منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - البنيوية
الموضوع: البنيوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-02, 02:33   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse تابع-البنيوية

فوكو والبنيوية الثقافية
جاءت آراء المفكر الفرنسي ميشال فوكو 1926/1984 مثل غيره من رواد ما بعد البنيوية التي يصنف جزء كبير منها تحت تحليلات النظرية البنيوية الكلاسيكية وفي الواقع إن أفكار فوكو جاءت معظمها مندرجة تحت ما يمكن آن نسميه بتحليلات عالم الفكر الإنساني الذي يشمل أفكار تأملية متنوعة وهذا ما تعكسه اهتماماته الأولى كأحد الباحثين التاريخيين آو المهتمين بالتغيرات التي حدثت على انساق وبناءات المعرفة وتصنيفها في المجتمعات البشرية وخاصة خلال المجتمعات الحديثة وعلى أية حال نسعى للإشارة الموجزة إلى إسهامات فوكو في النقاط التالية .
كتابات ما بعد البنيوية المبكرة
يرى الكثير من المحللين لأفكار رواد نظرية ما بعد البنيوية أن تصورات فوكو ترتبط بتحليلات البنيوية ولاسيما مؤلفاته التي تتسم بهذه التحليلات مثل كتابه عن " الجنون والحضارة "1967 ومولد العيادة 1973والنظام الأشياء واركيولوجية المعرفة 1972 فلقد هذه المؤلفات لتعكس مدى اهتمام فوكو بدراسة التغيرات الجوهرية التي حدثت على أنماط الفكر غي أوربا الغربية في الفترات السابقة على المجتمع الحديث كما اهتمت أفكاره بهذه الفترة لدراسة طبيعة وكيفية وتطور وحدوث عملية الفكر الإنساني خلال مراحل التحول للمجتمعات الرأسمالية وكيف اهتم العقل الإنساني بدراسة العلاقات المتداخلة بين الأشياء في العالم الحديث آن هذا التصور التحليلي عند فوكو ويتماثل مع كثير من تحليلات علماء الاجتماع الذين عالجوا كيفية تطور العقل الإنساني وهذا ما ظهر في تحليلات كونت دوركايم ماركس وأيضا تحليلات فيبر.
وفي الواقع آن كتابات فوكو التي يمكن وصفها بالبنيوية الثقافية سعت إلى تطوير الأنثروبولوجي البنيوية التي وضعها العالم الفرنسي ليفي شتراوس و أصبحت جزء أساسيا من التراث العلمي للبنيوية آو لتحليلات أنصار ما بعد البنيوية كما قد توصف كتابات فوكو بأنها محاولة لوضع نظرية ثقافية ابستيمولوجية تلك النظرية التي امتدت جذورها إلى الثقافة الأمريكية أحدثت انقلابا خطيرا في مجال المعرفة الإنسانية آو ما يعرف ابستيمولوجيا العلوم الإنسانية و آن كان هذا النوع من العلوم يرجع نشأته إلى داسة ثقافة التاريخ لان التاريخ كان المصدر الأول لمعرفة كيفية تطور الوجود البشري أنماطه و أساليبه و وعيه وهذا ما جعل في الوقت الحاضر الكثير من العلماء من أمثال فوكو يكرسون جهودهم لوضع مجال جديد من مجالات المعرفة الإنسانية وهو الدراسة التاريخية للثقافة ذلك المجال الذي يرتبط منذ منتصف القرن 20 بتحليلات المدرسة الفرنسية و خاصة عند النظرية البنيوية آو ما بعد البنيوية كما تمثل في كتابات فوكو .
تنظيم الخطاب المؤسساتي
فإن النظرية البنيوية عندما سعت إلى تحليل المعاني والدلالات اللغوية في الخطابات جاءت البنيوية عندما سعت لتحليل مكون النشاط والافعال ووصفها وهذا ما ظهر في نظريات سوسيولوجية اخرى مثل الفينومينولوجيا والاثومينودولوجية التي اهتمت بتحليل المفردات واللغة والمعاني والرموز ووصفها بصورة تسهل من عملية دراستها وتحليلها .
