرّ النَّفَّاثَات فِي الْعُقَد ، وَمِنْ شَرّ السَّوَاحِر ، وَمِنْ شَرّ الْحَاسِدِينَ ، وَمِنْ شَرّ الْوَسْوَاس الْخَنَّاس" ا.هـ "شرح صحيح مسلم " (7/297) تحت حديث(2192).
وقال ابن القيِّم :: " فالقرآنُ هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يُؤَهل ولا يُوفّق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها؟! فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه، لمن رزقه فهماً في كتابه ". زاد المعاد (4/318).
ويقول : أيضاً بعد أن ذكر شيئاً من المعاني مما اشتملت عليه سورة الفاتحة:"... وَحَقِيقٌ بِسُورَةٍ هَذَا بَعْضُ شَأْنِهَا أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا مِنْ الْأَدْوَاءِ، وَيُرْقَى بِهَا اللّدِيغُ . وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا تَضَمّنَتْهُ الْفَاتِحَةُ مِنْ إخْلَاصِ الْعُبُودِيّةِ وَالثّنَاءِ عَلَى اللّهِ، وَتَفْوِيضِ الْأَمْرِ كُلّهِ إلَيْهِ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ، وَالتّوَكّلِ عَلَيْهِ، وَسُؤَالِهِ مَجَامِعَ النّعَمِ كُلّهَا؛ وَهِيَ الْهِدَايَةُ الّتِي تَجْلِبُ النّعَمَ، وَتَدْفَعُ النّقَمَ، مِنْ أَعْظَمِ الْأَدْوِيَةِ الشّافِيَةِ الْكَافِيَةِ " ا. هـ زاد المعاد(4/162).
ًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً
مِمَّ تكون الرقية الشرعية
تكون الرقية من جميع الأدواء والأمراض الحسّية والمعنويّة، ويدخل في ذلك ما جاءت الأحاديث مصرّحة بالرقية منه؛ كذوات السموم، والعين، والنّملة ـ وهي: قُروح تَخْرُج في الجَنْب ـ، وكلِّ وجع، وتكون من باب التحصين للنفس والأهل والولد، والوقاية من شرِّ كل ذي شرٍّ، عند النوم، وفي سائر الأوقات. ويُرقى من المسِّ والصرْع الشيطاني (التلبُّس) والسحر ، وقد ثبت إمكان وقوع ذلك كله بالكتاب، والسنة الصحيحة، والواقع، وإخبار العلماء الثقات قديماً وحديثاً، ولا ينكره إلاَّ جاهلٌ، أو عقلانيٌّ مكابرٌ.
انتهى