2008-12-02, 02:04
|
رقم المشاركة : 2
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
|
تابع - الاتجاه اللا مدرسي في التربية
الانتظام الكامل في الدراسة.
(فالنظام المدرسي يقتضي أن يتفرغ التلاميذ تمام للمدرسة، وأن يجيئوا إليها في مواعيد محددة ومنتظمة) (4).فلكي يتمّ التعليم، لا بدّ أن يمارس المدرّس عمله في مكان محدّد، وأن يحضر التلاميذ إليه، وأن يتفرّغوا لعمليّة التعلّم. لقد تحوّل التدريس إلى مهنة مقدّسة، وأصبحت المدارس وسيلة لخلق وظائف للمدرسين، بغض النظر عمّا يعلّمونه لتلاميذهم فعلا، نتيجة لهذا لا يمكن إقامة مجتمع حرّ على أساس تربية تعتمد على النظام المدرسي. إنّ ضمانات الحرّيّة الفرديّة تلغى تماما في علاقة المعلّم مع تلاميذه، وتتزايد سلطة المدرّس ونفوذه وتأثيره، مع إلزام التلاميذ بالحضور والتفرّغ، فهو (يهيمن ويسيطر على تكوين شخصية التلميذ بحيث يصعب تصور أن ينتج هذا شخصية مستقلة حرة يقوم عليها المجتمع الحر)،(1) إذ لا يوجد ما يحمي التلاميذ من سلطة المدرّس، وكذلك يعزل الحضور والتفرّغ التلاميذ عن العالم الخارجي سنوات طويلة.
المناهج التعليمية.
يلزم النظام المدرسيّ التلاميذ بمناهج معيّنة، جانب منها واضح، يتمثّل في تلقينه حضارة المجتمع في رزم، أو تقسيمها لكي تعطى على مراحل، يؤدّي كلّ منها إلى المرحلة التالية. حيث (لابد للطالب إذا أراد الانتقال من صف إلى آخر ومن مرحلة إلى أخرى أن يثبت أنه قد حصلها بنفس التقسيم ونفس الترتيب)(2).
لكن على الجانب الآخر، هناك منهج خفيّ، عبارة عن (كما كبيرا من القيم والمفاهيم والمعارف والاتجاهات التي تبث في التلاميذ من خلال الممارسات اليومية بطريقة غير مباشرة(3). هذا المنهج الخفيّ أصبح نمطا دوليّا تلتزم به المدارس في الدول المتقدّمة والمتخلّفة، الغنيّة والفقيرة، الديمقراطيّة والدكتاتوريّة.
فالبرنامج المدرسيّ يعدّ على أساس من معايير موضوعة سلفا. ودور المدرسة يتمثّل في قولبة الأفراد. والتعليم المدرسيّ لا يسمح للإنسان إلا بالتفكير في الحدود التي وضعت له ومارسها أثناء الدراسة.
إنّ متطلّبات البرامج المدرسيّة يرتبط تحقيقها بتوفّر أوضاع اقتصاديّة واجتماعيّة معيّنة لا تعرفها عادة إلا الأسر الغنيّة. ومعنى هذا أنّ المدرسة تؤكّد التفاوت الطبقيّ بدلا من مقاومته.
لقد تحوّلت المدرسة إلى أداة للقهر، بعد أن كانت أداة للتحرّر، وأصبحت سببا لامتهان الكرامة، بدلا من أن تكون دافعا للشعور بالعزّة. إنّها مثير للضعف وليست عاملا للسلام الاجتماعي، تُسبّب غربة الإنسان في عمليّة التعلّم، وغربته في المجتمع.
وهي تشجّع على التطلّعات والاستهلاك، ومتحيّزة ضدّ الفقراء، حيث تستفيد قلّة ممتازة من جهد وإنفاق الغالبيّة. إنّها تسلب الفرد القدرة على النموّ والتعلّم الذاتيين.
هذه هي المدرسة كما يراها (إيفان إيلتش)، فهي إحدى المؤسسات التي تخدم فئات قليلة، بينما يصرف عليها جانب كبير من إمكانات المجتمع الماديّة.
ــــــــــــــــ
(1) مرجع سبق ذكره، ص 209.
(2) مرجع سبق ذكره، ص 209.
(3) مرجع سبق ذكره، ص 210.
(4) مرجع سبق ذكره، ص 209.
|
|
|