ولكن هذا التأثير امتد إلى نظرية ما بعد البنيوية وظهر على سبيل المثال في تحليلات فوكو ، الذي ركز على تحليل آراء اركيولوجيا المعرفة ، وجعل الخطابات جزء من هذه المعرفة ولا سيما أننا نستخدم لغة الخطاب في الكثير من الكلام والحديث والمناقشة والتعبير اليومي وهذا ما يطلق عليه حديثا تصور ما بعد البنيوية بلغة الخطاب المؤسساتي الذي من خلال تحليله ودراسته والكشف عن جوانب الحياة النظامية التي توجد في المجتمعات الحديثة في نفس الوقت نجد آن فوكو عندما اهتم بدراسة الخطاب المؤسساتي يتحدث عن عالم خارجي آو عن نظام خارج الخطاب الذي يتمثل في بنية المؤسساتية التي ينبثق عنها الخطاب ذاته ،و يعتبر تجسدا لها من ناحية أخرى ،آن الخطاب المؤسساتي يكشف عن مجموعة من علاقات القوى الكامنة فيه و بالطبع آن آراء فوكو استمدها من تصورات نيتشه عن العلاقات بين القوة و المعرفة حيث تصور الأول آن المعرفة ماهية إلا وسيلة لتمدنا بالقوة لفعل أشياء و أنشطة محددة لا يمكن آن تقوم بها دون المعرفة و آن كان فوكو يطور أراء نيتشه و يؤكد على آن المعرفة في حد ذاتها نوع من القوة نمارسها على الآخرين و ذلك من اجل السيطرة عليهم كما و آن القوة لم تعد أداة للتحرير (المتمثلة في المعرفة )بل أضحت أداة للاستعباد .
و بإيجاز سعى فوكو إلى تجسيد المعرفة عند تحليله للخطاب المؤسساتي باعتباره نوع من القوة و من يستطيع آن يمتلك آو ينظم هذه المعرفة يكون قد حصل بذاته على القوة و هنا ما يؤكد عليه عموما في دراسته عن المجتمع الحديث الذي يتكون من العديد من أنماط القوة التي ترتبط بالمعرفة في نفس الوقت اهتم فوكو بدراسة القوة في المجتمعات الحديثة التي تخلق بالضرورة أنماط كثيرة من المقاومة و لذا فان العالم ممتلئ بأنماط متعددة من القوة و المقاومة في نفس الوقت و هذا ما يعتبر في حد ذاته مصدرا للصراع و ذلك من اجل الحصول على القوة و التي حاول فوكو آن يجسدها في أنماط المعرفة المختلفة والتي يعتبر الخطاب المؤسساتي اليومي أحد العناصر التي تتضمن هذه المعرفة و القوة في نفس الوقت و يضرب بذلك بما حدث في فرنسا سنة 1968.
المنهج عند فوكو
ركز أنصار ما بعد البنيوية على التحليل الثقافي للغة والمعاني والمفردات والخطاب المؤسساتي وغير ذلك من تحليلات والذي اختلف نسبيا عن المناهج التحليلية المستعملة ف ي النظريات السوسيولوجية الكبرى . وإن كنا نلاحظ آن منهج نظرية ما بعد البنيوية يماثل العديد من النظريات السوسيولوجية التي ذاع صيتها خلال مرحلة الظهور نظرية ما بعد البنيوية ومن أهم هذه النظريات النظرية الفينومينولوجية والاثنوميتودولوجية كما أشرنا إلى ذلك في بداية اهتمامنا بنظرية ما بعد البنيوية وكما يرى بعض المحللين آن هناك نوعا من التماثل بين منهجية فوكو التي حاولت آن تفسر العالم من خلال اللغة والثقافة والمعرفة وارتباطهما بعناصر وبناءات القوة في المجتمع الحديث وبين نظرية الصراع فلقد أوضحت تحليلات فوكو أنها تقوم على عدد من المقولات أو المفاهيم النظرية التي ترتبط بأفكار ما بعد البنيوية والتي تتمثل في تحليل الخطاب والمعاني والقوة وإن كانت تلك الآراء جاءت على مستوى عال منت التجريد والتحليل الفلسفي الميتافيزيقي شانها شان نظرية الصراع ومحاولتها تفسير حياة الاجتماعية العصرية بأنها حالة من الفقر والصراع المستمر في نفي الوقت حرص فوكو للاعتماد على المنهج الوصفي في دراسته للحياة