خلاصة
يمكننا القول أن اللامدرسيين استطاعوا إلى حد كبير أن يكشفوا على حقيقة الواقع الذي يعشه التعليم المدرسي وما يحمله من سلبيات، إلا أن فكرة البديل التي يطرحها اللامدرسيون طرحة الكثير من الانتقادات والتي نوجز بعضها في النقاط التالية:
1. إن أصحاب الاتجاه اللامدرسي ونخص بالذكر إيلتش وأقرانه، قد نشئوا في الغرب، إلا أن جل عملهم كان في العالم الثالث، وعليه فإن النتائج والخلاصات التي وصلوا إليها لا تحقق تماما، ما حلموا به لمجابهة مشكلات التعليم، وذلك لأن المقدمات التي بنو عليها تصوراتهم ذات جذور واضحة في الحضارة الغربية.
2. (إن إيلتش نفسه ... يعترف بأنه من الصعب على الأقل في الوضع الحالي أن نتصور بوضوح الأشكال المؤسسة التي سوف تأخذها التربية في هذا مجتمع الغد، وحين يدعونا إلى أن نبرهن على (خيال مبدع) في هذا المجال، وحين يتمنى، خوفا من أن نبحث قبل الأوان عن أن نستبدل بالمدرسة بنية ما تلبث حتى تغدو على شاكلتها. قبل أسلوب جديد من العلائق التربوية بين الإنسان وبيئته، أفلا ندرك أن أمنيته هذه محفوفة بالغموض؟)(1).
3. إن البديل الذي يقترحه اللامدرسيون، يجعلنا نتساءل حول مدى قدرته على تلبية مطالب وحاجات الأطفال: كالمعارف الأساسية والتقنيات الفكرية وتعلم القراءة والكتابة، تلك المطالب التي لم يتم إثبات إمكانية الوفاء بها خارج الإطار المدرسي ووفق تدريب منهجي منظم.
4. إن إيلتش لم يضع اعتبارا للخاصية التاريخية المحددة للمدرسة في المجتمعات المختلفة، ويتجاهل أشكال الصراع الاجتماعي المحتدمة حول المدرسة ضمن المجتمع الواحد، وذلك عندما يختار مسائل تعليمية محددة يوجه نقده إليها، إنه ينطلق في دعوته من موقع الدفاع عن القيم الإنسانية وأخصها الحرية الفردية.
5. خلوا الشبكة البديلة من أي تنظيم يهتم بأمور الأطفال، وهذا أمر غير منطقي، فكيف يمكن أن يترك الأطفال هكذا دون وجود من يقوم بتدريبهم وإرشادهم والاهتمام بمتطلباتهم.
6. بعض الأطفال ليس لديهم حافز لتعلم أي شيء، وفي الغالب سوف يقضون أوقاتهم في مساعي غير تعليمية ما لم يجبروا على فعل أي شيء آخر .
7. قد لا يقدر كل الآباء على خلق بيئة موازية للمدرسة أو ربما ليس لديهم الصبر والمهارات المطلوبة لاستثارة فضول الطفل و تشجيعه .
إن هذه بعض الانتقادات التي وجهة إلى أصحاب الاتجاه اللامدرسي وليست كلها، (لكن هذا لا يجعلنا نغض الطرف عن آراء صحيحة كشفت عنها اللامدرسية، وأبرزها ما يمكن الإشارة إليه هنا أن المدرسة قد أثبتت جدارتها في برمجة العقول وتنميط السلوكيات وتوحيد الاستجابات لكل من يتعرض لفعلها التعليمي، وليس هناك أداة تنافس المدرسة في القيام بمثل هذا العمل الذي تحتاجه الأنظمة السياسية الحريصة على بقاء واستمرار التوازنات الاجتماعية القائمة.
والبديل المطروح يلفت نظرنا إلى أهمية إعادة الثقة في الحياة التي نعيشها كل يوم بما تزخر به من مواقف وأدوات وعلاقات لتكون مصدرا رئيسيا لتنمية قدرات الأفراد وإكسابهم المهارات والمعارف)(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
(1) مرجع سبق ذكره، ص 217.
(2) مرجع سبق ذكره، ص 220.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ قائمة المراجع.
1. د. سعيد إسماعيل علي.(فلسفات تربوية معاصرة)، الكويت: عالم المعرفة 198، (يناير 1978م).
2. د. ثناء يوسف العاصي ، دراسات في تطوّر الفكر التربوي، (انترنت).