الاجتماعية وهذا ما تمثل في وصفه لعلاقات ومظاهر القوة ومماثلتها عموما بعلاقات ومظاهر المعرفة وكيفية تطور العلوم الطبيعية والنفسية والقانونية وعموما يمكن آن ننظر إلى الأعمال المنهجية التي اتسمت بها تحليلات فوكو بأنها مناهج وصفية يمكن الاستعانة بها في وصف قواعد العلم التي تقوم على مسلمات ميتا فيزيقية فلسفية بالإضافة إلى ذلك نلاحظ آن فوكو سعى إلى تطوير منهجيته وخاصة في تحليلاته الحديثة لما بعد البنيوية كما جاء في ذلك في كتاباته حول تكوين الخطاب أو المقال الذي اعتمد فيه على الكثير من الخطوات البحثية الواقعية التي تتمثل في تفسير الأشياء وتكوين نماذج وإجراءات المقابلة تلك الخطوات المنهجية التي تسهم في بناء المعرفة والأفكار كما اسماها فوكو ( تشكل العلوم الإنسانية )
تشكل العلوم الإنسانية
يؤكد فوكو آن العلوم الإنسانية لم تتلق أي ميراث من العصر الكلاسيكي لان الأرضية الفكرية لذلك العصر لم تكن قد عرفت بعد مفهوم الإنسان بل لان العلوم الإنسانية ذاتها لم تكن قد ظهرت هي كذلك يقول فوكو" آن أول شئ يمكن ملاحظته هوان العلوم الإنسانية لم تتلق كميراث أي ميدان مرسوم من قبل آو ممسوح ظاهر المعالم في مجمله ولكنه على العكس كان ميدانا بورا ميتا لا حياة فيه..... آن المجال الابستيمولوجي الذي قطعته العلوم الإنسانية لم يخضع للتقادم مسبقا فلا فلسفة ولا خيارا سياسيا آو أخلاقيا ولا علم تجريبي مهما يكن ولا أية ملاحظة للجسد الإنساني ولا أية تحليل للإحساس آو التصور آو الانفعالات صادف شيئا يشبه الإنسان منذ القرن 17ذالك الإنسان لم يكن قد وجد بعد زيادة على آن علوم الحياة واللغة والعمل لم تكن معروفة .هذا الحديث المتنامي " ظهور الإنسان " نستطيع آن ندرجه في نطاق عملية إعادة التوزيع العام لإبستمي العصر الحديث و يرى فوكو آن الانتقال من العصر الكلاسيكي إلى العصر الحديث تم بعد آن فقد العقل الإنساني القدرة على إقامة تلك الروابط التي تؤلف بين عناصره .ومفهوم الطبيعة يشير إلى غياب الإنسان كواقع أولي ملموس ثم بوصفه موضوعا مطروحا على بساط البحث و لكن من الصعوبة بما كان تناوله هذا من جهة و كانت هي شرط لكل معرفة من جهة أخرى فالإنسان في الفكر الكلاسيكي كان يسكن في الطبيعة عن طريق ما يسمى بالطبيعة الجهوية المحدودة اذا الإنسان بوصفه ذاتا و موضوع كل معرفة ممكنة آم يظهر إلا في القرن 19 وكان هذا بحد ذاته من اكبر الثروات التي زعزعت أركان الثقافة الغربية و كان سبب ظهوره هو ذلك التصدع الذي حدث في تنظيم المعرفة الذي يسر لمفكري القرن 19مهمة تعقل الإنسان أي اعتباره ذاتا و موضوعا عن اعتباره طبيعة بشرية فحسب ، و هكذا اتخذ المجال الابستيمولوجي مع هذا الظهور أبعادا ثلاثة بدلا من المسار القديم المتجانس ذي البعد الواحد هذه الأبعاد تعبر عن محاور ابستيمولوجية يلخصها فوكو كالتالي:
1-العلوم الرياضية و الفيزيائية .
2-العلوم (اللغوية و البيولوجية و الاقتصادية ).
3-التفكير الفلسفي .
يقول يتجلى المجال الابستيمولوجي للقرن 19 في أبعاد ثلاثة :
في البعد الأول يمكننا آن نضع العلوم الرياضية و الفيزيائية...
و في الثاني نضع العلوم الأخرى مثل العلوم اللغة و البيولوجيا و الاقتصاد .
آما البعد الثالث يتمثل في التفكير الفلسفي الذي ينشا باعتباره حصيلة تفكير معبر عن الذاتية و الذي يكون مجالا مشتركا مع أبعاد العلوم اللغوية و البيولوجية و الاقتصادية .